كهنة معبد هندي يزعمون أن الصلوات فيه «تؤمن» التأشيرات إلى أستراليا وأميركا

إدارته تحرص على وجوب وقوف المتعبدين في صف شديد التنظيم للتطلع إلى الإله

أثناء فترات الركود الاقتصادي من 2009 - 2010 شارك 5000 متخصص في تكنولوجيا المعلومات وطالب في صلوات خاصة سعيا لحل الأزمة المالية العالمية
TT

تم رفض طلب ساتشين شارما، البالغ من العمر 24 سنة، بالحصول على تأشيرة لزيارة أستراليا في أول مرة تقدم فيها بالطلب، وفي المرة الثانية، عندما تقدم بالطلب، ذهب إلى معبد يقع في مدينة حيدر آباد جنوب الهند للتبرك بـ«إله التأشيرات»، وفي هذه المرة تم قبول طلبه.

ليست هذه حالة منفردة؛ فالمئات، بل الآلاف، من الهنود يحتشدون في معبد قديم يعود لخمسة قرون مضت، عند تقدمهم بطلب للحصول على تأشيرة للعمل أو الإقامة في الولايات المتحدة أو أستراليا أو أي دولة أخرى في أوروبا.

وهذا المعبد الشهير هو معبد تشيلكور بالاجي، الذي أقيم منذ نحو 500 عام. والإله الذي يتبرك به في المعبد هو بالاجي (الإله الهندي المعروف بمنحه نعم الشهرة والنجاح)، والمعروف أيضا باسم «فيزالا ديفودو»، وتعني في اللغة المحلية «إله التأشيرات». ويحظى المعبد بالشهرة بين المتقدمين بطلبات الحصول على تأشيرات، خاصة الطلاب.

وقد أصبحت حيدر آباد، المدينة التي يبلغ تعداد سكانها 7 ملايين نسمة، الشهيرة بتجارة اللؤلؤ، مركزا للتكنولوجيا سريعة النمو. وقد أصبح المواطنون الهنود يمثلون أكبر عدد من حاملي تأشيرات H - 1B في السنوات الأخيرة، وقد ارتبطت مدينة حيدر آباد بعلاقات مع شركات أميركية، مثل «مايكروسوفت»، التي توظف أعدادا ضخمة من حاملي تأشيرات H - 1B، كذلك أقامت شركات أخرى مثل «أكسينتشر» المحدودة و«ديل» المحدودة مراكز تطوير وخدمات ضخمة في مدينة حيدر آباد.

ودائما ما ارتبط معهد تشيلكور بعلاقة خاصة بالخبراء التقنيين والطلاب الآملين في الدراسة بالخارج. «معبدنا يشتهر باسم (معبد التأشيرات)؛ إذ إن أي شخص يصلي في المعبد يكون موفقا، وسيحصل على تأشيرة سفر للولايات المتحدة»، هكذا تحدث كبير الكهنة، إم في ساونداراجان، إلى صحافي عبر التليفون.

يجذب المعبد أعدادا هائلة من المتعبدين كل عام؛ حيث يؤكد كثيرون أن الإله تشيلكور بالاجي قد حقق لهم حلمهم بالسفر للخارج. وقد حرصت إدارة المعبد على الدقة في اتباع قواعد معينة، من بينها وجوب وقوف المتعبدين في صف شديد التنظيم للتطلع إلى الإله.

يطمح كثير من الشباب الهنود كل عام إلى السفر للخارج، غير أن الدول الأجنبية لا تصدر العدد الكافي من التأشيرات. من ثم، يلجأون إلى التبرك بالآلهة ويتوجهون إلى معبد تشيلكور بالاجي، للتبرك بـ«إله التأشيرات».

«أزور المعبد مرة أو مرتين على الأقل كل عام. وقد زرت المعبد للصلاة من أجل الحصول على التأشيرة للمرة الأولى، وقد مرت 4 سنوات منذ أن حصلت على تأشيرتي. وقد أتيت هذه المرة لقضاء إجازة. كانت هناك مشكلات في البداية، فلم أحصل على التأشيرة من المرة الأولى؛ لأنني لم أزر المعبد، لكن بعد أداء الصلوات، حصلت على تأشيرتي»، هذا ما يقوله موكيش مينو، أحد المتعبدين.

ويحظى المعبد بالشهرة بين الشباب الطموحين الساعين إلى الحصول على درجات عملية أعلى في جامعات أجنبية أو وظائف أفضل بالخارج. وتبدو جاذبية إله التأشيرات كبيرة. «حتى لو لم تكن متدينا، فإنك تقول: (لِم لا؟ بإمكاني فقط أن أذهب إلى المعبد وأمضي بضع دقائق، ثم أحصل على تأشيرة)»، هكذا يتحدث كثيرون. شبير علي هو مواطن هندي مسلم، وحينما تم رفض طلبه بالحصول على تأشيرة للعمل في نيوزيلندا، نصحه أحد أصدقائه بالتبرك بمعبد تشيلكور وأخذ بالنصيحة.

«قصدت المعبد منذ ذلك الحين، لقد تربيت على اعتقاد أن الإله واحد، لكن طريقتنا في التقرب إليه مختلفة. كان النجاح حليفي في المرة الثانية، ومنذ ذلك الحين، أحلت ابن عمي وبعض أقربائي إلى المعبد، وكانت نسبة النجاح 99%»، هكذا تحدث علي.

