راجستان الهندية تحتضن أكبر معرض للجمال في العالم

يجتمع فيه تجار الماشية والبائعون والموسيقيون

تمتلئ الرقعة الشاسعة من الرمال الجافة لأرض المعرض بآلاف الإبل المزينة بزخارف ملونة وسروج مطرزة بشكل جميل ومرصعة بالمرايا
TT

تم بيع وشراء أكثر من 50000 جمل بعد استعراض مميزاتها وأشكالها الجميلة وما تستطيع القيام به من حيل في أكبر معرض للجمال في العالم، والذي أقيم في بلدة بوشكار الصغيرة بولاية راجستان الملكية الواقعة في غرب الهند.

وتستضيف بوشكار، وهي بلدة صغيرة تقع على حافة صحراء راجستان، لمدة خمسة أيام من كل عام، الآلاف من القرويين والتجار وتجار الإبل، الذين يقيمون مخيما للقيام بعمليات الشراء والبيع والمقايضة، أو الاحتفال ببساطة بإقامة سباقات للجمال وأداء الفقرات المسرحية المنوعة في الهواء الطلق.

وفي هذا المعرض يتنقل أكثر من 50000 جمل وبضعة آلاف من رؤوس الماشية بين أيادي التجار، بينما يقوم الموسيقيون المتجولون، وسحرة الثعابين، والباعة الجائلون هم أيضا بنشاط تجاري كبير، حيث يتراوح ثمن الجمل الجيد من 3500 دولار إلى 4000 دولار.

ويعد معرض بوشكار أكبر معرض قبلي في الهند، حيث يجتمع فيه تجار الماشية والبائعون والموسيقيون، فهو معرض غني بالألوان والحياة، مما يجعله أشبه بالجنة المغبرة بالنسبة لأي مصور - بل لأي زائر - في ولاية راجستان الهندية.

وتمتلئ الرقعة الشاسعة من الرمال الجافة لأرض المعرض بآلاف الإبل المزينة بزخارف ملونة والتي تردي سروج مطرزة بشكل جميل ومرصعة بالمرايا. وهناك الكثير من المساومات التي تجري خلال عملية تداول الجمال في أكبر سوق للإبل في العالم سواء بشأن الجمال الجديدة أو القديمة.

وقد خيم الآلاف من سكان الريف خارج أرض المعرض لمدة خمسة أيام، من دون أن يكون بحوزتهم في أغلب الأحيان سوى أسرة من الحبال وبضعة ألحفة مبطنة وعدد من أواني الطهي وعلب البسكويت. وقد وافق الكثير منهم على الوقوف لالتقاط صور لهم مكتفين بفرحتهم برؤية صورهم الرقمية، في الوقت الذي كان يجوب فيه غيرهم من سحرة الثعابين، وراقصي السادهو والموسيقيين المتجولين أرض المعرض بحثا عن شخصا يستطيعون استغلاله.

وترتدي المرأة القبلية في هذا الحدث الذي يبهرها ما تشاهده فيه من تطور حضاري، كامل زينتها، من أساور، وعقود المرجان والفيروز والعظام والفضة والبلاستيك والزجاج الملون والعقيق، والمجوهرات المصنوعة من الذهب والفضة، وخواتم الأنف، والأقراط والخلاخيل.

ولم يكن الرجال أقل إثارة للاهتمام هنا من النساء بشواربهم ذات الحجم العملاق ولحاهم ذات الأشكال والتصاميم الفريدة، بينما يرتدي الرجال الراجستانيون العمائم الفضفاضة الضخمة ذات الألوان المتماثلة، حيث تتدرج ألوانها بين البرتقالي الفاتح، والأصفر الكناري، الأرجواني القاتم، والوردي المرجاني.

وتجذب فقرات معرض بوشكار المتنوعة، والتي تتضمن ربط العمائم والحناء ومسابقات الزفاف والرقص الشعبي والعروض البهلوانية وعروض الدمى، نحو 200000 زائر للمعرض في كل عام.

