لندن تحتفل بأوسكار الموضة البريطانية

الفائزون: فيكتوريا بيكام.. ستيلا ماكارتني.. سارة بيرتون.. وبول سميث

TT

شهدت لندن أول من أمس واحدة من أهم فعالياتها الخاصة بالموضة، ألا وهي حفل توزيع جوائز الموضة البريطانية التي يشبهها البعض بحفل توزيع جوائز الأوسكار نظرا لأهميتها. احتضن الحدث فندق الـ«سافوي» الواقع بالقرب من «سومرست هاوس»، البيت الرئيسي للموضة البريطانية، بحضور باقة من النجوم العالمية والشخصيات المهمة، تترأسهن سامنثا كاميرون، زوجة رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون، والعارضات كايت موس، وستيلا تينانت، ودايزي لو، وأليكسا تشانغ، إلى جانب المصممة فيكتوريا بيكام، والنجمة كايت هادسون، والنجم كولين فيرث وزوجته، والمصمم مارك جايكوبس، وغيرهم. ورغم أهمية المناسبة والحضور، فإن المثير للانتباه أن كل العيون كانت مسلطة على فيكتوريا بيكام أكثر من غيرها، وكأن الكل كان يريد أن يراها عن قرب بعد أن أصبحت أُمّا ويتأكد من رشاقتها، أو ربما فقط كانوا يتوقعون أن تأتي وبيدها أغلى إكسسوار تمتلكه الآن: طفلتها هاربر سيفن، التي لم تعد تفارقها في أغلب جولاتها. لكن فيكتوريا حضرت وحدها في فستان طويل من تصميمها، برهن على أنها أصبحت بالفعل مصممة لا يستهان بها بعد كل الشكوك التي تداولتها أوساط الموضة في عام 2008 عندما قدمت أول تشكيلة لها. بعدها تعلمت فيكتوريا الدرس واستفادت من الانتقادات، وقدمت عروضا ناجحة جعلت غرفة الموضة تعتبرها وجها مضيئا لكل ما هو بريطاني إلى جانب كونها أيقونة تقتدي بها الكثير من الفتيات.

من هذا المنطلق كانت التوقعات قوية بحصولها على جائزة من الجوائز. وبالفعل حصدت هي وستيلا ماكارتني وسارة بيرتون أهم جوائز العام، حيث فازت هي بجائزة أحسن ماركة لهذا العام، متفوقة على كل من «بيربيري» و«توم فورد». وهو أمر مهم إذا أخذنا بعين الاعتبار أن تاريخها لا يتعدى ثلاث سنوات مقارنة بدار «بيربيري» مثلا التي يعود تاريخها إلى مئات السنين. المهم أيضا أن كل من كان في الـ«سافوي» أول من أمس لم يستغرب أو يستنكر فوزها، بالعكس كان يتوقعه ويتمناه لها.

أما المصممة البريطانية ستيلا ماكارتني ففازت بجائزة «السجاد الأحمر» (الريد كاربت) نظرا لنجاح تشكيلتها الأخيرة التي كانت حاضرة في معظم المناسبات المهمة، وليس أدل على ذلك من فستانها المنقط ذي الأكمام الشفافة، الذي أقبلت عليه أكثر من نجمة وحقق أعلى المبيعات، كما تم تقليده من قبل الكثير من المحلات الشعبية. وما يجعل فوزها بالجائزة أول من أمس مفهوما أيضا، أو بالأحرى متوقعا، إعلانها منذ بضعة أسابيع أنها ستشارك في أسبوع لندن للموضة في شهر فبراير (شباط) القادم لأول مرة، وربما لمرة واحدة، من خلال تشكيلة ستتوفر على موقع «ستيلا ماكرتني دوت كوم» (stellamcartney.com).

أما الجائزة الكبرى، أي مصمم العام، فكانت من نصيب سارة بيرتون، المصممة التي خلفت الراحل ألكسندر ماكوين بعد مصرعه ولا تزال تقود داره من نجاح إلى آخر. فقد استطاعت وحدها أن تحافظ على اسمه وتحلق به أعلى مما كان عليه، بحسب بعض المتابعين، بعد أن أدخلت عليه لمساتها الخاصة. فعروضها الباريسية تضاهي في قوتها باقي بيوت الأزياء الفرنسية العريقة، عدا عن «الخبطة» الإعلامية الكبيرة التي حققتها لنفسها ولدار «ماكوين» حين اختارتها دوقة كامبريدج، كايت ميدلتون، لكي تصمم لها فستان زفافها الشهير. ولأن النجاح يقود إلى المزيد من النجاحات، فإن الفستان زاد من حجم الإقبال على معرض «ألكسندر ماكوين.. سافاج بيوتي» (جمال متوحش) الذي أقيم في متحف المتروبوليتان بنيويورك، حيث سجل حضورا منقطع النظير فاق الـ660.000 زائر، إلى حد القول إنه كان من أهم المعارض هذا العام على الإطلاق.

