لبناني يمتلك محلا لبيع أفاعي «الأصلة» يشكو من قلة الزبائن

يقابل الاستغراب والخوف لدى زبائنه بالاطمئنان والألفة من أفاعيه

أحد زبائن لوسيان يداعب «سالي» و لوسيان مصطحبا «سالي» في إحدى الحفلات الخاصة
TT

يسير بـ«شكور» حينا و«سالي» حينا آخر، في فصل الصيف في أكثر من شارع من شوارع محلة الأشرفية (بيروت)، وبمعدل نصف ساعة يوميا، كي يبقى محافظا على علاقة الصداقة معهما.

ويقول مربي الأفاعي إيلي لوسيان في حوار مع «الشرق الأوسط»: «هذه الهواية شبيهة باقتناء العصافير، أو الأسماك، أو الببغاء، فالأفعى ليست مزعجة بل جالبة للحظ، والعلاقة معها تصبح كعلاقة الأب بأولاده، مع الحاجة إلى فهمها من خلال حركاتها».

القصة بدأت مع لوسيان عام 1997 عندما طلب منه أحد زبائنه أفعى من فصيلة «بايثون» فجلبها له. وبحلول عام 2001 تعزز ميله إلى الأفاعي، وأصبحت كل من أوكرانيا وبلغاريا والولايات المتحدة الأميركية والهند، مصدرا لمجموعات الأفاعي الصغيرة والكبيرة الحجم، التي يستوردها ليبيعها في محله، الذي يحمل اسم «boa pits» في شارع فسوح بالأشرفية.

وتتراوح أسعار الأفاعي ما بين 400 و100000 دولار، فيما تبلغ تكلفة أخذ الصورة مع «شكور» أو «لوسي» 10 دولارات، وهما الذكر والأنثى «الأصلة»، أي فصيلة الثعابين العاصرة لفريستها، لأنها تقتلها بالعصر كلما ازدادت مقاومتها، بعد أن تلف جسمها حولها مما يؤدي إلى خنقها، ومن ثم تقوم بابتلاعها دفعة واحدة.

ويوضح لوسيان أنه غالبا ما تكون إناث «البوا» أطول من الذكور لكنهما غير سامين، وهي لا تلف جسمها على الإنسان صغيرا كان أو كبيرا، لكنها تضرب عدوها بفمها لإبعاده عنها دون أن تؤذيه.

أما بشأن حملها ومداعبتها بشكل يومي، فإنه ضروري كي توافق دائما على أن يحملها أحد صيفا.

وذات مرة قصد أحد أبطال المصارعة، وهو محامي لوسيان، وكان نصيبه الخوف والهلع عند رؤيته «شكور»، قائلا: «هل تعلم أنك أخفت بطل لبنان؟! أنت أصبحت أقوى مني الآن!».

ويتابع لوسيان وهو يداعب «لوسي»: «معدل طعامهما وجبة واحدة شهريا، وإذا أردت زيادة وزنهما تصبح الوجبة أسبوعية، وفي كل الأحوال، يحتاجان إلى 3 أشهر كي يجوعان مرة ثانية».

فمثلا بعد أن تناولت «لوسي» أرنبين كبيرين، احتاجت بعدها لثلاثة أيام لهضمهما.

لكل من «لوسي» و«شكور» اللذين يحبان البشر بحسب صاحبهما، حوض خاص يرتاحان بداخله، فيما هناك أحواض لصغارهما الذين يتراوح عددهم بين 40 و55 كل عامين، وهي تفضل البقاء في مكان دافئ.

زبائن لوسيان من مختلف الطبقات والأعمار، وهو يعلم كل زبون كيفية تربية الأفعى بانتظام، شارحا كل التفاصيل المتعلقة بها، وغالبا ما يتصلون به لأخذ النصائح والاستشارات، ومنهم أطباء في أكبر مستشفيات بيروت وربات منازل.

أما اليوم، فالإقبال ضعيف، فبدلا من سفره لتأمين ما يقارب الـ40 أفعى كل عام لزبائنه، أصبح يعتمد مؤخرا على أصدقاء له في الخارج، من أجل تزويده بعدد بسيط منها.

وحول ردود أفعال الزبائن، الذين يقصدونه لأول مرة يجيب: «تتراوح بين الاستغراب والدهشة، والتعجب والخوف والقلق، لكنني أطمئنهم بأن هذا الحيوان يحب البشر، ويشعر بهم، وهو ليس عدوا لهم، بل أكثر من ذلك، فهو يرغب في أن يقوم الإنسان بملامسته ومداعبته، وإخراجه من الحوض، وإذا ما شعر بالراحة مع أحدهم، فإنه يرفض العودة إلى مسكنه بطريقته الخاصة».

الأصفر هو اللون الذي يحمله «شكور» البالغ من العمر 8 سنوات، فيما يقارب وزنه الـ20 كلغ، وطوله ثلاثة الأمتار، ويقابل «شكور» «سالي» (الأنثى) ذات اللون البني المرقط بالأصفر، والبالغة من العمر 16 سنة، وبوزن يصل إلى 50 كلغ، فيما يبلغ طولها 4 أمتار، ووطنها الأم كما «شكور» هو الهند.

ويتراوح طول ثعبان «البوا» الناضج بين 1,5 و5,5 متر، ويمتاز بقدرته على تسلق الأشجار على رغم ثقل وزنه.

وإذ يرى لوسيان أن الأفعى «الأصلة» ترمز إلى غنى صاحبها، يذكر بعض أصناف الطعام المفضلة لدى أفاعيه، وهي الأرانب، والفئران، والدجاج، ومعظم الحيوانات الصغيرة.

ويسأل الشاب الثلاثيني: «لماذا هذا الاستغراب عند المواطن اللبناني، في حين يبلغ عدد المحال التي تبيع وتعرض الأفاعي 44 ألفا في الولايات المتحدة الأميركية، وكل واحد منها يقارب حجمه حجم مجمع تجاري في لبنان؟!».

وتبقى الإشارة إلى أن «الأصلة» هي الأكثر شعبية بين الأفاعي، التي يربيها الكثير من الناس في بيوتهم، نظرا لطبعها الهادئ ولأنها تصبح أليفة في الأسر، والبعض يقتنيها بهدف التصوير والتباهي، وتعتبر إحدى الأفاعي غير السامة، التي تعيش في أفريقيا وآسيا وأستراليا. وفي الختام يؤكد لوسيان أن حلمه هو تطوير المحل وتوسيعه، مشيرا إلى أنه يقوم بتأمين كل أنواع الحيوانات المفترسة والأليفة، ومنها الأسود والنمور، والدببة والكونغورو، والغزلان والتماسيح، والكلاب والقطط، والعصافير والأسماك، والسلاحف والقردة والأرانب، مع تزويدها بالأطعمة المناسبة لكل حيوان والإكسسوارات التي تليق به، لكن كل ذلك بحسب طلب الزبون.