مهرجان الفيلم بمراكش يكرم محمد البسطاوي ورشدي زم

الأول هاجر إلى إيطاليا قبل أن ينجح في المغرب.. والثاني عمل بائعا متجولا لسراويل الجينز

الممثل المغربي محمد البسطاوي يتسلم نجمة التكريم من ثريا جبران، الفنانة المغربية وزيرة الثقافة السابقة، في إطار فعاليات الدورة الـ11 من المهرجان الدولي للفيلم بمراكش (تصوير: منير أمحميدات)
TT

شكلت ليلة تكريم الفنان المغربي محمد البسطاوي، في إطار فعاليات الدورة الـ11 للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، فرصة لإبراز قيمة وعطاءات هذا الوجه المسرحي والسينمائي والتلفزيوني المغربي، وتأكيد السمعة الحسنة التي يحظى بها، سواء بين زملائه أو النقاد والجمهور.

وجاء حفل التكريم بنكهة مغربية، حيث استقبل البسطاوي بالزغاريد وأهازيج «كناوة»، كما تسلم نجمة التكريم من يد ثريا جبران، الفنانة المغربية وزيرة الثقافة السابقة، التي قالت، في كلمة لها بالمناسبة، إن البسطاوي يشكل جزءا من ذاكرتها الفنية، مشيرة إلى التجارب الفنية التي اشتغلت معه فيها. ووصفت جبران البسطاوي بأنه «فنان صادق وفي»، وأضافت أنها اقتسمت معه الألم والأمل، منتهية إلى أن هذا الفنان، المتحدر من قبائل الشاوية، ابن «مسرح اليوم»، أصبح، بعد تكريمه في مهرجان الفيلم بمراكش، ابن مسرح وسينما العالم. وولد البسطاوي عام 1954 بمدينة خريبكة (وسط المغرب). وعلى غرار عدد من أقرانه من أبناء المنطقة، حملته موجه الهجرة إلى إيطاليا، حيث زاول عددا من المهن المؤقتة، قبل أن يعود أدراجه بعد خمس سنوات إلى بلاده، حيث بدأ مشوارا فنيا، مكنه من الالتحاق بفرقة «مسرح اليوم»، إلى جانب الممثلة ثريا جبران، حيث شكلت له هذه الفرقة مدرسة حقيقية، إذ قام رفقتها بعدد من الجولات الفنية داخل وخارج البلد، لتقديم أعمال اعتبرت من روائع المسرح المغربي، قبل أن يشارك، رفقة فنانين آخرين، بينهم محمد خيي، في تأسيس فرقة «مسرح الشمس»، مما لفت إليه انتباه النقاد والمخرجين السينمائيين، وفتح أمامه أبواب السينما، سنة 1997، مع فيلم «كنوز الأطلس»، قبل أن يزداد شهرة مع مشاركته في عدد من الأعمال السينمائية والتلفزية.

وكان مهرجان مراكش قد كرم في الليلة التي سبقت تكريم البسطاوي ممثلا آخر بجذور مغربية، هو رشدي زم، الممثل وكاتب السيناريو ومخرج فيلم «عمر قتلني» (2011)، وهو الفيلم الذي يستعيد قصة عمر الرداد، المهاجر والبستاني المغربي الذي اتهم بقتل مشغلته الفرنسية.

وينتمي رشدي زم إلى تلك الكوكبة من أبناء المهاجرين من أصول مغاربية، التي أكدت حضورها في الساحة الفنية العالمية، أمثال جاد المالح وجمال الدبوز ورشيد بوشارب، وغيرهم. واستعادت ليلى بختي، الفنانة الفرنسية من أصل جزائري، في كلمة لها بالمناسبة، أول لقاء لها برشدي زم، حين طلب منها المشاركة في أحد أدوار فيلم «سوء النية» (2006)، وكيف سيصاحبها، منذ ذلك الحين، في مسارها الفني، سواء بتقديم النصح والمشورة، أو منحها فرصا أخرى للتمثيل. ووصفت بختي الفنان المحتفى به بـ«الفنان الأصيل»، مشددة على أنه، وانطلاقا من «القوة الهادئة»، التي يتميز بها، مهد لها، ولكثير من أبناء جيلها، الطريق نحو عالم الشهرة والنجومية. واستقبل رشدي زم بحفاوة بالغة من طرف جمهور المهرجان، الذي غصت به جنبات السجاد الأحمر، المؤدي إلى قاعة التكريم، حيث عبر المحتفى به عن امتنانه للأمير مولاي رشيد، شقيق العاهل المغربي ورئيس مؤسسة المهرجان، على تحويله حلما سينمائيا إلى موعد سنوي يقصده نجوم الشاشة الفضية من كل بقاع العالم. وبعد أن استعاد بداياته الفنية، أشار رشدي زم إلى أن حلمه السينمائي يستمر، اليوم، إلى أبعد مما كان يتصور في بداياته الفنية الأولى.

وولد رشد زم لأبوين مغربيين في المهجر، وتابع في سن مبكرة دروسا في المسرح، كما أبدى عشقا كبيرا للعبة كرة القدم. ولم يكن يخطر ببال هذا الشاب، الذين كان يكسب قوته من بيع سراويل الجينز متجولا بين الأسواق، أن يصبح يوما ممثلا مشهورا.

وشكلت سنة 2006 محطة مهمة في حياة رشدي زم، بعد أن حصل في مهرجان «كان»، مع زملائه على جائزة أحسن ممثل، عن فيلم «السكان الأصليون» الذي يحكي قصة الحرب التي خاضها، في صفوف الجيش الفرنسي، خلال الحرب العالمية الثانية، جنود من شمال أفريقيا، قبل أن يعود هؤلاء المحاربون إلى الصفوف الأمامية لمهرجان «كان» سنة 2010، بفيلم «خارج القانون». يشار إلى أن المهرجان الدولي للفيلم بمراكش اختار أن يكرم، في إطار دورته الحالية، إضافة إلى محمد البسطاوي ورشدي زم، المخرج الإيطالي ماركو بيلوتشي، والمخرج والسيناريست الأميركي تييري غيليام، والممثل الهندي شاه روخان، والممثل والمخرج الأميركي فورست وايتكير.