قبيل عيد الميلاد.. لندن «مدينة عجائب»

تميزها الأضواء والزينات والأسواق الشعبية

متنزه «وينتر وندرلاند» في حديقة هايدبارك بلندن (تصوير: حاتم عويضة)
TT

انطلقت فعاليات احتفالية مميزة في العاصمة البريطانية لندن مضيفة الضوء واللون لهذه المدينة الرمادية مع بدء العد التنازلي لاحتفالات الميلاد ورأس السنة الميلادية. وعادة ما تنشط الأحداث الترفيهية والأنشطة التسويقية خلال موسم الشتاء أكثر من أي موسم آخر في السنة لتشجيع الناس للخروج والتغلب على سوء المزاج الذي يصاحب برد الشتاء وطول ليله.

كل ذلك جعل من لندن أشبه بمدينة للعجائب تتلألأ في سمائها الأضواء وتنتشر حولها أشجار عيد الميلاد الملونة وتصدح في أزقتها الموسيقى والترانيم الدينية «الكارولز».. بل وتحولت حديقتها الضخمة «الهايدبارك» إلى مدينة ملاهٍ تضم أضخم مجموعة من الألعاب المثيرة ضمن «سوق الكريسماس» السنوي.

وفي 29 شارعا من المدينة عُلقت ثريات عملاقة ذات أحجام وأشكال متنوعة، كمظلات ونجوم وقلوب عكف على تصميمها خيرة المصممين. وتتوهج الأضواء من هذه الثريات مع ترانيم أعياد الميلاد الدينية التي انتشرت فرقها، المكونة من الأطفال في محطات القطار وأمام المتاجر ومراكز التسوق حاملين الأجراس الموسيقية ومرتدين قبعات ومعاطف «سانتا كلوز» - بابا نويل - الحمراء. وهم ٌهؤلاء بمعايدة المارة بالترانيم الدينية وجمع النقود لصالح هذه وتلك من المؤسسات الخيرية أو المستشفيات.

أضواء عيد الميلاد مناسبة عالمية في مدينة لندن مع كل عام ومنهج متبع يحييه نجم سينمائي أو نجم غناء وتحتشد له الجماهير بالآلاف، ومن أبرزهم هذا العام المغني الكندي الشاب جاستين بايبر الذي أضاء على وقع موسيقى البوب أضواء مركز «ويست فيلد» التجاري. ومن أبرز الشوارع التي حظيت أضواؤها الساحرة باهتمام السياح شارعا «ريجنت ستريت» و«كارنابي ستريت» وهو أحد الأزقة المتفرعة من شارع التسوق الشهير «أكسفورد» والمعروف جيدا لمعظم السياح والسكان المحليين ويزوره نحو 200 مليون شخص سنويا.

الحديث عن التسوق يقود إلى الحدث الأبرز في هذا الموسم ألا وهو التخفيضات الموسمية التي يتميز بها شتاء لندن وهي حسوم مبدئية تسبق الحسومات الكبرى التي تبدأ مباشرة بعد انقضاء عيد الميلاد فيما يسمى بـ«Boxing day». ولقد ازدحمت شوارع التسوق الرئيسية بمئات آلاف من المتسوقين من مختلف دول العالم الذين توافدوا لشراء هدايا العيد لأسرهم وأصدقائهم من أكثر من 300 متجر وسط لندن وتحديدا شارعي «نيو بوند ستريت» وهو شارع نخبة المتسوقين ووجهة المشاهير وكذلك شارع «أكسفورد ستريت». وتجري عادة تبادل الهدايا مع إشراقة صباح عيد الميلاد وهي عادة يشترك فيها الصغار والكبار، وتدركها المتاجر ومراكز التسوق محاولة استغلالها لجذب الزوار إليها من خلال عروض مميزة على المبيعات سواء كانت ملابس أو عطورا أو أجهزة إلكترونية. وقد وصلت الحسوم في بعض المتاجر إلى 60 في المائة. وقالت إحدى المتسوقات جيني كورت بينما تتسوق مع أطفالها: «إنه لأمر رائع أن يكون هناك متسع للتسوق في وقت متأخر». وتابعت «لقد كانت المخازن الكبرى تغلق أبوابها الساعة السادسة وهذا أمر محبط لأنني عادة انتهي من العمل متأخرا. أصبح الوقت ملائما الآن للتسوق والحصول على البضائع بأسعار مخفضة».

