جيمس مردوخ يستقيل من منصبه في مجلسي إدارة لبعض صحف والده البريطانية

لجنة التحقيق في أخلاقيات الصحافة تواصل جلساتها وتستمع لرئيس «فورميولا 1» السابق ومؤلفة «هاري بوتر»

جيمس مردوخ سينتقل للعيش في نيويورك بعيدا عن عين العاصفة (أ.ب)
TT

استقال رئيس شركة «نيوز إنترناشيونال» جيمس مردوخ، الذي يواجه انتقادات حادة بسبب فضيحة التنصت التي بدأت جلسات التحقيق فيها قبل أيام، من مجلسي إدارة لعدد من الصحف التي يملكها والده إمبراطور الإعلام روبرت مردوخ. لكن الابن، الذي كان يعتبر الوريث الأوفر حظا لوالده في قيادة المؤسسة الأم «نيوز كوربوريشن» المدرجة على بورصة نيويورك، ما زال يعمل كرئيس للذراع البريطانية لـ«نيوز إنترناشيونال» وتلفزيون «بي سكاي بي»، مؤسسة البث التي تخلى والده عن صفقة الاستحواذ عليها بسبب فضيحة التنصت. ومع أنه أعيد تأكيده رئيسا لـ«بي سكاي بي» بعد اندلاع الفضيحة، فإن هناك مطالبات للمساهمين بأن يحجبوا عنه الثقة في أقرب فرصة ممكنة.

استقالة مردوخ كانت في سبتمبر (أيلول) الماضي، واتضحت معالمها أول من أمس من خلال عمليات التدقيق التي تخص الشركات والتي تطلب منها أن تدرج في وثائقها أي تغييرات تتم في قيادة الشركة، لدى المؤسسة الحكومية «بيت الشركات». وتعني استقالة جيمس مردوخ أنه تخلى عن موقعه في مجلسي إدارة «نيوز غروب نيوزبيبر» المؤسسة التابعة لـ«نيوز إنترناشيونال» الناشرة لصحف «تايمز» و«صنداي تايمز» و«ذي صن»، و«نيوز غروب» الناشرة لصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» التي توقفت عن النشر إثر اندلاع الفضيحة في يوليو (تموز) الماضي.

وذكرت تقارير بريطانية أن جيمس مردوخ سيترك لندن للعيش في نيويورك قريبا من والده وبعيدا عن «عين العاصفة» التي تتابعها الصحافة البريطانية بشكل يومي بسبب انعقاد لجنة التحقيق في «أخلاقيات الصحافة». وكان جيمس مردوخ قد نفى في ثاني ظهور له أمام لجنة برلمانية بريطانية أي علم له بتفشي التنصت كممارسة للمراسلين العاملين في صحيفة «نيوز أوف ذي وورلد». وكان قد ظهر مع والده في بداية الفضيحة التي نشرت تفاصيلها صحيفة «الغارديان»، ونفى الاثنان أي علم في موضوع التنصت، وقالا إن بعض الأشخاص القليلين جدا مارسوا التنصت ولم يكن ذلك يمثل سياسة الشركة. إلا أنه اضطر إلى الظهور ثانية أمام اللجنة التي اتهمته بأنه ضللها، بعد أن شهد رئيس تحرير الصحيفة السابق ومحامي الشركة بأنه كان على علم بالموضوع. وقال مردوخ إن اثنين من الرؤساء التنفيذيين السابقين في الصحيفة ضللا اللجنة البرلمانية التي كانت تحقق في الفضيحة.

وقال مردوخ لأعضاء لجنة الثقافة والإعلام والرياضة بمجلس العموم حيث قدم شهادته في 10 نوفمبر (تشرين الثاني) الحالي «أعتقد أن هذه اللجنة أعطيت أدلة من قبل أفراد، إما غير مطلعين على الحقائق كاملة أو كما تبين لي خلال بحثي في الأمر.. المسألة كانت اقتصادية». وكان مردوخ يشير إلى رئيس التحرير السابق لصحيفة «نيوز أوف ذي وورلد» كولين ميلر، ورئيس القسم القانوني توم كرون، اللذين ذكرا أن مردوخ كان على علم منذ عام 2008 بأن عملية التنصت على الهواتف لم تكن مقصورة على صحافي واحد في الصحيفة. وأضاف مردوخ «الشهادة التي أدليا بها أمامكم عام 2011 في ما يتعلق بمعرفتي (بالأمر)، أعتقد أنها كانت متضاربة وغير صحيحة وأنا أشكك فيها بشدة».

