«الأزرق والهدهد عشق في الـ(فيس بوك)» كتاب يستقطب مدمني الإنترنت

الأول من نوعه صمم ليشبه الـ«لاب توب» والصفحات الإلكترونية

غلاف الكتاب
TT

بينما انتظر اللبنانيون عملا فنيا جديدا لجاهدة وهبي، تغني فيه الحب والألم ويذوب صوتها في مكنونات موسيقاه، إلا أنها فاجأتهم بكتاب يعتبر أولى تجاربها في هذا المجال بعنوان «الأزرق والهدهد عشق في الـ(فيس بوك)»، تناولت فيه قصة حب افتراضية في عالم رقمي لم تكتمل تفاصيلها في الخيال، علّ الواقع يحييها على طريقته، أو علّها تجد لخواتمه نهاية في جزء ثان منه.

الكتاب جديد من نوعه في العالم العربي (من إصدارات «دار الساقي») وربما في أوروبا، إذ قدمته الكاتبة في قالب يختلف تماما عن الكتب والمدونات التي نقرأها، فهو لا يشبه أي كتاب آخر، إن كان من حيث القالب الذي وضع فيه إذ صمم على مثال جهاز الـ«لاب توب»، وكتب على إيقاع صفحة الـ«فيس بوك» الإلكترونية تماما، أو من حيث المضمون الذي يحتويه والذي تسوده الشفافية وحرية التعبير، كون الدردشة الإلكترونية تمتاز عن الأحاديث العادية بحرية التعبير فتسمح لصاحبها أن يسترسل في كلامه دون أن يواجه الصعوبات التي يلاقيها عادة في نظرات أو حركات اليدين عند الطرف الآخر التي قد تؤثر بشكل أو بآخر على كلامه أو ردّ فعله عند وجوده معه وجها لوجه.

لماذا «الأزرق والهدهد»؟ تقول جاهدة وهبي في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «الأزرق من أسماء الطوارق (رجال الصحراء الزرق) وتعني السمو بالعشق في اللغة الصوفية، ويقال زرقة المدى والأفق. والهدهد هو الطائر الجميل المعروف بحكمته وبالعرف الملون على رأسه الصغير، ويعني الشموخ، والاسمان يرمزان إلى أبطالa القصة «أدير» - الرجل الواضح الآتي من صحراء المغرب يمارس مهنة التعليم ويخبو وراء صورة فوتوغرافية على صفحة الـ(فيس بوك)، و(هدى) الأنثى الآتية من لبنان واسمها التدليلي «هدهد»، التي تهدهد حبيبها، ورغم المسافات والاختلافات التي تميزهما عن بعضهما البعض فإنهما استطاعا التواصل إلكترونيا عبر موجة من الحب المجنون لخمس ليال متتالية».

فجاهدة المعروفة بغنائها الراقي لنصوص شعرية تعود للحلاج وابن عربي وطاغور والخيّام وأنسي الحاج وغوته وأحمد شوقي وغيرهم - هي ممثلة وملحنة ورئيسة لجنة الثقافة والبرامج في مجلس المؤلفين والملحنين اللبنانيين، ومن إصداراتها الغنائية ألبوم بعنوان «كتبتني» تؤكد أن كل ما كتبته نابع من عشق عايشته فحولته إلى قواف وجمل وذبذبات مكتوبة، تصفها بأنها أكبر منها وأنها في الحقيقة ليست سوى كاتبة افتراضية، وأن تعبيرها عن أحاسيسها يمكن أن يأخذها إلى الغناء كما إلى التلحين أو التمثيل وحتى إلى الكتابة. وتقول:«القصة هي نوع أدبي جديد، فلا هو رواية ولا شعر ولا نثر ولا خواطر، بل هي فكرة عصرية فيها الكثير من الثورية والحميمية والشاعرية مكتوبة بلغة كلاسيكية أردت من خلالها شد انتباه الشباب المدمن على الإنترنت الذي نسي الكتاب تماما وغاص في العالم الرقمي. ولعل الشكل الذي قدمت فيه الكتاب والمضمون المرفق بالوقت والزمان وعلى صفحات من ورق رسمتها وكأنها إلكترونية تماما، كالـ(wall) الذي لا يشبع رواده على الإنترنت من الكتابة عليه. وهذا الخليط ما بين الكتابة الأدبية والصحافية المنشورة قد تحقق رغبتي وتقرب الشباب من الكتاب عامة». ومع كل المحاولات التي أرادتها جاهدة لجذب الشباب اللبناني الضعيف في القراءة واللغة العربية على السواء، فهي أكدت أنها لا تستطيع أن تكتب له إلا ما يشبهها، ولذلك جاءت اللغة المكتوبة مكثفة بالتعابير والسجع والمفردات الكلاسيكية، لأن اللغة السهلة، كما تقول، موجودة بغزارة وهي أرادت للشباب كتابا ينقلهم قلبا وقالبا إلى الجديد وليس إلى المستهلك في عالم الكتابة.

وتستهل الكاتبة القصة باهداء تقول فيه «إليك عصام... وقد صار المجاز حقيقة». ومن ثم بصفحة أولى كتبت عليها ما استخلصته هدى بطلة القصة في اليوم الأول من عام 2010 الجديد من مغامرتها التي أمضت خلالها الليالي الخمس الأخيرة (26-27-28-29-30-31) من العام الذي سبقه 2009 في دردشة إلكترونية مع حبيبها، قائلة له «في صباح رأس السنة هذا... لك عمر أنوثتي سأفنيه... لك روح وتري سأهديها... كلما أتى رأس سنة... كلما مات رأس سنة». وبعدها تظهر رسالة إلكترونية على جدار الـ«فيس بوك»، كتبها بطل القصة «أدير»، ويقول فيها «شكرا لغرف الـ(فيس بوك) التي مكنتنا من أن نرصد النجوم الغربية.. ونسترق النظر إلى الشهب السرية الرهيفة، وأتاحت لنا فرصة أن نعيش بعضا من الحياة الأخرى.. حياة الخيال والمجاز التي تطرق أبواب قلوبنا على غفلة ولا ننتبه إليها ونحن منخرطون في الاستعارات اليومية البليدة. شكرا لك هدى لأنك أضفتني إلى قائمة الأصدقاء والمجانين، شكرا لك يا سيدة الكلمة والياسمين». ومن ثم تنقلنا الكاتبة إلى الليالي الخمس، مستعيرة أسماء خاصة بها فجاءت كالتالي ليلة غودو - ليلة العنقاء - ليلة التوليب - ليلة هدى زاد، وأخيرا ليلة الأنثى التي رغم دلالات اسمها يختمها «أدير» بكلمات نابعة من قلبه يتوجه بها إلى حبيبته «هدهد»، قائلا لها «دعيني أرجُك ولو لمرة أخيط قفطانك المغربي بشراييني... أزركشه بدمائي التي صارت من فرط حبك بألوان قوس الفرح.. اسمحي لي بأن أتوجعك بمزاج القوافي، أبكيك بعيون المدينة البيضاء التي صارت مذ رحلت تتحرك كل فجر... أنا عاشق أنا عاشقك ولا شيء آخر».