التجسس على الهواتف الجوالة في الولايات المتحدة

برنامج في الذكية منها يسجل كل ضغطة زر وكل رسالة نصية

TT

يحقق المحققون الفيدراليون في مزاعم بأن برمجيات الهاتف الجوال الخاصة بشركة «كارير أي كيو»، والموجودة في نحو 150 مليون هاتف جوال، تقوم بتعقب نشاط مستخدمي الهواتف الجوالة وترسل هذه المعلومات إلى شركات الهاتف الجوال من دون إعلام المستهلكين، وذلك وفقا لما ذكره مسؤولون حكوميون أميركيون.

وقد سافر مجموعة من المديرين التنفيذيين من شركة «كارير أي كيو» إلى واشنطن الأسبوع الماضي واجتمعوا مع مسؤولين في لجنة التجارة الفيدرالية، والتي تعد اللجنة المسؤولة عن حماية المستهلكين وفرض القوانين المتعلقة بالخصوصية، كما اجتمع المديرون التنفيذيون أيضا مع لجنة الاتصالات الفيدرالية.

وقد ثار الجدل حول شركة البرمجيات، التي يقع مقرها في سيليكون فالي، قبل بضعة أسابيع، عندما اكتشف الباحث الأمني تريفور إيكهارت وجود أدلة على أن أحد البرامج التي وضعتها الشركة والموجودة في الهواتف الذكية، يقوم بتسجيل كل ضغطة زر وكل رسالة نصية يكتبها المستخدمون ويقوم بإرسال هذه المعلومات إلى شركات الهاتف الجوال.

وقد أكد مسؤولون، تحدثوا بشرط عدم الكشف عن هويتهم لأنها مسألة خاصة، أن لجنة التجارة الفيدرالية تجري تحقيقا في الأمر، بينما قالت متحدثة باسم لجنة التجارة الفيدرالية إنها لا تستطيع تأكيد أو نفي ما إذا كانت اللجنة تجري تحقيقا حول شركة «كارير أي كيو» أم لا، ولكن متحدثة باسم شركة «كارير أي كيو» قالت إن بعض مديري الشركة التنفيذيين كانوا يتعاونون في الوقت الحالي مع المحققين الفيدراليين، حيث قالت ميرا وودز، من قسم التسويق والاتصالات بشركة «كارير أي كيو»: «إننا نمتثل لجميع التحقيقات في الوقت الحالي لأننا ليس لدينا شيء نخفيه، وقد تعاملنا بأقصى درجات الشفافية خلال هذه العملية».

وقالت شركة «كارير أي كيو» إن برامجها ليست مصممة لتسجيل ضغطات الأزرار أو مضمون الرسائل، ولكن هذا قد يكون حدث في بعض الحالات عن طريق الصدفة، وقالت الشركة إن هذه البيانات تهدف إلى مساعدة مستخدمي الهواتف الذكية على تحسين قدرتهم على استخدام تلك الهواتف.

وقالت وودز إن الرئيس التنفيذي لشركة «كارير أي كيو»، لاري لينهارت، وأندرو كاورد، كبير نواب رئيس التسويق في الشركة، قد اجتمعا مع المنظمين الفيدراليين في لجنة التجارة الفيدرالية ولجنة الاتصالات الفيدرالية، كما اجتمعا مع بعض العاملين في الكونغرس.

وقد قال ثلاثة من الشركات الأربع الرئيسية التي تقدم خدمات الاتصالات للهواتف الجوالة – «إيه تي أند تي»، و«تي موبايل»، و«سبرينت» - إنهم يستخدمون برمجيات شركة «كارير أي كيو» وفقا لسياسات الخصوصية الخاصة بهم، بينما قال متحدث باسم شركة «فيريزون»، إن البرنامج لم يكن موجودا على أي من الأجهزة الجوالة التابعة للشركة. وقالت شركة «أبل» من جانبها إنها ستزيل برمجيات شركة «كارير أي كيو» من على أجهزة الـ«آي فون» الخاصة بها عند إجراء عملية تحديث برامج تلك الأجهزة في المستقبل.

وقد طالب عضو الكونغرس إدوارد ماركي، نائب دائرة ماساتشوستس، في الثاني من ديسمبر (كانون الأول) لجنة التجارة الفيدرالية بالتحقيق في ممارسات شركة «كارير أي كيو»، باعتبارها ممارسات غير عادلة أو ممارسات تنطوي على الخداع.

وقال ماركي، الرئيس المشارك في لجنة الخصوصية بالكونغرس: «إن لديّ مخاوف جدية حول برمجيات شركة (كارير أي كيو)، وحول مدى قيامها بجمع معلومات شخصية عن المستخدمين بشكل سري، مثل محتوى الرسائل النصية، فالمستهلكون والأسر في حاجة إلى فهم من الذي يقوم بالتجسس على معلوماتهم الشخصية وتخزينها، في كل مرة يستخدمون فيها الهواتف الذكية الخاصة بهم».

