الفيلم الدنماركي «خارج المسموح» يفوز بالجائزة الكبرى للمهرجان الدولي للفيلم في مراكش

عرض أفلام خاصة بالمكفوفين وضعاف البصر عبر تقنية «الوصف السمعي»

الفائزون بجوائز المهرجان الدولي للفيلم بمراكش في صورة جماعية (تصوير: منير أمحميدات)
TT

فاز الفيلم الدنماركي «خارج المسموح» للمخرجة فريدريك أسبوك بـ«النجمة الذهبية» (الجائزة الكبرى) للمهرجان الدولي للفيلم بمراكش، في دورته الـ11، بينما نالت جائزة أفضل دور نسائي الممثلة الأميركية جوسلين جانسن، عن دورها في فيلم «من دون»، ونال جائزة أفضل دور رجالي الممثل الأسترالي دانيال هينشال عن دوره في «جرائم سنو تاون». أما جائزة لجنة التحكيم لفيلم «جرائم سنو تاون» فقد نالها المخرج الأسترالي جوستن كورزيل، وجائزة لجنة التحكيم لأحسن إخراج فكانت من نصيب المخرجين الإيطاليين جيانلوكا وماسيميليانو دي، عن فيلمهما «أعمال الرحمة الـ7».

وتدور أحداث فيلم «خارج المسموح» الذي هو أول أفلام المخرجة فريدريك أسبوك، الذي يلعب أدوار البطولة فيه كل من كارستن بيورنلاند وستيفاني ليون وجاكوب إكلوند، في جزيرة مهجورة، حيث تزور (ستيلا) وزوجها (أوسكار) والدها (ناثان) الذي يعيش وحيدا رفقة كلبه (لابرادور). وتغمر (ستيلا) سعادة كبيرة وهي تتطلع لقدوم مولودها، بينما تثار حول (أوسكار) العديد من التساؤلات بعد أن بدأ ينتابه شعور بالحيرة من خلال علاقته بهذا الأب وسلوكه المستفز وعلاقته بابنته، فيصبح الصراع بين الرجلين أمرا حتميا.

ويحكي فيلم «جرائم سنو تاون» قصة جيمي، ذي الـ16 ربيعا، الذي يعيش رفقة والدته في إحدى الضواحي الهامشية، حيث يسود العنف والبطالة والاستغلال الجنسي. وسيتغير كل شيء عندما يدخل حياتهما (جون بانتينك)، الذي يتمتع بشخصية جذابة ومثيرة مما جعل جيمي يعجب به إلى درجة اعتباره الأب الذي لم يتعرف عليه. وسيجعل تأثير (جون بانتينك) في (جيمي) وقتا طويلا قبل أن يدرك أن الرجل واحد من أخطر مجرمي أستراليا.

أما فيلم «من دون» فتدور أحداثه في جزيرة نائية كثيفة الأشجار، حيث تصبح (جوسلين) مساعدة منزلية لرجل عجوز يعيش على كرسي متحرك في حالة غيبوبة. ولم تكن تتوفر (جوسلين) على أي إمكانية للاتصال بالعالم الخارجي لا عن طريق الهاتف ولا من خلال الإنترنت، حيث ستمر من مرحلة عصيبة في حياتها الشخصية، فتتذبذب بين شعور بالارتياح ينتابها وهي بجوار هذا الرجل العجوز وإحساس بالخوف والشك يغمرها من ناحيته. ويوما بعد آخر، ستغوص بها عزلتها ورتابة حياتها اليومية في بحر من الأسئلة حول الرغبة الجنسية والشعور بالذنب والإحساس بالتخلي.

ويحكي فيلم «أعمال الرحمة الـ7» قصة «لومينيتا»، الشابة المهاجرة، التي تعيش في وضعية غير قانونية في أحد الأحياء الهامشية. وللخروج من وضعها الصعب ووضعيتها غير الشرعية تضع خطة تسعى إلى تحقيقها من خلال اللقاء مع أنطونيو وهو عجوز مريض غريب الأطوار، وهو لقاء سيضعهما أمام سلسلة من الأحداث غير المتوقعة.

شارك في المسابقة الرسمية، التي ترأسها المخرج الصربي إمير كوستوريتشا 15 فيلما، من 15 دولة، وهي: «عاشقة من الريف» (المغرب)، و«180 درجة» (سويسرا)، و«مصنع الأطفال» (الفلبين)، و«بيلفيدير» (البوسنة والهرسك)، و«الموت مهنتي» (إيران)، و«لا تخافي» (إسبانيا)، و«عودة إلى بيت العائلة» (التايلاند)، و«أرض النسيان» (فرنسا وألمانيا وبولونيا)، و«جرائم سنو تاون» (أستراليا)، و«لويز ويمر» (فرنسا)، و«خارج المسموح» (الدنمارك)، و«وادي الذهب» (المكسيك)، و«أعمال الرحمة الـ7» (إيطاليا)، و«سنيكرز» (بلغاريا)، و«من دون» (الولايات المتحدة الأميركية).

وضمت لجنة تحكيم الفيلم الطويل، إلى جانب كوستوريتشا، كلا من الممثلة الأميركية جيسيكا كاستان والمخرجة والممثلة الفرنسية نيكول غارسيا والممثلة الإيرانية ليلى حاتمي والمخرج المغربي عبد القادر لقطع والمخرج الفلبيني بريونتي ما مندوزا والمخرج وكاتب السيناريو الروماني رادوميهايلينو والممثلة الإيطالية مايا سانسا.

