مهرجان دبي السينمائي.. آخر المحطات وأقواها

ضم 46 فيلما لم يسبق عرضها عالميا

توم كروز يتدلّى في «المهمّة: مستحيلة»
TT

على بعد زمني يسير من مهرجاني أبوظبي والدوحة، ينطلق مهرجان دبي السينمائي الدولي في دورة ثامنة يقول عنها مديرها الفني مسعود أمرالله إنها «دورة الثراء بامتياز»، ولديه الحق في هذه الثقة تبعا لعوامل كثيرة من بينها أن المهرجان إذ يخطو عامه الثامن، يواصل نجاحاته التي بدأ بها منذ عامه الأول وتأصلت في عامه الرابع وصولا إلى ما أصبح عليه الآن.

وما أصبح عليه الآن ليس بالصدفة ولا بالحظ ولا حتى بالمال وحده. ما يتميّز به هذا المهرجان عن سواه هو أنه يؤول إلى رئيس (عبد الحميد جمعة) وإلى مدير فني (أمرالله) لا يكلّان عن المتابعة الحثيثة لسينمات العالم. هذه المتابعة لا تشكّل ميزة بحد ذاتها، بل هو الإيمان بالعمل وليس الإقدام عليه لأنه فرصة ارتقاء مناسبة أو احتلال منصب، الذي يجعل المتابعة مخلصة في نتائجها ومن حيث توجيهها لتخدم لا المهرجان وحده، بل السينما العربية والعالمية أيضا.

يقول مسعود أمرالله: «لا نرغب في مجرد مهرجان ناجح. هذا ضروري ومن البداهات، لكن المهم عندي هو أن نساعد السينما العربية على الخروج من أزماتها. أن يكون مهرجان دبي فاعلا لتقدّمها بحيث تستفيد من وجوده عوض أن يستفيد هو فقط من وجودها».

وهو يرى، في حديث معه، أن المستقبل يكمن في هذا التفاعل: «هناك مخاطر كثيرة من وراء الحاصل مع السينما العربية وما تعيشه من أزمات من ناحية، ومن سبل دعم غير مدروسة من ناحية أخرى. رغبتي الخاصّة هي أن ترتقي هذه السينما إلى حيث تستطيع أن تشكّل قوّة صناعية صحيحة هي التي تعود على المهرجانات كافّة بالفائدة. أزمتي هي إيجاد هذه الوسيلة».

نتيجة هذا الجهد لا تتبدّى هذا العام وحده، بل تتطوّر من الأعوام الماضية. بالعودة إلى الدورة الرابعة، نجد المهرجان انتقل من بهرجة الحدث وخلق جو ترفيهي واستعراضي في الأساس إلى مهرجان هادف وجاد ولو أنه سوف لن يتخل عن الترفيه وإيجاد الجو الاحتفائي المناسب بالطبع. المهرجان جاد بالنظر إلى ما يوفّره من أفلام وشخصيات حتى وإن بدا للبعض أن كل ذلك مجيّر لخدمة إعلامية عامّة. فبطبيعة الحال هناك ممثلون واحتفاءات بشخصيات وضيوف يحطّون ويجولون، لكن ذلك لا يعدو إلا جزءا طبيعيا مكملا من حقيقة أي مهرجان. وفي حين لا أحد يشكو من بذخ مهرجان كان أو برلين أو فنيسيا ولا من الإنفاق الكبير الذي يصرفه على ضيوفه ومدعوّيه إلا أن هناك من لا يزال يتخيّل أن مهرجان دبي يقوم على المظاهر وأنه مصنوع لها وبها فقط.

ما في بال القائمين عليه ما هو أهم من ذلك وهو يشمل حقيقة معيّنة تتعامل معها كل المهرجانات: هناك قلّة فعلية من الأفلام العربية التي تستطيع التحليق عاليا بجمالياتها وأساليب إخراجها وطرق سردها ومعالجتها، والكثير، نسبيا، من تلك التي يمكن عرضها ضمن مفهوم أنه ليس بالإمكان أفضل مما كان. والواقع هو أن مهرجان دبي يأتي في نهاية عنقود المهرجانات. المحطّة الأخيرة في سلسلة طويلة من المهرجانات العربية والغربية، وهو بالتالي يتعرّض لعمليات قنص مسبقة للأفلام التي يتناهى للعلم بأن أصحابها في طور الانتهاء منها.

والرهان الذي في بال البعض هو أنه إلى أن يُقام مهرجان دبي في ذلك الساق الأخير من العام، تكون المهرجانات العربية الأخرى جميعا (بما في ذلك مرّاكش المغربي، ولو بحدود) قد خطفت الأفضل والأهم وتركت ما تبقّى من أعمال لم تثر الإعجاب لمهرجان دبي، هذا إلا إذا كان من بين الأفلام ما لن يكون جاهزا لتلك المهرجانات المنافسة.

ومع صعوبة الحكم على الأفلام المختارة لمهرجان دبي هذا العام، كونها لم تعرض بعد، فإن حقيقة وجود 46 فيلما لم يسبق عرضها عالميا، وذلك من بين 171 فيلما معروضا من 56 دولة، هو رقم يعزز ما سبق قوله عن وصول المهرجان إلى مرحلة من النجاح لم يبلغها من قبل.