اللبنانيون يتلقون نبأ خسارة مغارة جعيتا برسائل إلكترونية طريفة

بلدية جعيتا تحمل صاحب الشركة المستثمرة للمغارة مسؤولية خيبة الأمل

مغارة جعيتا «الشرق الأوسط» البلدية قد رفعت يافطة على مدخل المغارة كتب عليها «جعيتا صارت عجيبة ولأهلها قريبة»
TT

ما إن أشارت عقارب الساعة مساء الجمعة إلى التاسعة، حتى تسمر اللبنانيون أمام شاشات التلفزيون وأجهزة الكومبيوتر منتظرين إعلان نتيجة المسابقة العالمية لعجائب الدنيا الطبيعية السبع الجديدة، وليقفوا على المركز الذي احتلته مغارة جعيتا منها، إلا أن الصمت التام كان سيد الموقف في تلك اللحظات، على الرغم من الوعود التي قطعتها غالبية المحطات التلفزيونية بنقل النتيجة مباشرة على الهواء من موقع المغارة، واكتفى تلفزيون لبنان الرسمي بنقل استمر لدقائق قليلة أعلن فيه د. نبيل حداد، مدير شركة «ماباس» المستثمرة للمغارة عن الخسارة. أما موقع المسابقة الإلكتروني «سفن واندرز»، فقد أعلن النتيجة في التاسعة وسبع دقائق، التي فاز بها كل من الأمازون وخليج هالونغ وشلالات اغوازو وجزيرة جيجو وكومودور ونهر بويورتو برنسيسا تحت الأرض وجبل الطاولة، غائبا عنها غيابا كاملا أي بلد من الشرق الأوسط.

وما إن تسربت النتيجة إلى مسامع اللبنانيين حتى انتشرت الرسائل الإلكترونية الطريفة التي تداولونها فيما بينهم لتشكل أسرع وسيلة تواصل يتبادلونها لإعلان الخبر، وعلى طريقتهم، فخففت من وطأة الخسارة عليهم ورسمت الابتسامة على ثغر قارئها كالتي تقول: «أرسل عبارة (اكلنا الضرب) على الرقم 1070» أو «سماع دوي انفجار في غابة الأمازون وأخبار تؤكد ضلوع حزب الله في الموضوع»، أو «خبر عاجل مفاده: بسبب خسارة جعيتا سوف يزال الفتوش من لائحة الطعام اللبنانية»، في إشارة إلى تحميل الوزير الأسبق نقولا فتوش مسؤولية الخسارة، لأنه كان يشغل منصب وزير السياحة عندما وقّع على إعطاء حق استثمار المغارة لنبيل حداد، الذي تؤكد بلدية جعيتا أن الخسارة تقع على عاتقه. أو الرسالة التي تصور مغارة جعيتا تتكلم، وتقول: «انتم اللبنانيون دائما خاسرين شو وقفت علي؟».

وما إن أعلنت النتيجة حتى راحت شريحة من اللبنانيين تؤكد توقعها المسبق للخسارة، خصوصا أن التعداد السكاني للبنان لا يشكل 1 في المائة من تعداد سكان الصين أو البرازيل الداخلتين في المسابقة، معتبرين أن القصة من أولها «مش ظابطة» لأن النتيجة ترتكز على التصويت، وهو أمر غير عادل بالنسبة لأي مسابقة من هذا النوع، التي يجب، حسب رأيهم، أن تتم حسب أهمية الموقع وأن تشرف عليها لجنة مختصة في علم التاريخ والآثار. وكان عدد من اللبنانيين قدموا وعودا ونذورات فيما لو فازت مغارة جعيتا في المسابقة، كتلك التي وعد فيها المطرب راغب علامة محبيه بإحياء حفلة غنائية مجانية في جعيتا مع بعض زملائه احتفاء بالفوز، بينما كان إعلان تلفزيوني عرض على شاشات التلفزيون ظهرت فيه شخصيات سياسية وأخرى فنية تعد اللبنانيين بقيامها بأعمال غير منتظرة منهم، وتكون بمثابة عجيبة حقيقية فيما لو فازت المغارة، كالتي قال فيها النائب د.عاطف مجدلاني، الذي ينتمي إلى فريق 14 آذار السياسي أنه مستعد أن يرتدي ربطة عنق برتقالية لمدة ثلاث دقائق (وهو اللون الذي يرمز إلى حزب الإصلاح والتغيير منافسه) أو الوعد الذي قطعه النائب آلان عون (من فريق 8 آذار) بأنه سيشارك في ماراثون بيروت ليربح النائب ستريدا جعجع، بعد أن خسر أمامها في الماراثون الماضي، ويختم الإعلان بوعد تقدّم به الممثل طوني أبو جودة استعداده لتقبيل بقرة على الطريقة الفرنسية (French kiss) إذا ما فازت مغارة جعيتا. واستفاق اللبنانيون في اليوم التالي لإعلان النتيجة ليكتشفوا أن بلدية جعيتا تحمّل د.نبيل حداد صاحب الشركة المستثمرة للمغارة مسؤولية الخسارة، معتبرة أن تقصيره في المساهمة المالية للحملة الترويجية للتصويت، وانفراده في اتخاذ القرارات الخاصة بها، إضافة إلى محاربته للبلدية وأعضائها بشكل لافت، وعدم إعطاء الدولة اللبنانية والبلدية حقهما اللازم من الربح الوفير الذي يحققه من استثماره لها كلها أسباب وقفت وراء إضعاف ميزانية الحملة وخسارة المغارة في المسابقة.