ورد النائب توم واتسون «السيد مردوخ أنت أول زعيم مافيا في التاريخ لا يعلم أنه يدير مشروعا إجراميا». وواصل واتسون حديثه حيث أشار إلى أن «نيوز أوف ذي وورلد» كانت تعمل بميثاق أشبه بميثاق الصمت المعروف بـ«مؤامرة الصمت» لدى المافيا، وهو اتهام قال مردوخ إنه «عدائي وليس حقيقيا». وقال مردوخ «سيد واتسون من فضلك.. أعتقد أن (ما تقوله) هذا غير ملائم». وأشار واتسون عقب جلسة الاستماع إلى أن احتمال عدم دراية مردوخ بحجم ممارسات التنصت بالصحيفة، وارد.. «مقبول أنه لم يكن يعرف.. لكن إذا لم يكن على دراية بما يحدث فهذا يعني أنه لم يكن يسأل الأسئلة التي ينبغي أن يسألها أي رئيس تنفيذي.. إما أنه لم يكن يقوم بمهام وظيفته كما ينبغي أن يفعل أي رئيس تنفيذي بالشركة، أو أنه لم يكن يعرف».

كان مردوخ وافق عام 2008 على سداد 700 ألف جنيه إسترليني (مليون دولار) مع مدير كرة القدم غوردن تايلور، أحد ضحايا فضيحة التنصت، والذي كان يمتلك رسالة إلكترونية تثبت أن التنصت كان متفشيا في «نيوز أوف ذي وورلد». وقال ميلر وكرون الرئيسان التنفيذيان لـ«نيوز أوف ذي وورلد» للجنة التحقيق إنهما كانا أبلغا مردوخ بأمر الرسالة الإلكترونية لبحث مسألة دفع نقود لتيلور.

ومن جانب آخر، تواصلت جلسات لجنة التحقيق أمس، والتي قد تمتد إلى نهاية العام المقبل قبل تقديم توصياتها. وبعد الشهادة التي أدلى بها الممثل هيو غرانت، الذي وصف أساليب القرصنة على الهواتف التي استخدمتها قطاعات من الصحافة الشعبية في بريطانيا بأنها «سامة»، جاء دور والدي الطفلة المفقودة مادلين مكان.

وقال جيري وكيت مكان إن «التوقعات والمعلومات المغلوطة» التي كانت تنشر من آن لآخر حول القضية عقب اختفاء مادلين خلال عطلة في البرتغال في مايو (أيار) 2007 «لم تكن مفيدة». إلا أن الزوجين «شكرا الإعلام» على نشر المناشدات للعثور على الطفلة، وعلى الإعلان عن صندوق ساعد على تمويل عملية البحث. ولم يتم العثور إلى الآن على مادلين التي كانت في الرابعة من عمرها عندما اختفت. وقال جيري مكان إنه يجب تفعيل نظام لحماية الأشخاص العاديين من الدمار الذي يسببه لهم تطفل وسائل الإعلام ونشر أخبار غير حقيقية.

كما استمعت اللجنة أمس الخميس لأقوال جيه كيه رولينغ مؤلفة سلسلة «هاري بوتر»، ورئيس الاتحاد الدولي للسيارات مدير سباقات «فورميولا1» ماكس موزلي. وكانت إحدى محاكم العاصمة الفرنسية قد أمرت مجموعة مردوخ بسداد غرامة قدرها عشرة آلاف يورو لنشرها صورا فوتوغرافية لموزلي (71 عاما) حول قيامه بتصرفات جنسية سادية مع خمس نساء في ناد خاص. كما أمرت المحكمة المجموعة بسداد سبعة آلاف يورو لموزلي وخمسة عشر ألف يورو تكاليف دعوى قضائية. وكان موزلي طلب تعويضا بقيمة مائتي ألف يورو عن الأضرار التي لحقت به.

تعود جذور القضية إلى مارس (آذار) عام 2008، عندما نشرت «نيوز أوف ذي وورلد» صورا لموزلي برفقة النساء على صفحتها الأولى تحت عنوان «مدير فورميولا1 يقيم حفل عربدة نازيا مع خمس عاهرات». وكان موزلي، نجل أوزوالد موزلي مؤسس الحركة النازية البريطانية في ثلاثينات القرن الماضي، أجبر على التنحي عن منصبه كمدير لسباقات «فورميولا1»، لكنه تشبث بالمنصب حتى عام 2009.

وكانت محكمة لندن العليا حكمت لصالح موزلي بستين ألف جنيه إسترليني (98 ألف دولار) تعويضا عن الأضرار التي لحقت به بعد أن خلصت إلى أن «نيوز أوف ذي وورلد» انتهكت خصوصيته، وأنه لم يكن هناك من مبرر لنشر الصور والتقرير على الصفحة الأولى. بعدها أحال موزلي قضيته إلى فرنسا التي تفرض قواعد صارمة في ما يتعلق بالخصوصية، ووزعت الصحيفة فيها ثلاثة آلاف نسخة تتصدرها صور الرجل.