نساء أميركا المحجبات.. من الطاقة النووية إلى رياضة التايكوندو

معرض فوتوغرافي في الشارقة يقدم نماذج للمحجبات الناجحات في الولايات المتحدة

TT

افتتح في الشارقة معرض للصور الفوتوغرافية لمصورة أميركية، توثق عبر عشرات اللوحات حياة المسلمات الأميركيات المحجبات، اللاتي واصلن صعودهن في الحياة الأميركية دون أن يعيقهن ارتداء الحجاب عن تحقيق طموحهن.

ومن بينهن سيدات عملن وما زلن في حقول كالطاقة النووية، وقيادة الشاحنات، وورشات تصليح السيارات، وفي مجال الأعمال والمبيعات، كما أن هناك سيدات لبسن الحجاب وسط الملاعب الرياضية، وحلبات الملاكمة، فكان مثيرا رؤية فتيات محجبات يلعبن التايكوندو، أو الملاكمة، أو غير ذلك.

يحمل معرض الصور الوثائقية اسم «حجابي»، وهو للصحافية والفنانة الأميركية العالمية الشهيرة صدف سيد، وأقيم المعرض تحت رعاية الشيخ الدكتور سلطان القاسمي عضو المجلس الأعلى حاكم الشارقة، في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية، والذي تمتد فعالياته حتى يوم 7 يناير (كانون الثاني) 2012. وافتتحه الشيخ المهندس خالد بن صقر القاسمي عضو المجلس التنفيذي لإمارة الشارقة رئيس دائرة الأشغال العامة.

وتقول المصورة الفنانة صدف سيد إن هذا المعرض يتضمن أعمالا «حازت على إعجاب أهم النقاد الفنيين في العالم»، مضيفة أنها سعيدة أن يعرض للجمهور «هذه الصور التعبيرية في متحف الشارقة للحضارة الإسلامية الذي يستضيف أهم المعارض الفنية الإسلامية التي تحتل مكانة عالية على الساحة الفنية الإسلامية».

وقالت إن معرض «حجابي» يتضمن «صورا تم التقاطها تعبر عن الحياة اليومية للمرأة الأميركية المسلمة المحجبة ولحظات الإحراج التي تعيشها بارتدائها الحجاب، كما تعبر الصور عن الأبعاد والمعوقات والنزاعات التي تعيشها هذه المرأة في مجتمعها المحيط، إضافة إلى الحالات النفسية التي تمر بها في لحظات تحطيم أحلامها».

كما عبرت صدف على أهمية الصور المعروضة وقالت: «يحمل هذا المعرض أهدافا تعريفية تتمثل في مد جسور الحوار بين مجتمعنا الإسلامي عبر فنونه المختلفة والمجتمع الغربي، فضلا عن ذلك فإن هذا المعرض يساهم في التعريف بسماحة الإنسان المسلم ونقل الصورة الواقعية لأخلاق المسلمين والمسلمات، ويعتبر بمثابة منصة تظهر مبادئ التآخي التي يتحلى بها الفكر الإسلامي».

من جانبها قالت منال عطايا مدير عام إدارة متاحف الشارقة إن «معرض (حجابي) يمثل فرصة هامة جدا لتعريف الجمهور بطبيعة الحياة اليومية للمرأة المسلمة المحجبة في المجتمعات المسلمة وغير المسلمة، مع حفاظها على جزء مهم من الطابع والهوية الدينية بارتداء الحجاب. كما وجدنا في هذا المعرض فرصة هامة للتعريف بالعمل الرائع الذي قامت به المصورة لتصوير حياة هؤلاء النساء في صور معبرة تحتم علينا تقدير دور ومساهمات هذه المرأة المسلمة».

يقدم المعرض نماذج ناجحة لسيدات وفتيات اخترن ارتداء الحجاب، ولكن أيضا اخترن أن يصبحن ناجحات ويحققن طموحهن، وهو يعكس مفاهيم خاطئة تعتبر الحجاب معيقا لتقدم المرأة أو مانعا لانخراطها في الحياة العامة، كما أنه ليس بديلا لدورها في تحقيق النجاح.

من بين الصور التي تضمنها المعرض لقطة لسيدة أميركية تسمى زكية محاسة، تعمل قاضية، وتنقل عنها المصورة صدف سيد قولها تخاطب السيدات المحجبات في المجتمعات الغربية: «تذكّرْن، مهما كان منصبكن، أن تحققن طموحكن المهني وتظهرن امتنانكن ببذل أقصى الجهود».

