«تعرف أنك لبناني عندما...» كتاب طريف يعزز إمكانية الانتقاد الذاتي

يتضمن 30 عبارة وصورة تحكي عن الشخصية المأخوذة والمرتبطة بالمظاهر

كريم الدحداح
TT

في ثلاثين عبارة وصورة كاريكاتيرية حاول الرسام اللبناني كريم الدحداح، بأسلوب طريف ومبتكر، تقديم الشخصية الحقيقية للمواطن اللبناني المأخوذة بالمظاهر والمرتبطة ارتباطا وثيقا بها.

الكتاب يحمل عنوان «تعرف أنك لبناني عندما..» (you know you are Lebanese when…)، وفيه ينتقد المؤلف أسلوب اللبناني في العيش، ولا سيما في الشق المرتكز على المظاهر الاجتماعية التي يوليها اللبنانيون - بصفة عامة - اهتماما كبيرا، ويتباهون في تبنيها، والتحدث عنها... باعتبارها تشكل العنوان العريض ليومياتهم، حسب ما ذكر المؤلف.

كريم الدحداح التقته «الشرق الأوسط» في بيروت، أخيرا، وقال خلال الحوار معه إن «الهدف من الكتاب هو تعريف الآخرين، من أجانب وسياح، على تفاصيل صغيرة تدور حول شخصية اللبناني التي لا تشبه شخصية أي مواطن عربي آخر، ولا حتى أجنبي، الأمر الذي جعله يتميز عنهم ويولّد كيانا وانتماء خاصين بابن هذا البلد».

وأضاف الدحداح «الكتاب يروي في عبارات طريفة وصور كاريكاتورية بعض الخصوصيات والعادات والتناقضات التي تختصر هذه الشخصية».

ويرى الرسام اللبناني، الحائز على شهادة ماجستير في الرسوم من كلية سافاناه للفنون في الولايات المتحدة، أنه «كان من الضروري، في رأيي، نشر النكهة غير التقليدية الخاصة باللبنانيين.. هذا الشعب الحاذق والفخور بنفسه، والذي يعاني في الوقت ذاته من مشكلة نقص الانضباط، كما يعاني من نوع من الحساسية تجاه تطبيق القواعد والنظام. وبالتالي، فإنه يميل بصورة لافتة إلى التباهي». ويتابع الدحداح، أنه حاول قدر الإمكان مع دار النشر - «تورنينغ بوينت» - «إضافة قدر كبير من الفكاهة إلى هذه الخلطة للتمكّن من الضحك على أنفسنا وليس لنهزأ بها».

الكتاب، في الواقع، يتوجّه مباشرة إلى اللبناني في عبارات كتبت بالعربية، وترجمت بالإنجليزية التي يجب أن تقرأها مرفقة بعنوان الكتاب. مثلا: «تعرف أنك لبناني عندما (يكون خبر حصولك على تأشيرة دخول إلى أوروبا أو الولايات المتحدة الأميركية بمثابة ولادة طفل لك، إذ إن الجميع يقولون مبروك)»، في إشارة واضحة إلى مدى فرحة اللبناني عندما يحصل على تأشيرة لدخول بلد غربي.. لصعوبة الأمر، أو تلك التي تنتقد اللاانضباط عنده، فتقول «تظن أن الانتظار في الصف ليحين دورك هو ترتيب مخصص للأغبياء فقط».

وثمة عبارة أخرى تصف «سذاجة» اللبناني في التعاطي مع بعض الأمور عندما يدخل مطعما ما وتقول «تختصر تجربتك في مطعم ما بمذاق (الأركيلة /الشيشة) التي يقدمها، وأداء الشاب المسؤول عن (النارة /الجمر) أو تلك التي تميّز اللبناني عن غيره في المطعم»، وتقول «تتشاجر دائما مع الموجودين على الطاولة في المطعم لتكون أنت من يسدد الفاتورة»، أو التي تتحدث عن ذروة التباهي لدى اللبناني في موضوع حفلات الزفاف وتقول «تتخطّى تكاليف زفاف ابنتك إجمالي الناتج المحلي لدولة أفريقية».

المؤلف كريم الدحداح يقول إنه لا يخاف من أن يكون للكتاب أي رد فعل سلبي على «صيت» اللبناني «كونه معروفا بشخصيته الطريفة»، متابعا «إن الهدف ليس تغيير شخصيته، بل إبرازها بوضع خط أحمر تحتها... فيكون بمثابة انتقاد للذات أو (auto critique)».

من جهة ثانية، يشير الدحداح إلى أنه من المتوقّع أن يصدر جزء ثان للكتاب «في ظل الرّواج الذي قوبل به من ناحية، من قبل اللبنانيين الذين اختاروه كهدية يقدّمونها للأصدقاء في مناسبة الأعياد.. أو يحملونها معهم أيضا عند السفر للغاية نفسها. ومن ناحية ثانية، من قبل السياح الأجانب والعرب الذين وجدوا في الكتاب معلومات طريفة، وخاصة، عن تصرّفات اللبناني في يومياته مما يجعلهم يتفهمونها ويستوعبونها».

ويختم الدحداح، كلامه لـ«الشرق الأوسط»، بالقول: «إنني فخور، من دون شك، بانتمائي إلى لبنان.. لكنني في الوقت نفسي أخاف على اللبناني من التمادي في اتباع هذه العادات، ولا سيما آفة التباهي، مما قد يؤثّر على هويتنا الشخصية نحن كلبنانيين، الأمر الذي قد يرتدّ سلبا على بلدنا». ويستطرد «إنني أرى أن علينا العمل من أجل التمسك بهويتنا هذه وعدم التفريط بها.. لأننا، باختصار، لا نشبه أحدا.. وما ندونه يبقى حبرا على ورق، والأهم هو ما يمكننا أن ننجزه على صعيد عام».

يبقى القول إن الصور الكاريكاتيرية التي ترافق العبارات، والتي رسمها كريم الدحداح بنفسه، يعتبرها المؤلف «رسوما إيضاحية لإضافة الطرافة على المضمون، وهذا ما يجعل القارئ يبتسم بصورة لا شعورية عند مشاهدتها.. لكونها تعكس بالريشة والألوان هذه المواقف وتلمّعها، فتبرز بأسلوب المبالغة شخصيات لبنانية مستوحاة من طريقة تصرفها (حقيقة في الواقع)، فتقترن الكلمة بالصورة لتوضح معانيها، وبالأخص، للأشخاص البعيدين عن البلاد... وبذلك يتذكرونها كلما صادفوا مشهدا يشبهها. ومن ثم فإن الكتاب ككل يأتي بمثابة (مدوّنة) وثّقت فيها حالات لبنانية لا تتغير.. تبقى ذكرى وعبرة لمن لا يعتبر».