رسائل إنسانية بأصوات نجوم لبنانيين وعرب تغزو الساحة الفنية

«بكرا أحلى» و«مش مسموح» و«بالعطاء» أبرزها

الفنانة جوانا ملاح أثناء التمرينات على الأغنيات («الشرق الأوسط»)
TT

موجة من الأغاني ذات الطابع الإنساني تسود اليوم الساحة الفنية، حيث شارك عدد من الفنانين اللبنانيين بأعمال غنائية تناولت معاناة الناس وهموم الطفولة، فحاولوا من خلال أصواتهم إيصال الرسالة الإنسانية الهادفة إلى تحريك مشاعر المشاهد وحثّه على التنبه إلى وضع الإنسان المحروم في خضم مجريات الحياة التي يعيشها.

ولعل الأوبريت الغنائي «بكرا أحلى»، التي شارك فيها فنانون من مختلف العالم العربي، لا سيما لبنان، احتل الحيز الأكبر من هذا النوع من الأعمال التي لطالما افتقدها المواطن العربي في المرحلة الدقيقة التي يمر بها، خصوصا أن أسماء لامعة من نجوم الغناء العربي شاركت فيها، أمثال كاظم الساهر ومروان خوري وصابر الرباعي ولطيفة التونسية ووعد وديانا كرزون وغيرهم من الفنانين الذين جاءوا من قطر وعمان والبحرين ومصر، التي مثلها كل من تامر حسني وشيرين عبد الوهاب. الجميع لبى دعوة منتج العمل الفنان العالمي كوينزي جونز، الذي أراد لهذا العمل أن يكون بمثابة النسخة العربية للأغنية التي سبق أن أنتجها عام 1985 بعنوان «we are the world» التي كتبها يومها كل من الراحل مايكل جاكسون وليونيل ريتشي، وشارك فيها أشهر المغنين العالميين، أمثال راي تشارلز وديانا روس وبيلي جويل وغيرهم، إضافة إلى كاتبيها. أما الهدف من إنتاج الأغنيتين فهو متشابه إلى حد كبير؛ فكلاهما ذات هدف إنساني؛ فالأولى قدّمت ضمن حملة خاصة للحد من المجاعة في أفريقيا، أما الثانية فتم إهداؤها للأطفال العرب بهدف المساهمة في تجميل غدهم؛ إذ يصب ريعها في تمويل برامج تعليمية موجهة للأطفال في مجالات الفنون والموسيقى والثقافة.

كتب الأوبريت الذي شارك في إنتاجه رجل الأعمال الإماراتي، بدر جعفر، المطربة اللبنانية ماجدة الرومي مع الشاعر حبيب يونس، ولحنه المطرب العراقي، كاظم الساهر، فيما أخرجه الشاب مالك العقاد. وكان من المتوقع أن تشارك الرومي باقي الفنانين الغناء، إلا أنها انسحبت في اللحظة الأخيرة. وتعددت أسباب هذا الانسحاب؛ حيث قال البعض إن التغيير الذي قام به القائمون على العمل من ناحية الصيغة الفنية المتفق عليها معها مسبقا، التي، كما تردد، أدرجت أسماء فنانين جديدة لا تتناسب ومستوى العمل هي التي تقف وراء هذه الخطوة. وقيل إن السبب الحقيقي لانسحابها يعود إلى معرفتها لاحقا بأن الأغنية قد تعرض على قنوات تلفزيونية تتعارض والسياسة العربية ككل، وتقول كلماتها: «جايي بكرا نهار جديد نفرح فيه ويفرح فينا نزرع الأرض مواعيد وحب وأمل وين ما مشينا.. وبكرا تجمعنا الأيام على الخير وعالسلام.. يا دنيي سوا سوا سوا منلون الكون بأغانينا».

وفي اتصال مع المطربة السعودية وعد، وصفت لـ«الشرق الأوسط» هذه التجربة بالغنية، كونها جاءت ثمرة عمل لفنانين عالميين وبمقدمهم كوينزي جونز، وأنها وافقت على المشاركة فيه بعدما شرح لها الموسيقي ميشال فاضل (أحد المشاركين في تنظيم العمل) الهدف من القيام به، إلا وهو التعبير بأصواتهم عن غد أفضل، وقد لمست اهتماما كبيرا من قبل منظمي العمل والقائمين عليه. وقالت: «موسيقى الأغنية قديمة وقد وضعها كوينزي جونز لأغنية بعنوان tomorrow منذ عشرين عاما. ولكن الجميل في الموضوع هو تكاتف الفنانين العرب مع بعضهم من أجل تحقيق هدف إنساني بهذا المستوى».