من جهتها قالت إيلينا بينيت مشرفة خدمة العملاء في متجر «جون لويس» بوسط لندن إن معظم الأشخاص يرددون أنهم يرغبون بشراء شيء مختلف ولكن في متناول اليد، لا سيما أنهم في الغالب مضطرون لشراء أكثر من هدية لأكثر من شخص. وحول أكثر الهدايا «غير المألوفة» التي شهدت إقبالا هذا العام قالت: «هناك طلب كبير على البطانيات ذات الأكمام وهي مفيدة جدا في فصل الشتاء ويتراوح سعرها ما بين 7 إلى 9 جنيهات».

وأضافت: «هذا بجانب الهدايا الكلاسيكية التي غالبا ما تكون تحت الطلب كالعطور التي تشهد حسومات هائلة وبنصف السعر، بالإضافة إلى الأجهزة الإلكترونية كالهواتف أو أجهزة الآي باد».

من جانب آخر تشهد الأسواق الشعبية (التي تفتح فقط خلال موسم الأعياد لبيع سلع عيد الميلاد) حضورا قويا ولها أجواء احتفالية مميزة في معظم شوارع لندن. ولقد انطلقت 14 سوقا خاصة بالعيد بعضها متخصص بالمواد الغذائية ذات الجودة العالية وبأسعار معقولة. وعموما تتميز السلع المعروضة في هذه الأسواق بأنها مختارة بعناية لتشمل مجموعة متنوعة من الأطعمة الموسمية التي لا تتوافر في معظم مخازن المواد الغذائية الكبرى مثل الحيوانات البرية، وبعض أنواع اللحوم، والجبن، والصلصات والمخللات، جنبا إلى جنب مع اللحم المفروم والفطائر. بالإضافة لذلك، انتشرت دكاكين لبيع المجوهرات المصنوعة يدويا وأكشاك بيع الملابس والكتب والسلع الجلدية والأواني الزجاجية والحرف والهدايا.

هذا وامتلأت الساحات والميادين بأشجار عيد الميلاد العملاقة المزينة بالحلي والأضواء الملونة الصارخة. وفي منطقة «كوفنت غاردن» بالذات أصبحت شجرة الميلاد البراقة هنا نقطة التقاء للأحبة والأصدقاء الذين لا يكفون عن الدوران حولها للالتقاط صور تذكارية. كما تعتبر الشجرة الضخمة في ساحة الطرف الأغر (ترافالغار سكوير) من أفخم أشجار عيد الميلاد. ودرجت العادة أن تعطى لبريطانيا كهدية من أهل أوسلو عاصمة النرويج كعربون شكر وعرفان لبريطانيا على دعمها خلال الحرب العالمية الثانية.

إلا أن سحر العجائب الشتوية هذا الموسم يتمثل في حديقة «هايدبارك»، هذه الحديقة التي نعرفها خضراء شاسعة صيفا تحولت إلى مدينة ألعاب ترفيهية تضم مجموعة من الأنشطة المبهرة تتنوع ما بين التزلج على الجليد ومدينة ملاهٍ متكاملة وسيرك حي يناسب الأسرة والأصدقاء الذين يمكنهم الدخول إليها بشكل مجاني.

ويظل حضور سيرك «زيبو» الذي يقدم على مدى 50 دقيقة من أروع التجارب في هذه الحديقة، حيث يؤدي عدد من سحرة ألمانيا ومنغوليا وكينيا مجموعة مذهلة من خفة اليد والحركات البهلوانية كالسير بالدراجة على حبل، بجانب ألعاب خطرة تبقي الجمهور على حافة مقاعدهم. كما ترتفع عجلة عملاقة إلى 60 قدما في السماء، وهي أحد الألعاب الترفيهية المثيرة التي يقبل عليها الكبار فتعطي منظرا عجيبا للندن وما وراءها على مدى 15 دقيقة.

وتحتضن حلبة خاصة للتزحلق على الجليد أكثر من 200 شخص. ولا يوجد حد أدنى لسن المتزحلقين ولكن يجب أن يرافق من هم دون سن التاسعة مرافق بالغ، كما يُسمح باستخدام الزلاجات الخاصة.

الأطعمة والأشربة بجميع أنواعها موجودة على شكل دكاكين للشواء ومقاهٍ وحانات تناسب كل الأذواق. وتقول ساره موران أم جاءت مع أطفالها من محافظة «ايسيكس» بشمال شرقي لندن «لقد جئنا لمدينة الملاهي ولتجربة القرية البافارية وتجربة شطائر الهوت دوغ». مضيفة «على الرغم من أن التجربة مثيرة جدا ولكن في الحقيقة الأسعار باهظة جدا إذ سعر الهامبرغر هنا يصل إلى 6 جنيهات».