نجاح سوق الأمم المتحدة الخيرية في فيينا لصالح أطفال الدول الأكثر احتياجا

الجناح العربي ضم 30 طاولة

سيدات الطاولة الأردنية في بازار فيينا
TT

* بالتوب السوداني والتايير الفرنسي والقفطان المغربي والبوبو النيجيري والدندل النمساوي والعباءة السعودية والساري الهندي، استقبلت أعضاء جمعية نساء الأمم المتحدة في العاصمة النمساوية، فيينا، السيدة مارغريت فيشر، حرم الرئيس النمساوي هاينز فيشر وهي تتجول بين طاولاتهن التي ازدانت بمعروضاتهن الوطنية ضمن فعاليات سوقهن الخيرية السنوية أو «البازار» كما يطلقن عليه اختصارا وتحببا، وله يعددن العدة والعتاد طوال العام باعتباره المصدر الرئيسي لتمويل المساعدات والتبرعات التي تقدمها الجمعية لمشاريع وبرامج خيرية تخص الأطفال المحتاجين في مختلف أنحاء العالم، لا سيما أطفال الدول الأكثر احتياجا.

سنويا تسهم جمعية نساء الأمم المتحدة بفيينا في دعم عشرات المشاريع بدفع مبالغ لا تقل عن 7 آلاف يورو لكل مشروع يفوز بالاختيار ولا تشترط أكثر من أن يكون المبلغ لتوفير أدوات أو معدات أو لتطوير أو استمرارية عمل قائم ونادرا ما تكون لسداد مرتبات أو بدء عملية تشييد ويفوق ما أسهمت به مبلغ 4 ملايين يورو. وفي العام الماضي وحده قدمت دعما لـ30 مشروعا في 31 دولة.

أمسية الخميس ووسط حضور مدعو افتتحت سيدة النمسا الأولى مارغريت فيشر، مصحوبة ببساطتها والتواضع المعروف عنها وعن زوجها، فعاليات السوق الخيرية رقم 43 تحت شعار «معا يد واحدة لنرسم بسمة خضراء على شفاه طفل محروم».

ويوم السبت انتظمت فعاليات البازار للجمهور لتضم، بالإضافة للمعروضات الوطنية والمصنوعات التقليدية، مطاعم ومسارح وعروض أزياء ورقصا وفنونا وغناء، بالإضافة لأركان بيع متنوعة وواسعة لمنتجات من قبيل الورود والأزهار واللوحات والطوابع والعملات والإكسسوارات والمصوغات والمنتجات الصناعية ومنتجات يدوية بما في ذلك سوق ضخمة لبضائع وملابس يصنفونها كـ«مستعملة» في حين أن بعضها جديد ظل في خزانات وبيوت «ميسورات الحال» اللاتي شجعتهن جمعيتهن على المشاركة وساعدتهن في تنظيم تبرعاتهن وتوجيهها الوجهة الصحيحة باعتبار أن ما لا يحتجنه قد يكون ضروريا بل أساسيا لآخرين.

تضم الجمعية ما يزيد على 500 عضو من أكثر من 80 دولة أمست العاصمة النمساوية فيينا بمثابة بيتهن الثاني وهن بعيدات عن أوطانهن في صحبة أزواجهن ممن يعملون في منظمات الأمم المتحدة الموجود في فيينا ومنها: منظمة الأمم المتحدة للتنمية الصناعية (اليونيدو) والوكالة الدولية للطاقة الذرية، ومنظمة حظر التجارب النووية، ومنظمة الأمم المتحدة لمنع الجريمة والمخدرات، بالإضافة لزوجات الدبلوماسيين المعتمدين لدى هذه المنظمات.

وتقدم الجمعية أنشطة ثقافية واجتماعية كدروس لتعلم اللغات والحرف اليدوية ومحاضرات وورش عمل لمواضيع واهتمامات متنوعة وبرامج سياحية داخل النمسا بالإضافة لرحلات جماعية خارجها. كما توفر لقاءات تساعد على الاندماج في المجتمع النمساوي ومجتمع الأمم المتحدة للتعرف على مختلف العادات والتقاليد بجانب برامج هدفها شغل الأعضاء ومساعدتهن على قضاء أوقات مفيدة بدلا من الانصراف لفوارغ لا فائدة من ورائها. كل هذا بالإضافة إلى ما توفره لهن من فرص للتعريف ببلادهن وللإسهام في دعم الأنشطة الخيرية وتقديم دعم لبرامج ومشاريع تنموية يتم اختيارها بعد دراسة متأنية وفرز لما يصل الجمعية سنويا من مئات الطلبات من دول مختلفة وفقا لأسس محددة تعلن عنها الجمعية في صفحتها الإلكترونية.