وأضافت: «لقد كنا بحاجة إلى عمل فني مماثل نعبّر فيه عن مساندتنا لأي عمل خيّر يكون بمثابة لمسة حنان نمسح بها دمعة طفل».

أما الأغنية التي تضمنتها الحملة الوطنية لمساندة الأسر الأكثر فقرا، التي قامت بها وزارة الشؤون الاجتماعية في لبنان تحت عنوان «مش مسموح»، فشكلت عملا فنيا ناجحا اعتمدته الحملة لإيصال روح رسالتها الإنسانية البحتة، بطريقة تلفت المواطن اللبناني فيتواصل معها من خلال أصوات مغنين وممثلين وإعلاميين يحبونهم. كتب الأغنية غسان شديد، ولحنها جان بول جلوان، وهي من إعداد وتنفيذ طوني قلعاني، وشارك في غنائها دينا حايك وهشام الحاج وهاني العمري وبريجيت ياغي وجيلبر جلخ وآلين لحود ونقولا الأسطا، إلى جانب الممثلين جورج خباز وورد الخال، والإعلاميين مارسال غانم وسنا نصر وفيني الرومي. وتقول: «ما لازم يبقى عنا فقير وموجوع مش مسموح».. وتختتم بعبارة لمارسال غانم يقول فيها: «أنت بحاجة لأيد تدعمك تسجل اليوم ضمن البرنامج الوطني لمساعدة الأسر الفقيرة».

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» قالت الفنانة دينا حايك المشاركة فيها: «إنها المرة الأولى التي نقوم في لبنان بعمل فني مماثل دعمه رئيس الجمهورية اللبنانية وجهات رسمية أخرى، وبالنسبة لي كان أحد أجمل الأعمال التي قمت بها، خصوصا أن الهدف من هذه الأغنية إنساني بحت بعيد كل البعد عن الأعمال التجارية المتعارف عليها عادة».

أما المغني هاني العمري المشارك أيضا في هذه الأغنية رأى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أن الفنان يلعب دورا بارزا في هذا النوع من الأعمال الفنية الهادفة، باعتباره يمتلك شريحة لا يستهان بها من محبيه الذين يتأثرون بآرائه، ويقول: «في الماضي كان عمالقة الفن في مصر، أمثال أم كلثوم وعبد الحليم حافظ وعبد الوهاب قادرين على هز البلد برمتّه من خلال أغنية وطنية يقومون بها، فلا يجب الاستهانة أبدا بدور الفنان وشعبيته التي يمكن استغلالها في مواضيع تخدم المواطن مباشرة، وتعبر عن معاناته في أي مجال كان».

المطربة جوانا ملّاح اختارت أغنية «بالعطاء»، لتعود من خلالها إلى الساحة الفنية بعد غياب عنها دام لأربع سنوات، وتوجهت فيها إلى العالم أجمع تطالب أهله بالتحرك لاحتضان الطفل المقهور ومساندته، وهي تقول: «هودي قلوب أطفالكن هودي قلوب أولادكن انتو بالأمل بتزرعوا عا وجوهن ضحكاتن بالعطاء.. منودي الضحكة البسمة الفرحة لأبعد مدى بالعطاء القلوب بتشفى لابعد صدى». والأغنية من كلمات رلى الحويك، والحان ماجد أمين، وتوزيع علي صفا.

وتقول جوانا ملاح لـ«الشرق الأوسط» إن إطلاق هذه الأغنية من قبلها جاء بدافع المسؤولية التي شعرت بها كفنانة تجاه المعاناة التي يعيشها أطفال العالم المحرومون، الذين يعانون من الجوع والألم والقهر، ولا سيما أطفال لبنان، معتبرة أن هذا النوع من الأغاني يتطلب الشفافية والبساطة ليلامس الآخرين بسهولة، وأن العمل ككل والصورة التي وضعه فيها مخرجه الكسي الشمالي، أسهمت دون شك في إبراز مشاعرها الحقيقية التي كانت تود أن توصلها بصوتها لأكبر عدد ممكن من الناس، مشيرة إلى أنها بصدد التحضير لعمل إنساني جديد دائما برعاية منظمة «أمسام» العالمية التابعة للأمم المتحدة التي تعنى بالطفولة وتدعمها في شتى المجالات وقالت: «أتمنى أن يحث هذا العمل المهتمين بالقيام بالأعمال الخيرية للتبرع لهؤلاء الأطفال الذين كنت أتمنى لو أملك الملايين لمساعدتهم».