ثاتشر من جديد.. المرأة الحديدية تثير جدلا حتى في السينما

نجلاها أصيبا بهلع من الحبكة الدرامية وشبهاها بـ«قصة من نسج خيال اليسار»

ميريل ستريب في دور مارغريت ثاتشر
TT

سواء كان ذلك في الحياة الواقعية أم على شاشات السينما، يبدو أن رئيسة وزراء بريطانيا السابقة مارغريت ثاتشر أو «المرأة الحديدية» كما اشتهرت، لم تفقد ولو قدرا ضئيلا من قدرتها على خلق انقسامات في الرأي، كما يؤكد ذلك الجدل المشتعل حول فيلم مرتقب ظهوره عنها.

الممثلة الأميركية ميريل ستريب، التي اشتهرت بقدراتها في إجادتها للكنات المختلفة، تجسد في هذا الفيلم شخصية الزعيمة السابقة التي تبلغ من العمر الآن 86 عاما، وتصورها كامرأة خائرة القوى، فيما تعرض لقطات بنظام الفلاش باك عصرها الذهبي 1979 -1990.

فاللقطات الدعائية للفيلم الذي من المقرر أن يطرح في العرض الأول في بريطانيا يوم السادس من يناير (كانون الثاني) المقبل، تجد مدبرة منزل المرأة الحديدية وحدها في المطبخ وهي منكبة على إناء به عصيدة وتقول لها: «ها أنت ذا». فترد عليها ثاتشر «ها نحن ذا» متوهمة أن زوجها دينيس الذي عاشت معه سنوات طويلة وتوفي عام 2003 لا يزال معها.

هذا الجانب تحديدا من العمل أثار ثائرة محبي ثاتشر في بريطانيا الذين يرون في هذا التصوير «إهانة». في المقابل دافعت ستريب عن الدور ببسالة، إذ قالت إن كبر السن والإصابة بالخرف أو العته لا ينبغي أن ينظر إليه كوصمة. «إنها الحياة.. تلك هي الحقيقة» حسبما قالت الممثلة الحائزة على الأوسكار، خلال مقابلة أجرتها معها مؤخرا هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي).

وقالت ستريب لصحيفة «ديلي تليغراف»: «أردت تقديم عمل عن الفناء وتقبل واقع فقدان الحياة.. ووجدنا قصة شعرنا أنها تقدم ذلك المضمون». وقالت ستريب إن الفيلم يقدم نظرة «شخصية تماما» لثاتشر وهي تخطو نحو النهاية، فصورنا «انحسار وتناقص قوتها».

وقالت الممثلة، التي قضت شهورا طويلة تشاهد وتستمع لتسجيلات فيديو وتسجيلات إذاعية كي تتمكن من التعرف على لغة الجسد والصوت عند ثاتشر، إن الحديث مع الناس عن ثاتشر كان ممتعا لأن «كل شخص كانت لديه وجهة نظر عنها».

كان هدفها الرئيسي من تقديم العمل الذي أخرجته فيليدا لويد مخرجة «ماما ميا»، هو «معرفة أي شيء كان يجذب الناس لها، ما ولّد في قلوب آخرين ذلك الحقد الدفين عليها».

اعتمد الفيلم بشكل كبير على لقطات إخبارية ليذكر المشاهد بمعارك ثاتشر مع اتحادات العمال البريطانية والاحتجاجات الواسعة ضد حكمها وحرب عام 1982 مع الأرجنتين بسبب جزر فوكلاند وهجمات القنابل التي شنها الجيش الجمهوري الآيرلندي في بريطانيا، من بين نواح أخرى في حكمها الذي دام 11 عاما.

الفيلم قدم تقييما بأثر رجعي عن بزوغ نجم ثاتشر الذي لم ينطفئ في عالم السياسة الذي هيمن عليه الرجال إبان سبعينات وثمانينات القرن الماضي، ومناوراتها السياسية بالإضافة إلى حياتها كأم.

وقالت ستريب لـ«ديلي تليغراف» «ثاتشر كانت غريبة في عالمها وفي حزبها». أعتقد أنني شغوفة بعملي قدر شغفها بعملها، كما أنني لا أرضى أن يسيء (أحد) فهم ما أحاول القيام به، مثلها تماما». وقالت ستريب لـ«تايمز»: «نحن في اليسار لم نكن نحب سياستها لكننا كنا نضمر في أنفسنا شعورا بالإعجاب بما استطاعت كامرأة تحقيقه». وأضافت «لا أزال أعارض كثيرا من (أفكار) سياستها.. لكنني أشعر أنها آمنت بها وأنها كانت تنبع من يقين صادق».

يقول مايكل بورتيلو وزير الدفاع البريطاني الأسبق والحليف المقرب من ثاتشر، إنه على الرغم من أداء ستريب «الرائع» فإنه شعر بـ«عدم الارتياح» إزاء المشاهد التي صورت مرضها. وتنبأ بورتيلو «أرى أنه عمل فني ضخم.. لكنه فيلم روائي مثير للجدل».

وتردد أن مارك وكارول نجلي ثاتشر التوأم، أصيبا بهلع من الحبكة الدرامية للعمل، الذي تردد أنهما شبهاه بـ«قصة من نسج خيال اليسار».

لكن لويد، التي تصف فيلمها «المرأة الحديدية» بأنه «فيلم آيديولوجي»، تقول إن المشاهدين سيدركون قدر الاهتمام والحذر الذي حرصت عليه ستريب في الحفاظ على «كرامة» ثاتشر.