كذلك تتضمن اللوحات لقطة لمهندسة الشبكات ميشيل يم، وهي أم كورية أميركية، وهي تشعر بأن الكثير من الفتيات المسلمات يضعن حدا لأنشطتهن بشكل مبالغ فيه لأنهن يرتدين الحجاب. وقالت للمصورة إن الحجاب «مجرد قطعة قماش، ولن يمنعنا من فعل أي نشاط إذا كان حلالا، فأنا أتزلج وأسبح وأركب الأمواج والدراجة النارية، وأذهب إلى الصالة الرياضية وأعمل وأتسوق، فالحجاب لا يمنعني من الاستمتاع بحياتي».

ومن بين السيدات اللاتي تضمن المعرض لوحات لهن، عائشة صديقي، طبيبة تخدير أطفال في مستشفى الأطفال في مدينة شيكاغو بولاية إلينوي. وبينهن سارة بخش، مهندسة مفاعل نووي، وهي أميركية من أصول باكستانية، وتعمل مهندسة مفاعل نووي في اللجنة التنظيمية النووية بولاية إلينوي الأميركية.

ومن بين اللوحات لقطة لشيلة رزاق، بائعة سيارات لدى شركة «تويوتا» في ولاية إلينوي، ورفيعة عليم، مساعدة محامٍ تبلغ من العمر 57 عاما وتعمل في مدينة إرفين بولاية كاليفورنيا، ورينيه عبد الهادي، وهي لبنانية أميركية تعمل قائدة فريق أول لمبيعات البضائع بالتجزئة في ميشيغان.

كذلك هناك لوحة لشيرين سابت، غواصة وسيدة أعمال، وقد صممت شيرين أثواب السباحة المحتشمة «سبلاش جير». ويتضمن المعرض لوحة لأسماء عازم، وهي سيدة تبلغ 58 عاما، وتعمل مديرة ميكانيكا وسائقة شاحنة منذ 12 عاما.

كذلك ريما نصر الدين، التي تمارس لعبة كرة قدم بحجابها، وتقول: «من المهم جدا وجود متنفس للفتيات للحفاظ على نشاطهن والاستمتاع بممارسة الرياضات المختلفة». ومريم براكش، وهي ملاكمة مقيمة في مدينة أتلانتا، وحائزة على لقب «بطلة الوزن المتوسط» السابق لمنظمة الملاكمة العالمية، إضافة إلى كونها مدربة ملاكمة معروفة، وتقول: «كلفني ارتداء الحجاب في أميركا عملي، ولكنه في المقابل وفّر لي فرص عمل أفضل تتعلق بممارسة الرياضات التي هي شغفي الأكبر في الحياة. ما زلت أعمل على تطهير روحي من خلال اتباع النهج الصحيح وتجنب ارتكاب أخطاء بقدر ما أستطيع». والفتاتان سما وارع، وزميلتها أوريليا كاتب، وهما راكبتا أمواج. ونوشيين يوسف، خبيرة في فن التايكوندو، تبلغ 26 عاما من العمر، وهي هندية أميركية الأصل حصلت على درجة الماجستير في الدراسات الدينية من جامعة بوسطن، وتمارس فن قتال التايكوندو. تقول: «إن الانضباط الذي تعلمته في التايكوندو ساعدني على التركيز أكثر في التدريب الروحاني الذي أسهم بدوره في جعل أدائي أفضل في فنون القتال. وعلمني التايكوندو أيضا أن الصلوات اليومية تُعد تأملا حقيقيا يرتكز على علاقتي بربي». وكارين إنغليش، مؤلفة كتب أطفال، وقد اعتنقت الإسلام عام 1980، وجاء قرارها بارتداء الحجاب ردا على أحداث الحادي عشر من سبتمبر (أيلول)، وتقول: «أردت مؤازرة أخواتي المسلمات اللواتي يُظهرن تفانيهن وحبهن للإسلام».

ومن الصور البارزة نزهت مالك، وهي سيدة محجبة ومنقبة عملت مصففة شعر في صالون مشهور على مستوى الولايات المتحدة الأميركية يُدعى «فانتاستيك سام» في ولاية ميشيغان لمدة خمس سنوات، ثم فتحت صالونا خاص بها في الدور السفلي من المنزل. تقول: «في بدء الأمر كانت النسوة في عائلتي هن زبوناتي الوحيدات، ولكن بعد أن ذاعت شهرة الصالون بدأ الكثير من النساء اللاتي يفضلن الخصوصية بالتردد إلى منزلي، ولدي الآن زبونات يقدمن من خارج الولاية أيضا».

كما يتضمن المعرض لوحات لكاتبات وصحافيات ومخرجات أفلام، وعاملات في مختلف الحقول الإبداعية. ويخرج زائر المعرض بانطباع ذكرته الفنانة الأميركية في مقدمتها للمعرض بالقول: «لقد تبين من الوقت الذي أمضيته في السفر والعمل مع نساء لإخراج كتابي أن هؤلاء النسوة يبعثن الانبهار والاستلهام في النفوس كاللآلئ المخفية في أعماق البحار الزرقاء».