الأقصر تتزين بلا رسميات ملوك ورؤساء و«وزراء مبارك» في ليلة رأس السنة

14 ملكا ورئيس دولة قضوا بها ليلتهم العام الماضي

TT

«كنا نمشي إلى جوار الوزراء والحكام والمشاهير في ليلة رأس السنة»..«كانوا يرتدون الكاجوال والتيشيرت ويتجولون على الكورنيش وفي السوق السياحية».. بهذه العبارات بدأ مصطفى مرعي (عامل في أحد البازارات السياحية في محافظة الأقصر بصعيد مصر)، قائلا في اتصال هاتفي مع «الشرق الأوسط» إن «الحال تغير تماما ليلة رأس السنة أول من أمس، حيث اختلفت الاحتفالات كليا هذا العام عن العام الماضي».

وأضاف مرعي «جميع المسؤولين في مصر من وزراء والمشاهير كانوا حريصين على زيارة المدينة السياحية التي تتمتع بالدفء في الشتاء وقضاء ليلة رأس السنة بين المعالم السياحية والأثرية»، لافتا إلى «أننا كنا نسهر حتى الصباح في تلك الليلة نبيع ونشتري»؛ لكنه عاد وأكد أن هذا العام من أسوأ السنوات التي مرت على الأقصر في رأس السنة.

وفي حين قضى نحو 14 من ملوك ورؤساء وسفراء دول العالم إلى جانب الشخصيات العامة من الأجانب والعرب ووزراء الرئيس السابق حسني مبارك، ليلة رأس السنة في العام الماضي في المعالم الأثرية والسياحية بالأقصر (التي تقع جنوب القاهرة بنحو 670 كم) - خلت المدينة من ضيوفها بسبب أحداث ثورة الخامس والعشرين من يناير (كانون الثاني) التي أطاحت بنظام مبارك في 11 فبراير (شباط) من العام الماضي، وما أعقبها من تراجع في أعداد الأفواج السياحية الوافدة للأقصر وغيرها من محافظات مصر السياحية. وكان من قضى أول أيام العام الجديد في الأقصر من الشخصيات المصرية العامة، كالدكتور يحيى الجمل نائب رئيس الوزراء الأسبق، ولاعبي كرة القدم السابقين التوأمين حسام وإبراهيم حسن.

وغابت الحفلات الساهرة بمشاركة فرق الربابة والمزمار والفنون الشعبية عن الفنادق والمنشآت السياحية، ولم يتجاوز عدد زوار المناطق الأثرية 2000 سائح فقط ليلة رأس السنة، وهو ما فسره أسامة إبراهيم مرشد سياحي في الأقصر، بقوله إن «الأقصر كانت تستقبل يوميا قبل ليلة رأس السنة الأعوام الماضية، ما يقرب من 15 ألف سائح عن طريق البر، بينما كان يستقبل مطار الأقصر نحو 10 آلاف سائح يوميا على متن 40 رحلة طيران»، مشيرا إلى أن نسبة الإشغال في الفنادق أول من أمس انخفضت بعد أن كانت 100 في المائة العام الماضي، مضيفا: أن «نسبة الإشغال في فنادق الدرجة الأولى لم تصل إلى أعلى معدلاتها، عكس العام الماضي الذي لم تتلق الفنادق أي إلغاءات»، مؤكدا أن الكثيرين اعتادوا الاحتفال بأعياد رأس السنة في مدينة الأقصر؛ لكن هذا العام الوضع تغير تماما نظرا للأحداث التي شهدتها مصر.. كلام إبراهيم، أكده منير فخري عبد النور، وزير السياحة، أمس، قائلا «مصر استقبلت نحو 10 ملايين و200 ألف سائح هذا العام بانخفاض قدره 32 في المائة عن عام 2010».

