أحمد غزال مخرج شاب يحارب شائعات ثورة يناير بفيلمه «بيقولوا»

فاز بالمركز الثالث في مهرجان «تروبفست أرابيا» للأفلام القصيرة

TT

«شاب وخطيبته يتحدثان هاتفيا، وإذا بالشاب يسمع صوتا يشبه صوت طلقات النار، فيقول لها إنه يوجد ضرب نار شديد ويترك سماعة الهاتف ويذهب لرؤية ما يحدث، وفي الدقائق المعدودة بين ذهابه وعودته تقوم أخت خطيبته بنشر خبر على الـ(فيس بوك) عن وجود ضرب نار في سموحة (أحد أحياء مدينة الإسكندرية)، فينشره آخرون على (تويتر) وترسل رسائل تحذيرية على الهواتف ومن خلال التلفزيون، وينتشر الخبر كالنار في الهشيم وتبدأ اللجان الشعبية في النزول للشوارع، وإذ بالمفاجأة عند عودة الشاب ليكمل حديثه مع خطيبته فيخبرها بأن مصدر الصوت هو طفل يلعب بالصورايخ وبعض الألعاب النارية».. هذه الأحداث بكل مفارقاتها الإنسانية جسدها المخرج المصري الشاب أحمد غزال في فيلمه القصير «بيقولوا»، في محاولة منه للتصدي للشائعات التي انتشرت بشكل خطير بعد ثورة 25 يناير (كانون الثاني)، وساهمت في انتشارها وسائل التواصل الاجتماعي مثل «فيس بوك» و«تويتر».

غزال الذي تخرج من الأكاديمية البحرية وعمل معيدا بها، يهوى الإخراج لذا قرأ كتبا كثيرة في هذا المجال، كما عمل مساعد مخرج أثناء دراسته الجامعية، وخاض تجربة الإخراج لعدد من الإعلانات والفيديو كليب ما أصقل موهبته كما يقول. ويضيف: «سمعت عن انطلاق النسخة العربية من مهرجان (تروبفست) أحد أبرز النشاطات الثقافية والفنية بأستراليا، ويعد من أضخم المهرجانات العالمية للأفلام القصيرة. ففكرت أن أشارك في المهرجان، خاصة أنه يهدف إلى أن يصبح واحدا من أبرز مهرجانات الأفلام القصيرة، ومن أولوياته احتضان بيئة صناعة الأفلام القصيرة في الوطن العربي التي تشهد نموا ملحوظا، كما سيوفر المهرجان فرصا مهمة لصناع الأفلام والتقنيين والممثلين، عن طريق دعم المواهب وتأمين الجمهور المناسب للأعمال المبدعة المشاركة بالمهرجان خلال عروضه التي ستتاح للعامة سنويا، والتي بدأت هذا العام من أبوظبي في شهر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي».

الشروط اليسيرة التي يضعها المهرجان هي التي شجعت غزال على خوض التجربة، موضحا: «يتميز المهرجان بأنه لا يشترط إمكانيات ضخمة لإخراج الفيلم، فالمهم أن تكون فكرة الفيلم متميزة ومصنوعا خصيصا لـ(تروبفست أرابيا)، ولضمان ذلك يتم الاتفاق على رمز يظهر في مشاهد الفيلم الذي يجب ألا تتجاوز مدته 7 دقائق، وبالطبع أن يكون مخرجه عربي الجنسية. هذه الشروط البسيطة شجعتني على خوض تجربة إخراج فيلم قصير، كما أنني أعجبت بفكرة المهرجان، حيث يمكن للإنسان عمل شيء بسيط ويتم تقديره ومشاهدته والمنافسة عليه».

