صحيفة «ليبراسيون» نشرت تقريرها السنوي عن أكاذيب رجال السياسة ونسائها

وزير الداخلية الفرنسي يفوز بلقب كبير المخادعين

صحيفة «ليبراسيون»
TT

من هو أكبر «فناص» بين السياسيين الفرنسيين؟ إنه وزير الداخلية كلود غيان، حسب جردة قاسية للمطابقة بين الأقوال والأفعال قام بها فريق من محرري صحيفة «ليبراسيون» الباريسية ونشرت أمس. وجريا على عادتها في نهاية كل عام ومنذ 3 أعوام، رصدت الصحيفة تصريحات المسؤولين وزعماء الأحزاب ووعودهم الخلبية، وتابعت ما تم تحقيقه منها. وبناء عليه تم منح وزير الداخلية لقب المخادع الأكبر.

على صفحتها الأولى وست صفحات لاحقة داخل العدد، نشرت «ليبراسيون» صور السياسيين والسياسيات بشكل كاريكاتيري مع إضافة أنف أحمر طويل لكل منهم. وتقول الأقصوصة الفرنسية المعروفة عن الكذاب الشهير «بينوكيو» إن أنفه كان يزداد طولا مع كل كذبة إضافية تصدر عنه. وجاء في افتتاحية العدد أن عام 2011 الذي يلفظ أيامه الأخيرة، كان سنة استثنائية في حجم الأفيال التي طيرها السياسيون في الفضاء العام. كما لجأ هؤلاء إلى التلاعب بالإحصائيات وتزوير الأرقام للبرهنة على حججهم في الهجوم على خصومهم. وأشار كاتب الافتتاحية، نيكولا ديموران، إلى أن التدقيق في أقوال الوزراء والنواب وقادة الأحزاب يدفع إلى الاعتقاد بأنهم مصابون بفقدان الذاكرة.

من الأكاذيب التي تم القبض على وزير الداخلية متلبسا بها، قوله في تصريح إذاعي إن المهاجرين لا يندمجون بشكل حسن في المجتمع، ذلك أن ربع الأجانب المتحدرين من أصول غير أوروبية عاطلون عن العمل، وأن ثلثي أبنائهم فاشلون دراسيا. ولدحض هذا التصريح نشرت الصحيفة إحصائية رسمية صادرة عن المعهد الوطني للإحصاء تؤكد أن نسبة الفشل في الدراسة بين أبناء المهاجرين لا يتجاوز 16 في المائة. وقد أصر المعهد على أن ينشر الوزير «الذي لا يعرف الحساب» تصحيحا للأرقام التي أدلى بها.

أما الرئيس ساركوزي فقد ضبطه تقرير «ليبراسيون» وهو يزف، في الربيع الماضي، إلى مواطنيه بشرى القبض على واحد من كل اثنين متهمين بجرائم الاعتداء الجنسي، وذلك بفضل السجلات الخاصة التي طلب تخصيصها لهم عندما كان وزيرا للداخلية عام 2003، لكن الصحيفة أضافت أن السجلات المذكورة لم تكن من إنجازات ساركوزي، بل رأت النور في عام 1998. أما بخصوص التعرف على كل متهم من اثنين فقد حاول محررو الصحيفة الحصول على أرقام رسمية تؤكد المعلومة، لكن وزارة الداخلية فشلت في تزويدهم بإحصائية تخص الجرائم الجنسية بمعزل عن غيرها من الجرائم.

وكما يكذب السياسيون للدفاع عن أفكارهم تكذب السياسيات الفرنسيات بالوتيرة نفسها، فقد أعلنت مارين لوبين، رئيسة حزب الجبهة الوطنية المتطرف، في تجمع لأنصارها جرى في مارس (آذار) الماضي أن «زيادة المهاجرين بنسبة 1 في المائة يقابلها تراجع مرتبات الفرنسيين بنسبة 1.2 في المائة»، لكن الصحيفة كشفت عن أن المعلومة المذكورة جاءت من تقرير اقتصادي لباحثين أميركيين يعود إلى عشر سنوات خلت، يقول إن «زيادة عدد المهاجرين بما يعادل رفع قوة العمل بنسبة 1 في المائة، يؤدي إلى تراجع أجور العمال الأقل تأهيلا بنسبة 1.2 في المائة»، وليس زيادة عدد المهاجرين بشكل عام، ولا تناقص المرتبات بشكل عام. كما أهملت لوبين بقية المعلومة الواردة في التقرير الأميركي والتي تشير إلى أن تلك الزيادة في قوة العمل تقلل نسبة البطالة.

السياسية الثانية التي ضبطتها «ليبراسيون» وهي تمارس الخداع كانت الزعيمة الاشتراكية مارتين أوبري التي قالت إن الإعفاءات الضريبية التي يمنحها اليمين للأثرياء تبلغ 22 مليار يورو في السنة، وأضافت: «هل تتصورون كم من الإنجازات يمكن تحقيقها بمبلغ 22 مليارا؟». لكن الصحيفة نبشت بحثا عن التقرير الذي استندت إليه أوبري في كلامها، ووجدت أن الإجراءات التي اتخذها اليمين للحيلولة دون هرب رؤوس الأموال من فرنسا إلى «الجنات الضرائبية» وأولها الجارة سويسرا، تابعت نتائج 3 سنوات وليس سنة واحدة، كما تم تصحيح التقارير وأسلوب احتساب المزايا الضريبية ليستقر الرقم عند 3 مليارات يورو في السنة.