بعد 18 عاما من الانتظار.. الحكومة العراقية توافق على دفن أميرة هندية في كربلاء

زوجة آخر حكام ولاية رامبور الأميرية تحقق أمنيتها

سكينة أوز زماني زوجة آخر حاكم من النواب مرتضى علي عام 1993
TT

ربما يبدو أمرا منافيا للمعقول ولا يمكن تصديقه، لكنه حقيقي. طوال 18 عاما، ظل جثمان زوجة آخر حكام ولاية رامبور الأميرية سابقا في الهند بانتظار أن يتم دفنها في كربلاء. فقد تم حفظ جسدها عن طريق تحنيطه باستخدام خشب الصندل والكافور والزيوت والأعشاب العطرية والحناء، ثم وضع في تابوت معلق على ارتفاع قدمين من الأرض بواسطة سلسلة حديدية في قصر أسرتها، «كوثي خاس باغ»، في رامبور منذ ذلك الحين.

وقبل مجيء البريطانيين، كان يحكم رامبور النواب. وقد توفيت الأميرة، سكينة أوز زماني، زوجة آخر حاكم من النواب، مرتضى علي، في عام 1993، وكانت آخر أمنياتها التي ذكرتها في وصيتها هي أن تدفن في كربلاء في العراق إلى جانب زوجها.

ولدى أفراد الأسرة الملكية في رامبور، المتحدرين من قبائل الروهيلا الأفغانية (الذين شكلوا في فترة من الفترات أحد أكبر مجتمعات المشتتين من البشتون في الهند)، جثامين للعديد من أفراد الأسرة الآخرين، من بينهم زوج زماني، الذي نقل إلى كربلاء ليدفن هناك. وامتلك أفراد الأسرة المالكة في رامبور مدفنا في كربلاء. وعند وفاته في عام 1966، ترك نواب مرتضى علي تعليمات بدفنه في كربلاء في العراق، وهي خطوة لم تتحقق إلا بعد عامين من إجراء مفاوضات مكثفة بين الحكومة الهندية والحكومة العراقية في ذلك الوقت.

ويقول منصور خان، أحد أقارب الأسرة المالكة، إنه في الماضي دائما ما سارت الأمور بسلاسة أيضا، ولم يشك أحد في أنه سيكون هناك أي اختلاف في حالة بيغوم. «وبحسب رغبة بيغوم الراحلة، دفن جثمانها في كربلاء. لكن الحكومات العراقية (المتعاقبة) أبقت الطلب معلقا. ومن ثم، بقي جثمانها محفوظا طوال الثمانية عشر عاما الماضية»، هكذا تحدث. ورفض التعليق على كيف ومتى ستقام جنازة الفقيدة. وأضاف أن إدارة ولاية رامبور قد تم إخطارها مؤخرا من قبل السفارة العراقية بأن الحكومة العراقية مستعدة لتقديم تصريح بالدفن.

وعلى الرغم من ذلك، فإن الأسرة بانتظار تصريح من الحكومة الهندية للقيام برحلة السفر. كذلك، هناك بعض العقبات في الحصول على تأشيرات للحاشية التي سوف تجلب جثمان بيغوم الراحلة إلى العراق. ورأى البلاط الملكي أن الحاشية أساسية في ملاحظة البروتوكول الذي تتمتع به سيدة متوفاة من الأسرة المالكة، حتى ولو كانت قد توفيت منذ 18 عاما.

وتلقت إدارة الولاية المحلية رسالة من السفارة العراقية في هذا الشأن تعبيرا عن عدم اعتراضهم على إرسال الجثمان لدفنه في بلدهم. وسعى قاضي الولاية، الدكتور بالكار سينغ، بعد تلقيه الفاكس إلى الحصول على تصريح من الشرطة. «لم نبد أي اعتراض على إرسال الجثمان إلى إدارة الولاية».

«وقد تم إرسال الخطاب إلى قاضي الولاية من جانبنا»، قال شفيق أحمد، نائب مفوض شرطة رامبور. وقال الدكتور بالكار سينغ: «لقد أعطينا الترخيص وأرسلنا جميع المستندات إلى وزارة الشؤون الخارجية. وليس لدينا أي اعتراض على إرسال الجثمان إلى العراق لدفنه هناك».