وأشار رئيس بلدية جعيتا، سمير بارود، في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن البلدية بصدد القيام بخطوات جدية ورسمية لإيقاف الرخصة المعطاة لمستثمر المغارة، وحرمانه منها، بعد أن أصبح كل من رئيس الجمهورية اللبنانية، ميشال سليمان، ورئيس الحكومة، نجيب ميقاتي، ووزير السياحة، فادي عبود، على علم مباشر بالتجاوزات التي يرتكبها د. نبيل حداد في حقي الدولة والبلدية منصبا نفسه حاكم المغارة وصاحبها، وأشار إلى أن موعد انتهاء صلاحية الرخصة هو في عام 2013، ولكنهم سيبذلون جهدهم للتخلص منها قبل ذلك الموعد، موضحا أنهم تريثوا في أخذ هذه الإجراءات ريثما تنتهي همروجة التصويت للمغارة، ولكي لا يقال إنهم وضعوا العصا في طريق المغارة وتسببوا في خسارتها.

وكانت البلدية قد رفعت يافطة على مدخل المغارة كتب عليها «جعيتا صارت عجيبة ولأهلها قريبة»، في إشارة منهم إلى قرب استعادتهم لاستثمارها لأن أهل بلدة جعيتا لهم الأحقية في هذا الموضوع. وشرح رئيس البلدية سمير بارود قائلا: «إن أرباح الشركة المستثمرة تفوق الستة ملايين دولار سنويا إذ يتراوح عدد زوار المغارة ما بين الـ500 والـ600 ألف شخص كل عام، وأن سعر بطاقة الدخول يبلغ 18150 ليرة لبنانية يعود منها للبلدية 305 ليرات لبنانية وللدولة 3150 ليرة لبنانية و1650 ليرة لبنانية كضريبة، مما يعني أن ربح الشركة الخاص يصل إلى 13000 ليرة لبنانية، وهو رقم كبير لا تستفيد منه الدولة أو البلدية، بل يعود إلى الشركة، وهو الأمر الذي يؤثر سلبا علينا ولا يساعدنا في تطوير شبكة الطرقات التي تؤدي إلى المغارة ولا إلى إنعاش بلدة جعيتا ولا جيب الدولة التي بإمكانها أن تساعدنا في تحسين هذا الموقع الأثري العجيب وجعله قبلة عدد أكبر من الزوار. وأشار إلى أن سعر تكلفة التصويت «10 سنتات» عبر الرسائل الإلكترونية على الرقم 1070 الذي كانت قد وضعته وزارة الاتصالات اللبنانية في خدمة المغارة يعود كاملا إلى الشركة المنظمة للمسابقة، ولم تستفد منه الدولة اللبنانية أو أي جهة أخرى بتاتا.

أما نائب رئيس البلدية بشارة يوسف، فأكد لـ«الشرق الأوسط» أن بلدية جعيتا لن تتوقف عند هذه النتيجة، بل ستستمر في دخول مسابقات مشابهة أخرى تحمل بشكل أكبر طابع الجدية والرسمية، كتلك التي تشرف عليها منظمة اليونيسكو لافتا إلى أن الناحية الإيجابية الوحيدة التي حققتها المغارة من هذه المسابقة تكمن في إذاعة صيتها في العالم أجمع، واندراجها في لائحة المواقع المرشحة لنيل لقب العجائب الطبيعية، إلى جانب مواقع أخرى عالمية.

وقال: «لا الدولة اللبنانية ولا بلدية جعيتا قصّرتا في الحملة التي أقيمت في هذا الصدد، وهذا التجديد غير الشرعي الذي حصلت عليه شركة (ماباس) عام 2006 تقدمنا بالطعن فيه لدى مجلس شورى الدولة، وسنقوم بخطوات أخرى مشابهة في الأيام المقبلة علّنا نصل إلى شاطئ الخلاص». ولعل فوز المنتخب الرياضي اللبناني لكرة القدم على الفريق الكويتي بنتيجة 1 - صفر شكل الفرحة الوحيدة للبنانيين في هذا اليوم، إذ سمعت أصوات المفرقعات والألعاب النارية في العاصمة عند وصول المنتخب إلى مطار بيروت، واعتقد اللبنانيون للوهلة الأولى أن سببها فوز مغارة جعيتا، ثم ما لبثوا أن علموا بحقيقة الأمر مما خفف إلى حد ما عنهم وطأة الخسارة التي شهدتها مغارة جعيتا.