وقال ماركي في خطاب كتبه إلى جون ليبويتز، رئيس لجنة التجارة الفيدرالية، إن برمجيات شركة «كارير أي كيو» تثير عددا من المخاوف المتعلقة بخصوصية مستخدمي الهواتف الذكية، ولكن لم يتسن الحصول على تعليق من ليبوفيتز. وقد اندلع جدل آخر حول الشركة في عالم التدوين، في أثناء اجتماع المديرين التنفيذيين لشركة «كارير أي كيو» مع المنظمين الفيدراليين، حيث أدت عدم استجابة مكتب التحقيقات الفيدرالي إلى طلب مقدم من أحد الصحافيين إلى نشر شائعات بأن المكتب نفسه كان يستخدم برمجيات الشركة في أغراض المراقبة المحلية. وكان مكتب التحقيقات الفيدرالي قد رفض طلب للحصول على معلومات حول شركة «كارير أي كيو» من أحد الصحافيين التابعين لمدونة «ماكروك» الإخبارية بموجب قانون حرية المعلومات، حيث كان الصحافي قد طلب الحصول على أدلة أو وثائق أو غيرها من الإرشادات المكتوبة المستخدمة في الحصول على البيانات التي تجمعها برامج شركة «كارير أي كيو» أو تحليلها. وقد قال مكتب التحقيقات الفيدرالي في حيثيات رفضه لهذا الطلب إن لديه معلومات، ولكنه لا يمكنه الكشف عنها نظرا لأن هذه المعلومات تعد جزءا من «المحاضر» المتعلقة «بإنفاذ القانون»، حيث كتب مكتب التحقيقات الفيدرالي للصحافي مايكل مورسي قائلا: «إن المعلومات التي طلبتها موجودة في أحد ملفات التحقيقات غير المصرح بالكشف عنها».

ورفض المتحدث باسم مكتب التحقيقات بول بريسون التعليق على ما إذا كان مكتب التحقيقات الفيدرالي يجري تحقيقا حول شركة «كارير أي كيو»، أم أنه يقوم باستخدام برامجها في أغراض المراقبة.

وقد أصدرت شركة «كارير أي كيو» تقريرا يوضح أن الشركة تقوم بجمع بيانات عن شبكات شركات الهواتف الجوالة، وسرعة نقل البيانات، وأرقام الهواتف التي يتم الاتصال بها، والمواقع التي يتم زيارتها على شبكة الإنترنت، وعمر بطاريات الهواتف الجوالة.

كما أصدرت الشركة بيانا حول طبيعة علاقتها بمكتب التحقيقات الفيدرالي، قالت فيه إن بيانات الشركة «ليست معدة كي تستخدمها الجهات المسؤولة عن تنفيذ القانون، وهي على حد علم الشركة لم تكن تستخدم من قبل تلك الجهات، وإن شركة كارير أي كيو ليس لها الحق في الحصول على البيانات التي تم جمعها، كما أنها لم تقم بإعطاء تلك البيانات إلى أطراف ثالثة، وأنه في حالة طلب أي من تلك الجهات المسؤولة عن تنفيذ القانون بيانات من الشركة، فإن الشركة تحيلهم إلى شركات الهواتف الجوالة، وحتى الآن، وعلى حد علم الشركة، فإنه لم يتم تلقي أي طلبات من هذا القبيل».

وقد تم تسليط الضوء لأول مرة على شركة «كارير أي كيو» يوم 28 نوفمبر (تشرين الثاني) عندما قام إيكهارت بنشر مقطع فيديو على موقع «يوتيوب»، يوضح فيه اكتشافه أن شركة «كارير أي كيو» تقوم بتسجيل المعلومات حول نشاط التطبيقات الإلكترونية الموجودة في الهواتف الجوالة وعمر بطاريات تلك الهواتف، وأنها يبدو أنها تقوم بتسجيل كل ضغطة زر يقوم بها مستخدمو تلك الهواتف، سواء عند إجراء اتصال برقم معين أو كتابة إحدى الرسائل النصية.

وقد أدت ردود الفعل التي أعقبت بحوث إيكهارت إلى رفع عدة دعاوى قضائية ضد الشركة، وشركات الاتصالات الخاصة بالهواتف الجوالة، والشركات المصنعة لأجهزة الهواتف الجوالة، والذين كان من ضمنهم اثنان من الدعاوى القضائية الجماعية تم رفعهما في ولاية إيلينوي.

* خدمة «واشنطن بوست» خاص بـ «الشرق الأوسط»