كارلا بروني تستعد لخوض الحملة الانتخابية وراء زوجها

جاءت في الوقت المناسب لتعيد ترتيب الصورة العائلية للرئيس

كارلا الدينامو الناعم الذي يدعم ساركوزي لدى زيارتها مستشفى للأطفال المعاقين في ضاحية «غارش» الباريسية (إ.ب.أ)
TT

أثناء زيارة قامت بها إلى مستشفى للأطفال المعاقين في ضاحية «غارش» الباريسية، أول من أمس، سأل الصحافيون كارلا بروني ساركوزي عن الحملة الانتخابية التي يفترض أن يدخل زوجها حلبة المنافسة فيها، قريبا. وردت الفرنسية الأولى بأنها ستشارك، بكامل رغبتها، في الحملة لدعمه. وأضافت كارلا التي كانت تحضر مع الأطفال حفلا موسيقيا لعازفة «الفيولونسيل» أوفيلي غايار: «إذا تقدم زوجي بترشيحه سأشارك على قدر استطاعتي».

وكما عرف عنها في حسن اختيار العبارات المناسبة، أوضحت كارلا أنها تفكر في «بلدها» أكثر مما تفكر في نفسها وهي لا تعرف، بعد، فيما إذا كان ساركوزي سيتقدم للانتخابات ولا ما سيأتي به المستقبل لذلك فإنها تركز جهودها الحالية على مؤسستها للعمل الإنساني وتحاول أن تتقدم معتمدة على قدراتها الذاتية. وفي حال كان زوجها بين المرشحين، فإنها ستدعم القرار الذي يتخذه. وأوضحت: «لا أعرف ما سيكون عليه دوري لكنه إذا احتاجني فسيجدني إلى جانبه».

والحقيقة أن كارلا بروني تعرف دورها جيدا منذ اللحظة التي تقاطع فيها مصيرها مع مصير ساركوزي. وقد جاء التقاطع في زمن طوى صفحة رؤساء فرنسيين محافظين من طينة الجنرال ديغول وبومبيدو وشيراك، أولئك الذين عاش كل منهم ومات وعلى ذمته امرأة واحدة. لقد هبت رياح العصر على «الإليزيه» فحل فيه رئيس يرتبط بزوجتين، واحدة في العلن والثانية في السر، كما وصل إلى مقعد الرئاسة رجل طلق امرأتين وتزوج الثالثة وهو في الحكم. وفيما يخص الانتخابات المقررة بعد 3 أشهر فإن أقوى المتنافسين فيها مروا بتجارب ارتباط فاشلة لكنهم سارعوا إلى «تعديل» الحالة الاجتماعية سعيا لإرضاء عموم الناخبين الذين ما زالوا يتمسكون بفكرة العائلة «الكاثوليكية» المترابطة.

أكثر الحالات حراجة كانت حالة الرئيس الشاب نيكولا ساركوزي الذي هجرته زوجته الثانية سيسيليا بعد فترة وجيزة من دخوله «الإليزيه». ويبدو أن المرأة التي تعلق بها ساركوزي بعد حب صاعق كانت تدرك إلى أين تمضي. لذلك رفضت أن تسكن في «الإليزيه» وتم ترتيب مسكن لها في قصر صغير يقع في حدائق قصر فيرساي. ماذا يفعل الشعب برئيس كسير القلب يخرج من مكتبه في ساعة متأخرة لكي يمضي إلى جناحه الموحش في القصر وينام وحيدا؟

مثل مظلة الإنقاذ جاءت عارضة الأزياء الإيطالية السابقة، في الوقت المناسب، لكي تنقذ الموقف وتعيد البريق إلى الصورة الرئاسية. وبعد أن كان ساركوزي يصطحب معه وزيراته في رحلاته الرسمية فقد دشن زواجه الثالث برحلة مشتركة معها إلى لندن. وكانت الرحلة بمثابة المراسم التي قدمت فيها كارلا أوراق اعتمادها إلى النادي المغلق للكبار الذين يحكمون العالم، ونجحت في الاختبار من دون أي هفوة، مستفيدة من تربيتها البرغوازية وتعليمها الجيد وخبراتها العريضة في التحرك في أوساط النخبة.