وأمام هذا التراجع الذي شهدته فنادق الأقصر ليلة رأس السنة، طالبت النقابات المهنية العاملة في السياحية بالأقصر، بضرورة التحرك لإنقاذ ما تبقى من الموسم السياحي الشتوي ومحاولة إنقاذ سمعة مصر السياحية في الخارج، والعمل على عودة التدفقات السياحية إلى البلاد.

وخضعت الأقصر ليلة رأس السنة، لإجراءات وتدابير أمنية مشددة لتأمين الاحتفالات بالفنادق والمعالم الأثرية، وتضمنت الإجراءات تشديد الرقابة الأمنية على مداخل المدينة ومخارجها والقيام بحملات موسعة لتمشيط الجزر النيلية والمناطق الجبلية المتاخمة للمزارات الأثرية والسياحية، وتكثيف الوجود الأمني وسط المزارات الأثرية والسياحية، من خلال رؤية جديدة وبعيدا عن أعين زوار المدينة من سياح العالم، وتوفير جو من الهدوء داخل جميع المزارات الأثرية والسياحية، وحسب اللواء أحمد صقر، مساعد وزير الداخلية المصري، مدير أمن الأقصر، فإنه «تم إعلان حالة الطوارئ بين الضباط لتأمين الاحتفالات وتشديدا على تأمين الأفواج السياحية وتفتيش المنشآت الفندقية».

ومشهد ليلة رأس السنة في الأقصر، أعاد إلى أذهان المصريين ليلة رأس السنة العام الماضي في محافظة الأقصر.. حيث زارت سوزان ثابت (زوجة مبارك) المدنية قبل أسبوع من رأس السنة، وقام أحمد نظيف، رئيس وزراء مصر الأسبق، بزيارة الأقصر للاحتفال برأس السنة وكان يريد البقاء بها حتى بداية شهر فبراير (شباط)، ليرى على الطبيعة خطط تطوير وافتتاح المرحلة الأولى من طريق الكباش (الذي يعد أقدم أثر ديني في العالم والذي يصل طوله إلى 3 كيلومترات ويربط بين معبد الأقصر ومجموعة معابد الكرنك).. وكان متوقعا أن يفتتحه مبارك بصحبة عدد من رؤساء الدول؛ لكن ثورة «25 يناير» حالت دون ذلك.

ويعلق سيد حفني، ناشط حقوقي في الأقصر، على الفرق بين ليلة رأس السنة العام الماضي والحالي، بقوله: «كانت المحافظة تسهر حتى الصباح وتتزين الشوارع بعناقيد الزهور وأشجار أعياد الميلاد وأشجار الزينة، وتقوم السلطات المحلية بغسل المدينة بالكامل»، على حد تعبيره.

وأضاف حفني أن «الفنادق المصنفة سياحيا كانت تحرص، ولا تزال، على التعاقد مع فرق الفنون الشعبية التي تقدم الفلكلور المصري القديم من الربابة والتنورة ورقصة الثعابين والشمعدان، بالإضافة إلى فقرات السحر التي تقدمها بعض الفرق الأوروبية».

وقال إن «السلطات المحلية كانت قد أعدت مقاصير الثالوث المقدس، وهي مقصورتا موت وخونسو اللتان تم افتتاحهما لأول مرة للزيارة بعد ترميمهما وإعدادهما للزيارة، إلى جانب تجهيز ممشى للسائحين بلوحات إرشادية بلغات أجنبية وعربية لزيارة بعض ما عثر عليه من حفائر بجوار معبد الأقصر». وتابع: «إن زائر الأقصر كان سيشاهد لأول مرة رسومات (الفريسك) الموجودة بمعبد الأقصر التي انتهي فريق إيطالي من ترميمها بمشاركة مركز البحوث الأميركية، وتمثل الأباطرة الرومان الذين كانوا يقيمون داخل المعبد الذي تحول إلى معسكر كبير للجنود الرومان أثناء الغزو الروماني للمدينة بعد أن عُرفت أهميتها الكبيرة».