أما جائزة الإنجازات المتميزة فذهبت إلى المخضرم بول سميث، نظرا لتأثيره على الموضة العالمية عموما والبريطانية خصوصا.

ورغم أنه لم يحضر المناسبة شخصيا، فإنه سجل كلمة لخصت فلسفته وشخصيته أذيعت خلال الحفل وقال فيها: «إنه شرف كبير أن أحصل على هذه الجائزة، لكنها في الحقيقة ليست لي وحدي، بل هي لكل الفريق الذي يعمل معي. الكثير منهم رافقني منذ فترة طويلة وساعدني على بناء أساس قوي أستند عليه إلى اليوم». بدوره قال هارولد تيلمان، الرئيس التنفيذي لغرفة الموضة البريطانية: «أعرف بول منذ سنوات كثيرة، وقد نجح فعلا في بناء شركة مدهشة، مبنية على الكثير من الأخلاقيات والكثير من المرح أيضا. بول سميث، الرجل والمصمم، ساهم كثيرا في إنجاح صناعة الموضة إبداعيا وتجاريا، لأن بصمته أصبحت معروفة عالميا.. وهذا ما يجعله المتلقي المثالي لهذه الجائزة».

وتجدر الإشارة إلى أنها ليست المرة الأولى التي يتم تكريمه فيها من قبل غرفة الموضة البريطانية، إذ فاز بجائزة مصمم الأزياء الرجالية لثلاثة أعوام متتالية، 1997 - 1999، وجائزة المصمم الكلاسيكي في عام 2001، وجائزة المصمم المعاصر في عام 2003. وجاءت الجائزة التي تسلمها أمس بمثابة تتويج لما حققه منذ بداية السبعينات إلى اليوم في شتى المجالات التي خاض غمارها، سواء كانت الأزياء الرجالية أو النسائية أو الإكسسوارات والأدوات المنزلية، الأمر الذي لم يكن يتخيله عندما دخل مجال الموضة عندما كان شابا يافعا، فقد كانت البداية في عام 1970 متواضعة جدا، في معمل قديم في مدينة نوتينهام. لم يكن لديه أي برنامج أو جدول أعمال واضح ولا ميزانية باستثناء مبلغ صغير ادخره من أعماله هنا وهناك، لكن شتان بين الأمس واليوم. فلاسمه الآن رنة عالمية في أكثر من 74 بلدا، بل ويعتبر من أهم المصممين في اليابان والأكثر شعبية على الإطلاق، كما أنه من بيوت الأزياء البريطانية القليلة التي تغلبت على الأزمات الاقتصادية التي مرت على صناعة الموضة، ولا يزال المالك الوحيد لأسهم داره، مما يمنحه حق التحكم فيها إبداعيا وماليا. في عام 1976 شارك لأول مرة في أسبوع باريس للموضة الرجالية، وفي عام 1998 قدم أول عرض نسائي في أسبوع لندن. ما يحسب له أنه لا يتوقع التوجهات القادمة فحسب، بل يخلقها من خلال تلاعبه ببعض التابوهات، مثل ازدواجية الذكورة والأنوثة، التي أتقنها بشكل لا ينافسه فيه إلا القليلون، فبحكم بدايته في المجال الرجالي وتخصصه فيه لسنوات، أتقن فن التفصيل، كما فهم ما تريده المرأة وما يزيدها جمالا، لا ما يجردها من أنوثتها. إلى جانب هذا التلاعب هناك تلك اللمسة المفعمة بالشقاوة التي تميز أسلوبه سواء كانت ألوانا صارخة أو نقوشات مبتكرة في التبطين الداخلي أو الحواشي أو الأزرار وغيرها، فهناك دائما ميزة مختلفة ولمسة غرابة بريطانية لا يتقنها سواه.

ومع ذلك فإن الرجل الذي قلدته الملكة إليزابيث الثانية وساما ملكيا في عام 2001، أصبح بموجبه السير بول سميث لا يزال متواضعا يتعامل مع نفسه ومع الموضة ومع الآخرين كما لو كان في بدايته في السبعينات، فحسب ما قاله في أحد لقاءاته مع «الشرق الأوسط»: «المشكلة بالنسبة لي أن الكثير من العاملين في مجال الموضة يأخذون أنفسهم محمل الجد، ويعانون من تضخم الأنا، الأمر الذي أجده محزنا ولا داعي له. صحيح أننا نبدع، نقدم أشياء جميلة، ونوظف أشخاصا ونؤثر على الاقتصاد عندما تزيد مبيعاتنا، لكننا لسنا بأهمية الأطباء والجراحين مثلا، فهؤلاء ينقذون الناس».