وطالما بث قصر «كوثي رامبور خاس»، قصر النواب سابقا بهذه العزبة الأميرية الصغيرة التي تبعد 30 كلم عن مراد آباد، مشاعر الرهبة في نفوس السكان المحليين.

وقد أثلجت الموافقة الرسمية من جانب العراق على عملية الدفن صدر الجميع هنا داخل هذه المدينة الصغيرة، التي تضم العديد من الجثامين المختلفة، حيث لا يعلم أحد ماذا كان يمكن أن يحدث لو فتحت الغرفة التي يرقد داخلها الجثمان خلال الثمانية عشر عاما الماضية.

وبعد زواجها من الابن الأكبر لآخر نواب رامبور، مرتضى علي، أنجبت زماني ابنها مراد علي، وهو مواطن أميركي يتنقل بين غويا والولايات المتحدة. وتفضل ابنتها نيخات أبيدي، التي كانت تعيش في باكستان في وقت سابق، دلهي عن رامبور.

وذكر مصدر مطلع في داخل الأسرة أن الابن والابنة لم يكونا مستعدين لنقل جثمان أمهما إلى العراق ليس بسبب التأشيرة أو العراقيل الحكومية. «يبدو الأمر وكأنه منصب على سؤال: من سيتحمل عبء مستحقات الحصول على التصاريح والإجراءات الرسمية (اللوجيستية) ونفقات سير الجنازة؟»، هكذا زعم، مشيرا إلى أنه لم يكن أي منهما مستعدا لتحمل تلك التكاليف.

وقد أدان أحد أفراد الأسرة المالكة، وهو نواب كاظم علي، والذي كان يعمل مشرعا فيما مضى، بشكل معلن الممارسة غير الإسلامية المتمثلة في تأجيل دفن جثمان المتوفى. وقد أوضح تحفظاته على عملية الحفظ الزائفة للجثمان في غرفة محكمة الغلق، والتي يخشى من أن تشكل خطرا يهدد الصحة العامة. وقد أدى البيان إلى تراشق مطول بالألفاظ داخل الأسرة، على الرغم من أنه يبدو أن درجة العداء قد قلت بمرور السنين.

ويقول ظفار حسين خان، أحد المخلصين للأسرة منذ القدم، إن ما يهم هو أن البيغوم ساهيبا ستحقق في نهاية المطاف رغبتها الملحة.

بالمثل، بقي جثمان افتخار فاطمة، التي لفظت أنفاسها الأخيرة عام 1986، في مدينة لاكناو الهندية لمدة عشرين عاما قبل أن تدفن في مدينة كربلاء منذ بضعة أعوام مضت. كان جسدها قد حفظ في غرفة في مدفن مليكة جاهان كابريستان (المدفن الخاص بالملكة جاهان) بانتظار رحلته الأخيرة إلى كربلاء. ولحفظ الجثمان من التحلل يتم استخدام طبقات ثلاثية الأجزاء من القطن والكافور ومسحوق خشب الصندل والحنة. وبعدها، يوضع الصندوق الخشبي داخل صندوق من الفولاذ يتم إغلاقه بإحكام، والذي يحفظ في غرفة يتم إغلاقها أيضا بشكل محكم لمنع دخول الهواء.

وعندما وعد ابن فاطمة، مولانا حميد الحسن، بتنفيذ رغبتها الأخيرة في عام 1986، لم يكن يعرف أن وفاءه بوعده لوالدته على فراش مرضها سيكون مهمة عسيرة على هذا النحو.

ويقول مولانا حميد الحسن إنه كان هناك تقليد متبع داخل أسرة والدته ممثل في دفن جثامين موتاهم في مدينتي كربلاء والنجف؛ «كتبت والدتي وصية أمرت فيها بدفن جثمانها في كربلاء. وكتب والدها ووالدتها وصيتين مماثلتين وتم نقل جثمانيهما إلى العراق لدفنهما»، هكذا يتحدث حميد الحسن.

غير أن هناك كثيرا من أصحاب الحظ التعيس الذين يتم دفن جثامينهم في نهاية المطاف داخل الهند نفسها، بعد سنوات من الانتظار بعد رفض الحكومة العراقية منح تصاريح دفن.