في عصر تبدو فيه الأخبار الوحيدة التي نسمعها عن الدين مرتبطة بالتطرف، فإن الإيمان الصادق من جانب المتعبدين الراغبين في الحصول على تأشيرات بهذا المعبد يمثل تغييرا إيجابيا. إن الوازع الديني لدى هؤلاء المتعبدين ليس مناقضا للحداثة.

ويعتبر فيفيك خانا واحدا من المؤمنين بأسطورة «إله التأشيرات».

فقبل ثلاثة أعوام، تقدمت شركة استشارات أميركية بطلب للحصول على تأشيرة نيابة عنه. وتم رفض الطلب. وحينما حاولت الشركة مرة أخرى في العام التالي، طلب أصدقاء خانا منه زيارة معبد تشيلكور بالاجي قبل إجرائه مقابلة شخصية بمقر القنصلية الأميركية. وبعد أسابيع، أجرى المقابلة الشخصية. يقول خانا: «لم أسمع قط بأي شخص ذهب للمعبد وتم رفض طلب حصوله على تأشيرة».

يعتبر «معبد التأشيرات» مثالا واضحا على تعايش ديانة العالم القديم مع عولمة القرن الحادي والعشرين في الهند.

يسير الأمر على النحو التالي: أولا: تقدم بطلب الحصول على تأشيرة، ثم تعالَ إلى معبد تشيلكور ولف 11 لفة حول المعبد وصلِّ من أجل الحصول على التأشيرة. استكمل الإجراءات الرسمية الخاصة بمعالجة طلب الحصول على تأشيرة. وإذا حصلت على التأشيرة، عد إلى المعبد مرة أخرى، واستكمل عدد اللفات، في هذه المرة، لف 108 مرات.

لهذه الممارسة خلفية مثيرة للاهتمام؛ فخلال الفترة من عام 1969 إلى عام 1970، كان يتم حفر آبار داخل المعبد للوفاء باحتياجات المياه الخاصة بالمعبد؛ غير أن المحاولات الأولى باءت بالفشل. وحينما بدأ العمل مجددا، بدأ الكاهن واثنان من المتعبدين في أداء صلوات والقيام بلفات. تدفقت المياه من الآبار، بعدما أتموا 11 لفة. ولاحقا، قاموا بـ108 لفات كنوع من الشكر للخالق. وقد أصبحت هذه الممارسة تتبع منذ ذلك الحين.

ومعبد تشيلكور يخلو من أي سمات للفن المعماري الهندي أو الأعمال الفنية؛ فهو مجرد هيكل خرساني صغير له حوائط مركبة. إنه مجرد معبد هندي لا يقبل أموالا من المتعبدين ويخرج عن نطاق سيطرة الحكومة.

يقال إن عددا يتراوح بين 75.000 و100.000 متعبد يزورون المعبد أسبوعيا، لكن في أيام الجمعة والسبت، تصبح كثافة زائري المعبد مقاربة لإجمالي كثافتهم على مدار الأسبوع بأكمله.

في بداية هذا الأسبوع، أقام المعبد صلوات خاصة على مدار اليوم للدعاء من أجل تخفيف حدة أزمة الدولار، مع السيطرة في الوقت نفسه على هبوط الروبية. وقد شهدت الروبية الهندية أدنى هبوط لها، لتصل إلى 54 روبية مقابل الدولار الأميركي. وحضر مئات الأفراد الراغبين في السفر للخارج الصلوات التي يترأسها أكبر قسيسين، وهما إم في ساونداراجان، وسي إس غوبالاكريشنا، مع ترتيل أناشيد خاصة. «مثل هذا التضرع سيساعد في التخفيف من حدة أزمة الدولار، كما سيساعد في استعادة الأموال من المتخلفين عن السداد، مهما كان حجم ضخامتها»، هذا ما قاله ساونداراجان. وبرر كاهن آخر، يدعى إس رانغاراجان، الصلوات، بقوله إنه يتعين على المعبد القيام بذلك من أجل سعادة البشرية.

وأثناء فترات الركود الاقتصادي من 2009 إلى 2010، شارك 5000 متخصص في تكنولوجيا المعلومات وطالب في صلوات خاصة سعيا لحل الأزمة المالية العالمية.

وقد اتخذ كهنة المعبد أيضا قرارا بتنظيم الصلوات بعد أن عاد أحد المتعبدين من الولايات المتحدة، حاملا معه مناشدة بـ«إنقاذ العالم من الأزمة الاقتصادية». وأجرت سيدة من ولاية ديترويت اتصالا هاتفيا بمسؤولين بالمعبد، وفيه أوضحت أنها قد فقدت وظيفتها بفرع تابع لبنك أميركي بارز. وقد طالبت الكهنة بأداء صلوات في المعبد من أجل دعم أفراد مثلها، حسبما صرحت مصادر خاصة بالمعبد.

وقد تم الحديث عن المعبد أيضا في صحيفة «وول ستريت جورنال».

قواعد الزي في المعبد: لتشجيع نساجي أقمشة النول اليدوي المثقلين بالديون في المنطقة، تتمثل القواعد في وجوب ارتداء المتعبدين ملابس من النول اليدوي عند أداء صلواتهم التضرعية في أيام السبت.