تونس: انطلاق موسم صيد الأخطبوط بمشارك أكثر من 700 بحار

55 دولارا سعر الكيلوغرام من القرنيط المجفف

انطلاق موسم صيد الأخطبوط في تونس
TT

ليس من السهل اصطياد الأخطبوط، فهو ماهر في التخفي ويطلق مادة سوداء تجعل الصياد لا يعثر على فريسته بيسر. في ظل الظروف السياسية الانتقالية، لا يزال قسط هام من الصيادين يتنقلون بين المواني التونسية بحثا عن الرزق في البحر. ومنذ أيام قلائل انطلق موسم صيد الأخطبوط في تونس الذي يمتد على طول ستة أشهر إلى حدود منتصف شهر أبريل (نيسان) القادم. قرابة 700 بحار ونحو 400 مركب بحري جهزها الصيادون الذين اختصوا في هذه النوعية من الصيد، وانطلقت في عباب البحر في المنطقة الممتدة من جزيرة قرقنة إلى غاية السواحل الجنوبية المحاذية لليبيا. يمنع الصيد على هؤلاء البحارة خلال الفترة الممتدة بين 16 أبريل و14 أكتوبر (تشرين الأول) من كل سنة بغية المحافظة على الثروات البحرية.

الأخطبوط أو ما يطلق علية التونسيون اسم «القرنيط» يمنع صيده إذا وزنه أقل من كيلوغرام واحد. وكانت وزارة الفلاحة التونسية عبر مصالحها المختلفة تحدد الوزن الأدنى عند صيد الأخطبوط، إلا أن اللجان التي كانت تجتمع في الماضي كادت تختفي خلال هذه السنة، وهو ما جعل الصيادين لا يحتكمون إلى القوانين المنظمة للقطاع الفلاحي وأصبح إنتاج القرنيط لا يزيد وزنه عن 400 أو 500 غرام فحسب، وهو ما جعل المصالح الفلاحية تطلق صيحة استغاثة قصد المحافظة على الثروة البحرية وعدم صيدها قبل الأوان.

حول موسم صيد الأخطبوط قال شمس الدين بوراسين رئيس نقابة الصيد الساحلي بمنطقة مدنين بالجنوب التونسي، إن مجموعة من الخطوات الضرورية تبقى ملحّة خلال هذه الفترة، من بينها توحيد موعد انطلاق موسم الصيد حتى يبدأ الموسم بصفة متكافئة بين جميع الصيادين، كما من الضروري التقيد بنوع الصيد كاختصاص وحث الصيادين على عدم استعمال بنادق الصيد حفاظا على الثروات البحرية.

وتعتبر منطقتا «البيبان» و«بوغرارة» من منطقة جرجيس بالجنوب التونسي من أهم المناطق المنتجة للأخطبوط، وذلك لاعتدال المناخ هناك وقلة المد والجزر وضعف عمق المياه الساحلية مما يجعل إمكانية تجهيز القلال لتعشيش الأخطبوط عملية يسيرة بالمقارنة مع مناطق الشمال التي تعرف طقسا باردا ومدا بحريا قويا.

وتشتهر جزيرة قرقنة التونسية من ناحيتها بمهرجان فريد من نوعه يطلق عليه تسمية مهرجان «القرنيط»، يقام ربيع كل سنة ويجلب الكثير من السياح.

وفي هذا الإطار قال الهادي بن إسماعيل، مدير المهرجان في آخر دورة نظمت سنة 2010، إن الأخطبوط بأنواعه من المنتجات البحرية ذات القيمة المضافة سواء أكان طازجا أم مجففا. وتزداد قيمته الاقتصادية لتصل إلى 80 دينارا تونسيا (قرابة 55 دولارا أميركيا) للكيلوغرام الواحد إذا كان مجففا. ويعلق بن إسماعيل على الأمر مازحا أنه لا يختلف كثيرا عن برميل النفط، في إشارة إلى أن هذا السعر يمكن أن يوفر الكثير من العائدات المادية لسكان الجزيرة. وتجفف العائلات في جزيرة قرقنة كميات هامة من الأخطبوط الذي يجود به البحر سنويا، وهو ذو قيمة غذائية مرتفعة، ويسمى لدى تلك العائلات بـ«العولة»، تماما مثل القديد وبقية المواد الغذائية التي يتم تخزينها لموسم الشتاء الذي تقل فيه المؤونة والموارد المادية.

ويشبه في بعض مناطق تونس الرجل البخيل بـ«القرنيطة»، ربما لالتفافها على نفسها وعدم ترك الآخرين يمسكون بها وبأموالها في وضع الرجل البخيل.

ويقول عبد الفتاح مقني رئيس مجمع الشرفية بجزيرة قرقنة إنه قد يقتني في السنة قرابة ستة آلاف قارورة من الفخار، «يزرعها» في البحر لكي تكون مسكنا آمنا للأخطبوط، ولكن إلى حين، فالأيادي البشرية ستأتيها بعد حين، إلا أن أصحاب مراكب الصيد الكبيرة المسماة «البلانصي»، التي تجرف كل الثروة البحرية على عمق 20 مترا، يضرون بتلك القوارير وغالبا ما لا يحصل على أكثر من ألف قارورة، وهو ما ينعكس سلبا على مداخيل آلاف العائلات التي تعيش من موسم صيد الأخطبوط.

ومن ناحيته قال عبد الرحمان سعيدان (بحار من قرقنة) إن 90 في المائة من البحارة الذين يعيشون على موسم «القرنيط» يحبذون تقديم الموسم، فالقانون المنظم للصيد على حد قوله من عهد فرنسا، وهناك اجتهادات من قبل المصالح الفلاحية، حيث تطلق الموسم في بعض الحالات في نهاية سبتمبر (أيلول)، وفي حالات أخرى على البحارة انتظار نهاية نوفمبر (تشرين الثاني). وقال إن المناطق المحيطة بالجزيرة تختلف فيها أحجام القرنيط، فالبعض منها يكبر بصفة مبكرة، والبعض الآخر ينتظر لفترة أطول. وكشف لـ«الشرق الأوسط» أن وزن «القرنيطة» الواحدة بلغ في بعض المواسم 7 كيلوغرامات، وهي غنيمة بالنسبة للبحارة، على حد قوله.