وعن سبب اختياره لآفة الشائعات لتكون محور الفيلم يقول: «لا أحد يستطيع أن ينكر وجود الشائعات وانتشارها، ولكنها زادت بشكل كبير منذ اندلاع ثورة 25 يناير وحدوث الانفلات الأمني، وساهم في انتشارها الـ(فيس بوك) و(تويتر)، فأصبح أي شخص يسمع أي خبر يقوم بنشره دون التأكد من صحته، لذلك يجب ألا نصدق كل ما نسمع إلا إذا كان من مصدر موثوق فيه».

يستطرد: «ولأنني شخصيا كنت أتلقى رسائل تحذيرية كثيرة أثناء الثورة، وكانت تسبب الهلع لي ولأسرتي، ثم أكتشف بعد ذلك عدم صحتها، فأردت توعية الناس بخطورة نشر الأخبار دون التأكد من مصداقيتها. والفيلم موجه لوسائل الإعلام أيضا التي يجب أن تتحرى الدقة، وألا يكون كل همها السبق الإعلامي حتى ولو على حساب صحة الخبر».

وعن مراحل تصوير الفيلم يشير غزال: «بعدما انتهى السينارست أمير نبيل من كتابة السيناريو والحوار، بدأنا في التصوير، ولم يستغرق تصوير الفيلم وتجهيزه سوى 10 أيام، وتم تصويره بكاميرا فوتوغرافيا SD، وكل الممثلين الذين ظهروا في الفيلم من أصدقائي وأقاربي، وتم التصوير في منزلي وفي الشارع وفي أحد المقاهي». ومن المواقف الطريفة التي حدثت أثناء التصوير يحكي غزال: «في الفيلم تظهر فتاة تكتب على (تويتر) محذرة من وجود بلطجية في سموحة، وكنا نستخدم الحساب الخاص بي على (تويتر) وبمجرد تصوير المشهد قمنا بحذف الخبر، ولكن حسابي على (تويتر) مربوط بحسابي على الـ(فيس بوك) ونسيت حذف الخبر من على الـ(فيس بوك) وإذا بي بعد عدة ساعات أكتشف أن الناس كلها تداولت الخبر وبدأوا في تحذير بعضهم بعضا، رغم أن الخبر ليس له وجود سوى في خيال القائمين على الفيلم».

«بيقولوا» فاز بالمركز الثالث في مهرجان «تروبفست أرابيا»، والجائزة عبارة عن تمثال على شكل ثمرة أناناس، وذلك لأن «تروبفست» عندما بدأ في أستراليا منذ 20 عاما كان يعرض أفلامه في مقهى اسمه «تروبيكانا»، فالجوائز كلها مستوحاة من الفواكه الاستوائية، هذا بالإضافة إلى جائزة مالية قدرها 5 آلاف دولار، وقامت إدارة المهرجان بنشره على موقع الـ«يوتيوب» فلقي إقبالا جماهيريا كبيرا، حيث حقق نسبة مشاهدة وصلت إلى 99 ألف مشاهد في أقل من شهر، ولكنه أيضا واجه بعض الهجوم، فيشير غزال إلى أن البعض تصور أن الهدف من الفيلم هو بث الطمأنينة بين الناس، وإقناعهم بعدم وجود انفلات أمني، وبحسب غزال: «وصل الأمر إلى أن البعض تصور أن الفيلم موجه وممول من الجهات الأمنية في مصر، وهو أمر غير صحيح تماما، فأنا لا أنفي وجود انفلات أمني ولكنني أريد أن أوجه رسالة مفادها تحروا الدقة، لا تنقلوا أي خبر إلا إذا كان موثقا بمصادر».

وعن خطواته القادمة يقول المخرج الشاب أحمد غزال: «سأسعى في المرحلة القادمة إلى تقديم أفلام قصيرة أخرى لها رسالة، ولا يشترط أن تكون عن الثورة، وإنما يمكن أن أناقش من خلالها أحد عيوب المجتمع المصري، فالفيلم القصير ميزته أنه غير مكلف. ولا يشعر المشاهد بالملل أثناء مشاهدته نظرا لقصر مدته، ويمكن من خلاله توصيل فكرة أو رسالة».