فاز فيلم «من الواد للهيه» (أبعد من النهر) لمخرجه محمد عواد من المدرسة العليا للفنون البصرية في مراكش بـ«النجمة الذهبية» لأفضل فيلم مغربي قصير لسينما المدارس، التي تمنحها مؤسسة المهرجان. وتهدف هذه الجائزة، وقيمتها 300 ألف درهم (نحو 38 ألف دولار)، وهي منحة خاصة من الأمير مولاي رشيد، شقيق العاهل المغربي ورئيس مؤسسة المهرجان، إلى الكشف عن موهبة جديدة من بين طلبة المدارس ومعاهد السينما في المغرب.

وشارك في مسابقة الفيلم القصير 10 أفلام. ويحكي فيلم «من الواد للهيه» قصة رشيد الذي يعيش في منزل منعزل بقرية نائية، والذي بعد أن يعود إلى منزله، قبل غروب الشمس، ويتأكد من إغلاق الأبواب والنوافذ قبل حلول الظلام، سيستمر شعوره بالوحدة وروتينها، إلى حين وصول امرأة.

وترأست الممثلة الأميركية سيغورني ويفر لجنة تحكيم الفيلم القصير. وضمت اللجنة في عضويتها، إلى جانب ويفر، كلا من المخرجة وكاتبة سيناريو المغربية فريدة بليزيد والممثلة البلجيكية ماريجيلان والممثل الفرنسي باسكال كريكوري والمخرج الفرنسي بيير سالفادوري.

وشكلت فقرة التكريم أبرز لحظات التظاهرة، حيث تم تكريم الفنان المغربي محمد بسطاوي والمخرج الإيطالي ماركو بيلوتشي والمخرج والسيناريست الأميركي تييري غيليام والممثل والمخرج الأميركي فورست ويتيكر والمخرج والسيناريست الفرنسي (من أصول مغربية) رشدي زم والممثل الهندي شاه روخ خان، فضلا عن تكريم السينما المكسيكية.

وتضمن برنامج العروض الخاص بالتظاهرة، إضافة إلى الأفلام المبرمجة في المسابقة الرسمية، وتلك التي عرضت في إطار «نبضة قلب»، التي خصصت للأفلام المغربية، أفلاما عرضت خارج المسابقة وأخرى برمجت لفائدة المكفوفين وضعاف البصر عبر تقنية الوصف السمعي، فضلا عن برنامج العروض الخاص بساحة جامع الفنا.

وشكلت الفقرة التي وضعت من أجل المكفوفين وضعاف البصر، أبرز فقرات التظاهرة، حيث شهدت عرض 8 أفلام، هي: الفيلم الفرنسي «نساء» (2002) للمخرج فرانسوا أوزون، والفيلم البريطاني «الملكة الأفريقية» (1951) للمخرج جون هيوستن، والفيلم الأميركي «قطار الشمال» (1951) للمخرج ألفريد هيتشكوك، والفيلم الأميركي «شرق عدن» (1955) للمخرج إيليا كازان، والفيلم الفرنسي «متشردة» (1985) للمخرج أنييسفاردا، والفيلم المغربي «لالة حبي» (1997) للمخرج محمد عبد الرحمان التازي، والفيلم الفرنسي «الحياة قطار» (1998) للمخرج رادو ميهايلينو، والفيلم الفرنسي «مقاولتي الصغرى» (1999) للمخرج بيير جوليفي. ومكنت هذه الفقرة المكفوفون وضعاف البصر، للسنة الرابعة على التوالي، من «مشاهدة» أفلام سينمائية. ويشدد المنظمون على أن الهدف من برمجة هذه الفقرة هو التأكيد أن الإعاقة البصرية لم تكن، في يوم من الأيام، عقبة في وجه الاندماج الكامل في الحياة المجتمعية والثقافية والاقتصادية، وأنه بفضل تقنية الوصف السمعي، التي تتوخى النهوض بسينما المكفوفين وضعاف البصر، ستتمكن هذه الشريحة من التمتع بحقها في الثقافة والترفيه والحلم والمعرفة التي توفرها السينما، هذا الفن الذي بدا، بالنسبة للكثيرين، كما لو أنه باب موصد، إلى ما لا نهاية، أمام المكفوفين والمعاقين بصريا. وعرفت الأفلام المبرمجة معدل مشاهدة تراوح بين 120 و200 من المكفوفين وضعاف البصر، من مختلف جهات المغرب. وطبعت مؤسسة المهرجان ملخصات الأفلام الـ8، التي تم عرضها، بطريقة «براي»، بالعربية والفرنسية والإنجليزية.

ويرى رشيد الصباحي، الإذاعي المغربي، وهو كفيف، أن الفقرة منحت المكفوفين وضعاف البصر فرصة الحديث عن «سينما المكفوفين»، مشددا على أن «الإعاقة ليست في أن يكون لنا نظر ضعيف أو حتى ألا يكون لنا بصر، بل الإعاقة هي أن نمنع النظر، عندما تكون هناك ظروف مساعدة على المشاهدة».

وأكدت الأجواء التي مرت فيها التظاهرة الصيت والقيمة التي صارت لمهرجان الفيلم بمراكش. وقال نور الدين الصايل، نائب رئيس مؤسسة المهرجان، إن المهرجان «تمكن الآن من امتلاك إيقاعه الجيد على مستويات متعددة، مما جعله يصنف ضمن أحسن المهرجانات السينمائية العالمية، ويؤكد أن هذه النتيجة الإيجابية جاءت كثمرة للسمعة الدولية التي أضحى يتمتع بها».