غسان ودينا.. زوجان عربيان يعزفان على عود واحد

شكلا ثنائيا فنيا تكلل بزواج مصري - سوري

غسان اليوسف ودينا عبد الحميد أو «دويتو العود»
TT

غسان اليوسف ودينا عبد الحميد، أو «دويتو العود» كما يطلق عليهما، كونهما أول زوجين عربيين يعزفان على آله موسيقية واحدة هي آلة العود. كانت هذه الآلة سببا في لقاء الثنائي حين تعرفا على بعضهما في «بيت العود» بدار الأوبرا المصرية، ليقررا وقتها العزف سويا على عود واحد كنوع من التغيير، كما أن العود كلل علاقة الزميلين بالزواج؛ حيث وجدا أنهما يتشابهان في الكثير من الأشياء وعلى الرغم من أن غسان سوري الجنسية ودينا مصرية، فإن ذلك لم يكن عائقا أمام نمو روح التفاهم والاتفاق بل وزيادة التقارب الفني بينهما.

يحكي غسان (39 عاما) عن بدايته مع العود، قائلا: «أحببت الموسيقى وعمري 8 سنوات، فكنت أحب الاستماع إلى ألحان مارسيل خليفة وفريد الأطرش، وبدأت أنجذب لآلة العود وتعلمت العزف عليها، ثم التحقت ببيت العود بدار الأوبرا المصرية منذ نحو 11 عاما، وتخرجت فيه كأول سوليست وأول مؤلف موسيقي في آن واحد، وقد قررت أن أحضر إلى مصر لأنها منبع كل الفنون ووجهة كل الموسيقيين الكبار من كل العالم العربي».

أما دينا (30 عاما) فتقول: «كان عمري 9 سنوات عندما بدأت العزف على بيانو في منزلي؛ حيث كنت أعزف كل ما أسمعه من مقطوعات موسيقية، إلا أنني لم أكن أحب هذه الآلة، حتى جاء يوم وشاهدت فريد الأطرش في التلفزيون وهو يعزف إحدى مقطوعاته الشهيرة فقلت لوالدي إن هذه هي الآلة التي أتمنى العزف عليها، وبالفعل توجهت إلى كلية التربية الموسيقية لأدرس الموسيقى إلى جانب دراستي، وأثناء دراستي بالجامعة بدأت التدريس في بيت العود».

وعن سبب اختيارهما العود تحديدا، اتفق الزوجان على أنها آله شرقية أصيلة ومن أكثر الآلات تعبيرا عن سحر الشرق، كذلك فهي مبهرة جدا للجمهور وتتميز بقدرتها على جذبها للإنصات لها بشكل غريب.

تواصل دينا: «كنا ندرس في بيت العود سويا، ومن دون أي مقدمات قررنا أن نعزف سويا على العود كنوع من التغيير عن العزف التقليدي، وقد بدأت الفكرة من قبيل المزاح ليس أكثر، ووجدنا الأمر صعبا جدا في البداية، لكنه ممتع أيضا، واستطعنا بعد 6 أشهر كاملة من التدريب المتواصل أن نبلور الفكرة، وأصبحنا أول ثنائي عربي في العزف على عود واحد، ومن أول مرة قدمنا عزفنا فوجئنا برد فعل لم نتوقعه أبدا من الجمهور، وحتى الآن يطلب منا في أي حفل أن نقدم فقرة ثابتة للعود الواحد، بعد ذلك بدأ الإعجاب بيننا، وبمجرد تخرجي في الجامعة تمت خطبتنا ثم تزوجنا وأكملنا حياتنا».

وعن تجربة العزف على عود واحد يقول غسان إنها مسألة ليست سهلة على الإطلاق؛ حيث تتطلب أن يكون كلا العازفين على درجة عالية من التفاهم والتوافق الفكري والأدائي بما يجعلهما كأنهما روح واحدة.

وعن فكرة إنشاء استوديو خاص بهما في منزلهما، يقول: «قررنا سويا إنشاء استوديو خاص في البيت وذلك حتى نسجل فيه كل أعمالنا ولا نضطر إلى البحث عن استوديوهات خارجية للتدريب، ولأن الموسيقى تحتاج إلى هدوء وتركيز قررت تجهيزه بشكل يلاءم احتياجاتنا».

وعن طبيعة جمهورهما تقول دينا إنهم يفاجأون بأعلام ومشاهير العزف على العود في حفلاتهم، كما أن جمهورهم من كبار السن كثيرون ويطلبون دائما إبلاغهم بمواعيد الحفلات قبل وقت كافٍ حتى يستطيعوا ترتيب أنفسهم، إلى جانب حرص الكثير من الشباب المهتم بالعزف على حضور الحفلات من كل المحافظات المصرية.

ويؤكد غسان: «نحرص على التواصل الدائم مع الجمهور سواء من خلال موقعنا الإلكتروني أو من خلال مواقع التواصل الاجتماعي مثل (فيس بوك)؛ لأننا في الأساس نخاطب الجمهور بالعزف ولا بد أن نكون على اتصال دائم به لتحقيق رغباته ومعرفة آرائهم فيما نقدمه»، مشيرا إلى أنهما أقاما حفلات في أوروبا وسويسرا وفرنسا وتركيا والمغرب والإمارات ولبنان وقطر وغيرها.

وعن أشهر المقطوعات التي يجيدان عزفها تقول دينا إنهما يعزفان سويا كل أغاني التراث العربي والشرقي، بدءا من أغاني أم كلثوم ومحمد عبد الوهاب وفيروز وعبد الحليم حافظ وفريد الأطرش، كما أن لهما مقطوعات خاصة بهما من أشهرها: حوار بالعود، وباقة من أجمل مؤلفات غسان أهمها رقصة «ليالي الشام» و«بيت في حارة».

أما أكثر المقطوعات التي حازت إعجاب الجمهور فكانت مقطوعة «قطار الشرق»، التي تتلاقى فيها الموسيقى العربية بمختلف تنويعاتها؛ حيث يبدأ القطار، بصافرته المميزة، رحلته من بغداد، فنستمع إلى مقطوعة لموسيقى عراقية تخرج من أحد البيوت، وأثناء رحلة القطار يتوقف في عدد من البلاد العربية، التي يتم الاستماع إلى الألحان والمقامات المميزة في كل منها، وتهدف المقطوعة إلى إزالة الحدود بين أقطار العالم العربي، كذلك حازت مقطوعة «حارة الزعفراني» ثناء الجمهور، وقد استوحى غسان موسيقاها من رواية للأديب المصري جمال الغيطاني.

وفيما يتعلق بتأثير حالتهما النفسية والمزاجية على العزف، يؤكد غسان أنه عندما يصل العازف إلى مرحلة الاحتراف لا بد أن يفصل بين أي مشاكل شخصية وبين العزف؛ لأن الجمهور جاء ليستمتع وليس ذنبه أن يرانا في ظروف سيئة، وبالتالي لا نلغي أي حفلة بسبب ظروف خاصة بنا، بل نحاول دائما الانخراط في الحفلات وننحي جانبا أي خلافات أو ظروف شخصية.

كما يوضح «دويتو العود» أن وجودهما في مجال واحد لم يتسبب في أي مشاكل بينهما؛ فأصبح العمل هو أول ما يجمعهما، كما يقوم كل منهما بتشجيع الآخر، ويعتبران أن حبهما للعود هو الحافز والمشجع على تخطي أي صعاب، فعلى الرغم من تعرضهما لصعوبات كثيرة فإنهما مقتنعان تماما أن لديهما موهبة قوية تستحق الاهتمام من الجميع.