إن تحسين الصورة، في الغرب، هو علم من علوم التسويق السياسي وليس بحثا عن القسمة والنصيب. لهذا لم يكن خبير الدعاية الفرنسي جاك سيغيلا بعيدا عن أجواء اللقاءات الأولى بين كارلا وساركوزي. لقد هب إلى نجدة الرئيس ونظر فيما حوله من شخصيات نسائية مرشحة لملء الفراغ المطلوب ثم اختار، بعين الثعلب المتمرس، العارضة الإيطالية السابقة التي تملك من الشهرة والثروة والجمال ما يؤهلها لأن تمسح صورة سيسيليا من الأذهان وتتربع مكانها. ونظم سيغيلا ذلك العشاء الذي صار شهيرا، في بيته، ودعا الاثنين وأجلسهما بجوار بعضهما على المائدة، ثم تكفلت بالباقي حاسة تشمم المصالح لدى الطرفين.

لم تكن كارلا الزوجة الثالثة فحسب، بل الأنيقة الرشيقة التي انسجمت بلمح البصر مع بريق الرئاسة بحيث فاض نورها على زوجها. وكان المتابعون ومعلقو الصحف يتعجبون وهم يرون ساركوزي يستعيد قامته الرياضية ويتخلى عن بعض نزقه ويلبس إهاب الرجل الهادئ والمستقر عاطفيا. لقد كانت الزوجة الإيطالية تشتغل، بدراية منها أو دون أن تدري، لصالح تلميع صورة زوجها، تماما كما فعلت من قبلها السيدة برناديت، زوجة الرئيس السابق شيراك، حين سحبت من رصيد شعبيتها بين الفرنسيين وأقرضت حزب زوجها دعما كان في أشد الحاجة إليه، في واحدة من أصعب فترات تراجعه.

كان غريبا أن ترضى مدام شيراك عن مدام ساركوزي ويقوم بينهما ود متبادل وصداقة حقيقية. إن الأولى سليلة عائلة أرستقراطية محافظة تلقت تعليما وتدريبا سياسيا رفيعا لكنها ظلت تفهم دور الزوجة على أنها ظل لزوجها. أما الثانية فامرأة حرة وفنانة عاشت حياتها بالطول والعرض ولم تتحرج في التنقل بين العشاق والوقوف عارية أمام المصورين. لكن مساندة كارلا لزوجها وذكائها في التعامل مع دورها كزوجة لرئيس، دفع برناديت شيراك إلى احترامها والتفاهم معها، وهذا رغم أن ساركوزي كان قد تقرب من كلود شيراك، ابنة الرئيس الأسبق، في فترة من الفترات، قبل أن يتركها ويلبي نداء الساحرة سيسيليا.

ولكي تكتمل مهمة كارلا في الترويج لصورة ساركوزي، كان لا بد من أن تنجب له طفلا يأخذ مكانه في الصورة العائلية الوردية. وهي لم تيأس رغم أنها كانت قد تجاوزت الأربعين، وتنقلت بين أفضل الأطباء حتى كان لها ما أرادت. وفي الخريف الماضي رأت الطفلة جوليا النور في أجواء بسيطة محجوبة عن الكاميرات لتصبح البنت الأولى لساركوزي بعد 3 أولاد ذكور. لقد استعاد الرئيس صورة رب العائلة الوفي والحنون، أي الصورة القادرة على إعادة الثقة به وإقناع الناخب التقليدي المحافظ أو الريفي البسيط أو ربات البيوت في المدن النائية، بإعطائه أصواتهم. ومع كارلا لم يعد ساركوزي في حاجة لخبراء التسويق السياسي لأنها الأبرع في المهمة.