«من قتل مارلين؟».. مسرحية لبنانية تبحث في خفايا موت مونرو

تلقي الضوء على حياتها ووفاتها وما يرتبط بهما من تأثيرات اجتماعية تنطبق على الواقع اللبناني

مسرحية «من قتل مارلين؟» من إخراج نديم دعيبس وتأليف وتمثيل ريّا حيدر ومروى خليل
TT

في لبنان «أرض الاغتيالات الخصبة»، ها هي التحقيقات في مقتل أسطورة السينما الأميركية مارلين مونرو تأخذ مجراها على مسرح مونو في بيروت، في مسرحية تحمل عنوان «من قتل مارلين؟»، من إخراج نديم دعيبس وتأليف وتمثيل ريّا حيدر ومروى خليل.

الغموض الذي رافق حياة مونرو والذي أدّى إلى وفاتها «انتحارا مع وقف التأكيد»، هو خيط التحقيق الأساسي الذي ترتكز عليه المسرحية طارحة احتمالات عدّة مسقطة عليها «الحالة اللبنانية» الغنية بالتكهنّات حينا والتفسيرات أحيانا التي ترافق كلّ عملية اغتيال سياسية تقع في لبنان، إضافة إلى ما يطبع هذا المجتمع وحياة أفراده من عادات وخصائص صارت مرتبطة بهم، قد تساهم في أحيان كثيرة في وصول أي شخص إلى الانتحار أو الموت. وللواقع النسائي اللبناني رسالة أو إضاءة من أصحاب العمل على صورة المرأة من خلال هذه الأيقونة النسائية بحضورها وجمالها الذي كان له الوقع الأبرز في نجاحاتها وإخفاقاتها.

المسرحية التي تصوّر مونرو في لوحات عدّة في أيامها الذهبية وأشهرها خلال تأديتها أغنية «عيد ميلاد سعيد سيدي الرئيس»، تضع موتها على مشرحة التحقيق الذي يضع شخصيات عدّة تحت مجهر الاتهام المباشر وغير المباشر من خلال أسماء كان لوجودهم أهمية في حياة «مارلين الواقعية - المسرحية» والتي اختار فريق العمل أن يجعلها لبنانية تتوافق مجريات حياتها مع أوضاع وحالات محلية.

وفي حين تنفرد الممثلتان في تأدية المسرحية بعيدا عن أي ديكور إضافي، فالمقوّمات الفنية البصرية قامت بالمهمّة من خلال الشاشة التي عكست اتجاها فنيا مستوحى من سحر الخمسينيات في هوليوود، ومن الجماليّات السينمائية بالأبيض والأسود في عصر مونرو الذهبي.

من «زوزو»، الميكانيكي البيروتي الآتي من مجتمع «منغلق» ويعيش في الحي نفسه حيث كانت «مونرو اللبنانية» وكان له معرفة بها وبحياتها وتحرّكاتها، تبدأ سلسلة التحقيقات. فيروي عن «رحلته» الرومانسية معها على دراجته النارية في كورنيش المنارة حيث انتهت الرحلة بقتل مونرو، لتكون النتيجة بل السبب وراء هذه النهاية «صورة مارلين - الإغراء»، مع ما يترافق مع هذا المشهد من «وقائع لبنانية» مرتبطة بحياة الشباب وعلاقاتهم. رغم أنّ تمثيله بدا مبالغا فيه إلى حدّ ما وكان يحتاج إلى ضبط حركي وحواري أكثر.

وكان للفنّ أيضا دوره المباشر وغير المباشر في وصول مارلين إلى «حافة الهاوية»، وهذا ما حاولت كاتبتا المسرحية ومخرجها إظهاره من خلال المشهد الذي يظهر فيه أحد المخرجين بطبعه العصبي متهكّما على حرفية مارلين ونجوميتها المزيّفة. كذلك للسياسة التي دخلت في حياة مارلين من باب الرئيس السابق جون كينيدي، حصّتها الأساسية في سياق المسرحية، وذلك من خلال زوجته جاكلين كينيدي، التي تعكس بحسب مروى خليل نموذجا لبعض النساء اللبنانيات اللواتي يجسدن بإتقان صورة الزوجة المثالية أمام مارلين المجروحة والمخدوعة أمام غريمتها التي ينتهي بها الأمر بخنقها عبر شريط الهاتف.

من العام إلى الخاص، أو العائلي بالتحديد، تنتقل التحقيقات في «من قتل مارلين؟» إلى غلاديس، والدة أسطورة السينما، التي أمضت آخر أيام حياتها في مستشفى للأمراض العقلية، وكان لها «دور نفسي سلبي» لافت في مجريات حياتها الشخصية والعائلية الدرامية. فتظهر المرأة التي صوّرت وهي لا تزال تعيش على أمجاد جمالها الماضي تحمل شعارات لبنان الوطنية المتمثّلة بالحقيقة والحريّة حتى وهي في «سجنها»، والأهمّ من ذلك تلك الغيرة تجاه ابنتها التي بقيت متربّصة بها طوال حياتها. ومن داخل جدران منزلها إنما هذه المرّة على أيدي خادمتيها اللتين تغاران منها وتتمنيان ليس فقط التماهي بها بل تنشّق رائحتها وارتداء ثيابها، لتقدّم لهما الفرصة في النهاية على طبق من ذهب حين تقرّر مارلين أن تنتحر، فتنفردان بتقطيع أوصال جسدها ومقتنياتها والاستيلاء عليها.

وفي ما يتعلّق بتفاصيل العمل ولا سيّما اختيار «مارلين مونرو» لتكون «بطلة المسرحية»، تقول مروى خليل لـ«الشرق الأوسط»: «في بداية الأمر كان الأهمّ بالنسبة إلينا هو البحث عن موضوع يهمّ المرأة، وخلال القيام بالمهمة وجدنا أنّ مونرو (رمز الأنوثة) تجمع في شخصيتها وحياتها ما يمكن أن ينطبق على الحالة اللبنانية، من واقع الرجل إلى المرأة وصولا إلى الاغتيالات السياسية. فعمدنا إلى إسقاط ظروف حياتها على الواقع المحلي وجعلناها لبنانية تنطبق بلساننا وتعبّر عن المعاناة التي لا تختلف كثيرا عن الواقع اللبناني، والتي ساهمت مجتمعة في وفاتها». وتعتبر خليل أن «الرسالة من هذه المسرحية هي إظهار حقيقة الواقع الذي عانت منه مونرو في حياتها والذي ينطبق بشكل أو بآخر على حالات لبنانية مختلفة، ولا سيّما نظرة الرجل إلى المرأة التي تقتصر على جمالها الخارجي والتي تتحوّل في أحيان كثيرة إلى ضحيّة هذا المظهر».