صناعة الأفلام السينمائية تستقطب المخرجين اللبنانيين بالجملة

أحدثها «خلّة وردة» لعادل سرحان

مشهد من فيلم «خلّة وردة»
TT

تستحوذ فورة الأعمال السينمائية التي تشهدها الساحة الفنية حاليا لمخرجين لبنانيين على اهتمام رواد الصالات السينمائية الذين قصدوها دون تردد لتشجيع هذه الصناعة المحلية والتي عادت إلى الأضواء من جديد بعد فترة من الثبات غرقت فيها لأكثر من 20 عاما لم يتخللها سوى أعمال خجولة. مخرجون برعوا في تقديم الفيديو كليب وبرزت أسماؤهم من خلال تعاونهم مع نجوم الأغنية العربية واللبنانية على السواء قرروا خوض هذه التجربة كل حسب أسلوبه وطريقته فأثمروا أعمالا لافتة في مجال الصوت والصورة رغم العادية التي سادت بعض مضامينها في مجال النص والقصة ككل.

وكان عدد من المخرجين قدموا في الأشهر القليلة الماضية أعمالا سينمائية متتالية وفي مقدمها «365 يوم سعادة» لسعيد الماروق و«وهلّأ لوين؟» لنادين لبكي و(sorry mom) من إنتاج باسم كريستو و(my last valentine in beyrout) لسليم الترك و«تنورة ماكسي» لجو بو عيد وأخيرا «خلّة وردة» لعادل سرحان.

وفيما رأت شريحة من نقاد الأفلام السينمائية أن هذه الأعمال تشكل برعم صناعة ناشئة وخجولة فقد وصفها آخرون بأنها تشكل بداية سينما لبنانية محترفة. ويأتي فيلم «هلأ لوين» لنادين لبكي كأحد أبرز هذه الأعمال من حيث المضمون وتقنية الصوت والصورة والإخراج وقد ساهمت هذه التغليفة ككل لإيصاله إلى أبواب العالمية بعد أن حصد أكثر من جائزة عالمية بينها جائزة فرنسوا شاليه في مهرجان كان عن فئة «نظرة ما» كأفضل عمل روائي طريف لمؤلف أبدع في إبراز حقيقة عالمية وجائزة الجمهور في كل من تورنتو واستوكهولم فقد استطاع تحقيق أعلى نسبة مشاهدين في لبنان بحيث لامست الـ30000 مشاهد واستحق الاهتمام الرسمي به من قبل رئيس الجمهورية اللبنانية ووسائل الإعلام كافة وقد رشح من قبل وزارة الثقافة لجائزة الأوسكار. وتقول نادين لبكي في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنها مقتنعة بأن صناعة السينما اللبنانية بدأت مرحلة جديدة فيها الكثير من الإبداع والتقنية العالية وإنها متأكدة أن الفيلم السينمائي اللبناني سيصل إلى العالمية قريبا. وعن رأيها في الأفلام التي وقعها زملاؤها في هذا المجال أوضحت لبكي أنها لم تستطع متابعتها جميعها بسبب انشغالها بتسويق فيلمها «هلأ لوين» إلا أنها من المشجعين لها خصوصا إذا كانت لبنانية قلبا وقالبا لأنه كما تقول آن الأوان لإيصال أفكارنا والعناوين العريضة في حياتنا إلى الآخرين عن طريق السينما. وتجري أحداث فيلم نادين لبكي في بلد مزّقته الحرب وعن قرية فيه عقد نساؤها العزم على حمايتها من براثن الحرب والفتنة الطائفية فيحكن خططا غير تقليدية لصرف رجال القرية عن الحرب ومأساتها.

أما فيلم «365 يوم سعادة» لسعيد الماروق والذي أدخله السينما العربية من بابها العريض وقد لعب فيه دور البطولة النجم المصري أحمد عز فقد وصفه بأنه مجرّد تحية بسيطة ألقاها على المشاهد العربي وأنه يتطلع إلى أفلام أكثر احترافا كما ذكر لـ«الشرق الأوسط» مشيرا إلى أن مشكلة السينما اللبنانية تنحصر في غياب منتجين يدعمونها فيما العناصر الأخرى كالممثلين والتقنية العالية موجودة بقوة. وفيما اعتبر البعض أن هذا الفيلم ينقصه التوضيبة السينمائية الجذابة ولا يتناسب مع مستوى مسيرة مخرجه فإن نسبة أخرى وجدته جيدا وأنه على الأقل خرج عن مواضيع الحرب اللبنانية المستهلكة في هذا المجال بكثافة. والفيلم هو من نوع الكوميدي لايت والذي برزت فيه حبكة الإخراج المحترف إن من حيث الصورة أو حركة الكاميرا.

ومن ناحيته فقد اختار المخرج سليم الترك والذي سبق وتعاون مع أهم الفنانين اللبنانيين والعرب في مجال الفيديو كليب فيلم (my last valentine in beyrout ليكون باكورة أعماله السينمائية وهو من النوع الرومانسي الكوميدي ويعتبر أول فيلم ثلاثي الأبعاد في الشرق الأوسط (إذ اعتمد تقنية 3 دي في تصويره) وقد واجهته انتقادات كثيرة حول القصة التي يعالجها والتي تتناول قصة فتاة ليل إلا أنه دافع أكثر من مرة عن هذا الموضوع موضحا أن الفيلم لا يحتوي على أي مشاهد أو تعابير تخدش حياء المشاهد وأنه أراد بذلك الابتعاد عن مواضيع الحرب اللبنانية لأن هناك قصصا أخرى في الحياة نستطيع أن نسلّط الأضواء عليها ونناقشها في أفلامنا السينمائية.

من ناحيته فقد اختار المخرج جو بوعيد قصته مع والديه ليضعها في قالب سينمائي يمزج فيه ما بين الخيال والواقع فيتذكر أهم محطات حياته وكيف حوّل ماكينة الخياطة إلى ماكينة سينمائية فيركب بنظرة حديثة صورا من الماضي ويعرض بطريقة سلسة قصة حب والديه التي انبثق منها في فيلم بعنوان «تنورة ماكسي» والذي اختاره مهرجان دبي السينمائي الدولي ليكون ضمن لائحة الأفلام المعروضة في برنامجه ضمن دورته الثامنة.

ومن الأفلام الجديدة التي شهدتها الصالات السينمائية في لبنان «خلّة وردة» للمخرج عادل سرحان ويتناول فيه قصة استوحاها من حقبة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان. الفيلم من إنتاج مركز بيروت الدولي للإنتاج الفني كتبه السوري محمود الجعفوري وهو من بطولة أحمد الزين والذي عرفه اللبنانيون منذ الستينات في أدوار منوعة لعبها في الدراما اللبنانية وأهمها «ابن البلد» الذي أضاف إليه شهرة واسعة فتحوّل عنوانه إلى لقب رافقه طيلة مسيرته الفنية. ويصف عادل سرحان الفورة السينمائية الحالية التي يشهدها لبنان من قبل مخرجي الفيديو كليب بأنها المتنفس الطبيعي لمخرجي الفيديو كليب والذين يشعرون في مرحلة ما أنهم استنفذوا جميع طاقاتهم لتصوير إعلان أو أغنية فينتقلون إلى حلمهم الأساسي ألا وهو صناعة الأفلام السينمائية ويقول في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أعتقد أن هذه الفورة التي تتحدثون عنها هي دليل صحة وعافية لهذا المجال وأنها دون شك ستنعكس إيجابا علينا نحن كلبنانيين وعلى الاقتصاد بشكل عام لأنها ستدفع بحركته إلى الأمام».