وبينما يقوم الرجال بشراء وبيع مواشيهم، التي تشمل الإبل، والأبقار والأغنام والماعز وخيول «الميرواري» الأصيلة، تقوم النساء الشرسة ذوات البشرة السمراء بلون البندق ببيع السكاكين ورؤوس الفؤوس وأواني وقدور الطهي، ويقف الخزافون بجوار بضاعتهم من أكوام الأوعية الفخارية، وتقوم النساء الجرجاريات القبليات ببيع حليب الإبل واللبن الرائب من الأواني النحاسية اللامعة التي يحملونها على رؤوسهم.

وكانت بوشكار في القرون الماضية تسيطر على مفترق طرق يقع على أهم الطرق التجارية الكبرى، عندما كانت القوافل تستغرق عدة شهور في السفر لمختلف أنحاء آسيا. وبحلول القرن السادس عشر، نشأت سوق للإبل في بوشكار، وهو السوق الذي ما زال ينمو بقوة حتى الآن.

وعندما يخرج الرحال في الصباح الباكر غائمي العينين يجدون في استقبالهم اللوحات الإعلانية والعلامات الإرشادية المكتوبة ليس فقط باللغة الإنجليزية ولكن في كثير من الأحيان باللغة العبرية والألمانية والكورية.

وتنتمي أغلب الأكلات التي تقدمها المطاعم في بوشكار إلى نوعية فطيرة الموز، حيث يحظر في بوشكار تناول الكحول والطعام غير النباتي، فهذه البلدة التي تعد مقصدا سياحيا تشتهر أيضا بكونها أرض الإله الهندوسي «براهما».

ويأتي السياح من مختلف أنحاء العالم هنا لشراء المشغولات اليدوية والمشاركة في سباقات الإبل والرقص والدراما والموسيقى. ويجتذب هذا المهرجان الثقافي الفريد وهذا الخليط من الاحتفالات كل المصطافين الدوليين والمحليين للبلدة، مما يحولها من بلدة هادئة ساكنة إلى قرية عالمية، حيث يحتشد الآلاف من السياح الأجانب والمحليين في شوارع المدينة، وتتحول ممرات وحواري بوشكار الضيقة إلى أسواق مؤقتة، يبيع فيها التجار الريفيون بضاعتهم من المصنوعات اليدوية والملابس واللوحات.

وقال لاكنلال، الذي يبيع لوحات لبينك فلويد والمهاتما غاندي: «إن منتجاتنا تحظى بشعبية كبيرة بين الزائرين».

وكان الآلاف من السياح الريفيين مشغولين بشراء المستلزمات المنزلية الموجودة في المعرض، حيث قال بدريشي جاجار، وهو من سكان مدينة بالانبور: «في هذا الوقت من السنة نشتري الأشياء اللازمة لموسم الزواج المقبل».

وقد جذب العرض الديني المسمى بالـ«السير الروحاني» الأنظار في المهرجان. ورفع كل الأشخاص من مختلف الأديان سواء الهندوسية أو الإسلام أو السيخ أو المسيحية وحتى من جنسيات أخرى مثل الكوريين والإنجليز والأستراليين والأميركيين والصينيين واليابانيين أعلامهم كل بحسب دينه. لقد كان مكانا مثاليا لمشاهدة التناغم بين الأديان. يوجد لبلدة بوشكار التي أغلب سكانها من الهندوس نائب مسلم في مجلس الولاية وهو امرأة. وتتمتع المدينة بتاريخ طويل من التناغم والتعايش. هام الكثير من المسابقات المتميزة المرحة مهرجان بوشكار. تم تنظيم سباقات الماشية والجمال لإمتاع السياح الأجانب والسكان المحليين. هناك أيضا سباقات خيول وسباقات لتجميل الجمال. ويحظى كل زائري مهرجان بوشكار للجمال بفرصة للاستمتاع برحلات السفاري على ظهر الجمال. ويمكنه التمتع بالمشهد الرائع لامتداد الصحراء الشاسعة من خلال القيام بجولة على ظهر الجمال. يساعد القيام بهذا على اكتشاف المشاهد الساحرة للجبال والصخور في الصحراء الهندية الكبرى. وتستخدم الجمال كوسيلة للنقل تحمل الزائرين عبر الرمال الذهبية الممتدة مما يساعد على اكتشاف سحر الصحراء. هناك أيس كريم مصنوع من لبن الجمال كما تباع في المهرجان المنتجات المكونة أساسا من شعر ودهن الجمال وأجزاء أخرى مثل الصابون وطارد الناموس والكعك الساخن.