هواية التحليق فوق مناطق لبنانية أحدث وسيلة ترويح لدى اللبنانيين

شهدت حفلات خطوبة وأعياد ميلاد واعترافات حب

صورة جوية لجانب من بيروت
TT

لم تعد تقتصر مشاوير اللبنانيين ونزهاتهم على البرية منها أو البحرية إذ إن شريحة لا يستهان بها منهم اختارت الجوية منها لتمضية وقت جميل خلالها وهم يحلقون فوق مناطق لبنانية بواسطة طائرات صغيرة من نوع «السيسنا 172» فتكون بمثابة وسيلة يخرجون فيها عن المألوف فيمتعون نظرهم بمشاهد خلابة يلتقطونها بعدسة عيونهم لبيروت أو لخليج جونية أو لمنطقة شكا الشمالية المعروفة بشاطئها المتعرج الجميل.

هذه الخدمة التي يقدمها نادي الطيران اللبناني منذ أكثر من أربعين عاما تشهد اليوم ازدهارا ملحوظا لدى اللبنانيين والسياح الأجانب والعرب الذين باتوا يلجأون إليها في كل مرة رغبوا فيها بالانفصال عن ضوضاء المدينة و«زمامير» السيارات وبعيدا أيضا عن أمواج البحر فتكون نزهة من العمر تترك لديهم ذكرى حلوة لا يمكن نسيانها.

أما المطلوب للقيام بهذا النوع من الرحلات فهي التمتع بالشجاعة وقوة القلب وحب الاستطلاع الجوي إضافة إلى صورة عن هوية الراكب وعنوان سكنه ورقم تليفونه إضافة إلى بطاقة دخول تخوله القيام بالرحلة التي يختار وجهتها مسبقا والتي يؤمنها له نادي الطيران اللبناني المسؤول عنها مقابل مبلغ لا يتجاوز الـ20000 ليرة لبنانية. أما تكلفة ساعة من التحليق فوق منطقة شكا شمال لبنان فتبلغ 325 دولارا، وإذا ما كانت أقل بنصف ساعة ووجهتها جونية فتبلغ تكلفتها 225 دولارا فيما هي لا تتعدى الـ150 دولارا إذا ما اقتصرت على 15 دقيقة من التحليق فوق مدينة بيروت وصولا إلى منطقة الدورة التي تعد أحد أهم مراكز المواصلات في العاصمة.

وفي حديث لـ«الشرق الأوسط» أكد مدير نادي الطيران اللبناني ميشال عبود أن هذا النوع من النزهات يستقطب اهتمام اللبنانيين من مختلف الأعمار وأنها تعتبر قبلة السياح العرب والأجانب الذين يزورون لبنان وكان أحدثها تلك التي نظمها النادي لـ27 رجل أعمال فرنسيا تشجيعا منه للسياحة الجوية في لبنان. وأشار إلى أن بعض الزبائن هم من الشخصيات اللبنانية المعروفة أن في عالم الفن أو المجتمع أو السياسة وأن غالبيتها تقدم هذه النزهات لأقرباء لها أو لأولادها أو أصدقائها فتكون بمثابة مفاجأة لهم يستقبلونها بفرح وحماس.

واعتبر ميشال عبود الذي يشغل مركز مدير النادي منذ أكثر من ثلاثين عاما أن التصاريح (بطاقات الدخول) المعطاة لهواة هذه الرحلات تحتاج إلى موافقة مسبقة من مديرية الطيران المدني وجهاز أمن المطار وقيادة الجيش ويجب التقدم للحصول عليها قبل ثلاثة أيام من موعد النزهة الجوية وأن عدد ركاب الرحلة الواحدة لا يتعدى الثلاثة أشخاص، كما أن قبطان الطائرة يأخذ على عاتقه مهمة شرح أهم المعالم والمواقع السياحية التي يشاهدها الركاب أثناء مدة التحليق.

وتشير نجاة وهي إحدى المسؤولات في النادي إلى أن بعض الركاب يغتنمون فرصة القيام بهذه الرحلة للتقدم لخطوبة الحبيب أو للاعتراف له بحبهم أو للاحتفال بعيد ميلاده مباشرة من سماء لبنان وأن بعضهم يطلب من شريكه إغماض عينيه قبيل القيام بأي خطوة في هذا الصدد لتكون المفاجأة مكتملة فيها الكثير من الشغف والتشويق، خصوصا أن البعض يعتبر الاعتراف بالحب على علو شاهق من شأنه أن يأتي مغايرا تماما عن الذي يدلي به على الأرض فلا يمكن أن ينساه الطرف الآخر والذي عادة ما يكون رد فعله الذهول التام أو الصراخ للتعبير عن سعادته. وتؤكد من ناحية أخرى أن النادي لا يحدد تعريفة النزهة الجوية هذه نسبة إلى عدد الركاب الموجودين على متن الطائرة بل لمدة الوقت التي تستغرقها.

وتعرف هذه الرحلات القصيرة المتاحة أمام الجميع بمعمودية الطيران وأنه عام 1937 صدر مرسوم جمهوري يقضي بإنشاء نادي الطيران اللبناني وهو مؤسسة خاصة كان مركزها قاعدة رياق الجوية حيث كان هناك طائرة واحدة قدمتها سلطات الانتداب الفرنسي في ذلك الوقت. ثم ما لبث أن انتقل النادي إلى مبنى مطار بيروت الدولي عام 1960 وكان آل السراسقة البيروتيون هم أصحابه والمسؤولين عنه ويعتبر الأول الذي تأسس في لبنان والعالم العربي.

ويشدد المسؤولون اليوم عن النادي على متابعة صيانة الطائرات المستخدمة في هذه النزهات بشكل دائم ويشرف على ذلك مهندسون وتقنيون مشهود لهم لبنانيا وعالميا بمهارتهم في هذا المجال، كما أن أي تحرك لهذه الطائرات لا يحصل دون موافقة مديرية الطيران المدني، وأن أي إقلاع أو هبوط لها منوط ببرج المراقبة في المطار الذي يحدد ووفق خريطة جوية مقياس الارتفاع الذي يمكن أن تحلق الطائرات بموجبه وهو لا يتعدى الـ12 ألف قدم.

ويتيح النادي أمام هواة قيادة الطائرات التدريبية فرصة تعلم أصولها ودراستها من خلال 40 ساعة طيران و30 ساعة نظرية يخضع لها الهاوي، أما تكلفة هذه الدراسة المقتصرة فقط على هذا النوع من الطيران (التدريبي) فتبلغ 15000 دولار.

وتشمل نزهة التحليق فوق بيروت حتى الدورة معالم معروفة كصخرة الروشة ووسط بيروت أما الرحلة فوق مدينة جونية فتمر بخليجها وببلدة حريصا وشاطئها فيما تتميز أطول هذه النزهات والتي تصل بك إلى منطقة شكا الشمالية بالاطلاع على الساحل اللبناني وتعرجاته وأبرز المدن المنتشرة على طوله كبيبلوس (جبيل) الأثرية والبترون.