تحظى الجمعية بمساعدات لوجيستية من الوكالة الدولية للطاقة الذرية ومن ذلك منحها مكتبا دائما ومجهزا بمبنى الأمم المتحدة لتسهيل أعمالها، بالإضافة لتمويل أعمال الطباعة والنشر. وفي ظل ذلك تخضع أنشطة ومعاملات الجمعية لرقابة صارمة ولمراجعة سنوية تقوم بها فرق مراجعة تابعة للوكالة.

هذا العام سعت الجمعية من تعاونها مع منظمة «اليونيدو» لتنسيق أنشطتها وفعالياتها وفق سياسات تنموية خضراء حفاظا على مشاريع صديقة للبيئة حفاظا على حياة صحيحة ولتنمية مستدامة.

وفي حين تنشط الأعضاء لإنجاح مشاريعهن القائمة، ولمزيد من التوسع، وللحفاظ على ما تتمتع به الجمعية من سمعة مشرفة لم تعد قاصرة على أروقة مبنى الأمم المتحدة بل انتشرت على نطاق أوسع بين المجتمع النمساوي، خصوصا بين سكان فيينا، من جانبهم ينشط كثير من الأزواج في تقديم كل ما يمكن من مساعدات، لا سيما يوم البازار.

وفي ظل هذا التعاون أصبح من العادي جدا رؤية عدد من كبار مديري المنظمات والسفراء وهم يساعدون زوجاتهم وبرفقة أبنائهم وهم يمتثلون لتوجيهات الزوجات والأمهات ببيع ورود ومأكولات ومخبوزات تمت صناعتها منزليا بينما ينشط آخرون في ترتيب الإعلام والملصقات، بل وإغراء الحضور لزيارة طاولتهم بتقديم حلويات ومكسرات بينما يعتلي آخرون خشبة مسرح عارضين مهارتهم في عزف آلات موسيقية أو بمجرد الدعم المعنوي والإشادة والتشجيع.

إلى ذلك، وفي معية برنامج يوم كامل يمتد من العاشرة صباحا وحتى الخامسة مساء تتفنن الأعضاء في إدارة برامجهن بما يدخل المتعة والتشوق على الحضور مستعينات عاما بعد عام بأفكار جديدة وابتكارات ومن ذلك ما استمتعت به «الشرق الأوسط» في جولة داخل البازار لا سيما حول الأجنحة العربية التي ضمت في الطابق الأسفل مطعما عربيا تحت إشراف زوجة السفير التونسي مع «أركان حرب» وناشطات من مختلف السفارات العربية والوكالات ومساعدة أفراد وأعضاء لم يبخلن مطلقا بجهدهن وخبرتهن وتبرعاتهن فأبدعن في توفير أطباق من الكسكس والدجاج بالزيتون والفلافل والمحاشي والسلطات والمخبوزات واللحوم والحلوى بمختلف الأشكال والأصناف التي لولا تميزها ما نجحت في جذب الحضور ليختارها ويفضلها لغدائه من بين مئات الأصناف الأخرى بما في ذلك أطباق 43 مطعما، منها على سبيل المثال لا الحصر، مطعم تايلاندي وياباني وكوبي وإغريقي وأرجنتيني وفرنسي وإثيوبي ومطاعم أخرى من بينها المطعم الأميركي الذي يعتمد اعتمادا كاملا على ساندويتشات أو «الهوت دوغ» وينجح سنويا في بيعها وحدها فقط بما يزيد على آلاف اليوروات.

مع ملاحظة أنه وفي يوم البازار هذا تتمثل أهمية الدول مهما كانت كبرى أو صغرى على حصيلة ما تكسبه وما تتبرع به لذلك فالمنافسة، وإن كانت أخوية، إلا أنها متوفرة بين الأطعمة الوطنية والمصنوعات والأزياء وحتى الرقصات والكل يعمل جاهدا لإبراز بلاده وثقافتها مما يصب نجاحا في البازار.

بعيدا عن المطعم وعن مشاركات فردية في المسرح تابعت «الشرق الأوسط» الركن العربي للمصنوعات اليدوية الذي أشرفت على تنسيقه هذا العام حرم السفير الأردني التي بدورها حظيت بدعم وسند وجوه معروفة ظلت تعمل لسنوات في تنظيم الطاولة العربية ورصد وجمع حصيلة مبيعاتها فلسا وراء فلس مما يعزز النخوة العربية ويعكس روح الإخاء والمشاركة بين سيدات السفارات وسيدات المنظمات بل وسيدات الجاليات من خارج نطاق هاتين المنظومتين مما يكسب البازار طابعا وطنيا يوحد بين أبناء الوطن الواحد وأبناء المنطقة حتى ولو لم يكن أعضاء في الجمعية.