بفضل أحدث تقنيات المسح الضوئي.. القديم يعود جديدا

ما عادت ثمة حاجة لتخزين الوثائق والأفلام والتسجيلات الموسيقية

TT

هل تذكر المكتب الخالي من الأوراق.. هذا الحلم بالتنظيم المثالي الذي روجت له شركات التكنولوجيا منذ سنوات كوسيلة لبيع أجهزة الكومبيوتر؟ ما زال الحلم سرابا مراوغا، لكن مسوقي التكنولوجيا يعرفون جيدا ما كانوا يفعلونه عندما قرروا أن التخلص من الأوراق هو رغبة الزبائن.

كانت الوثائق الورقية تمثل مشكلة سواء كان ذلك في المنزل أو المكتب، حيث يستغرق ترتيبها وقتا طويلا، وتشغل حيزا كبيرا مكانيا كبيرا، وتفتقر لإمكانية البحث، فضلا عن أنها معرضة للتلف أو الفقدان.

الأمر، في الواقع، لا يقتصر على الوثائق الورقية فقط، بل يمس كل ما ظهر قبل اختراع البيانات الرقمية. فالمنزل الأميركي العادي يحتوي على نحو 3 آلاف صورة فوتوغرافية غير رقمية، وكمية كبيرة من المواد تغص بها الخزائن، وفق شركة «سكان كافيه» المتخصصة في خدمة المسح الضوئي للصور، وبالإضافة إلى ذلك هناك الكتب وشرائط الكاسيت وشرائط الفيديو.

في آخر مرة انتقلت فيها أنا وزوجتي إلى منزل جديد، أمضينا على الأقل نصف الوقت في تعبئة الكتب ونقلها. قد يكون القارئ الإلكتروني أحدث ثورة في مجال النشر، لكن نتائجه حتى على صعيد نقل الأثاث، ناهيك عن معالجي العظام، كبيرة. ولأن أحدا لا يميل إلى التخلص من أشيائه ومقتنياته القديمة، فالحل هو تحويل كل الكتب وشرائط الفيديو والموسيقى والكتب والوثائق الورقية إلى نسخ رقمية مرصوصة سهلة الحمل.

كنت أجرب مؤخرا وسائل تحويل هذه المواد إلى نسخ وخدمات رقمية، وخلصت إلى نتائج إيجابية وسلبية في آن. فقد وجدت بعض أنظمة التحويل الجيدة، لكن قد يكون تحويل القديم إلى جديد بديل عملية مجهدة. وبالمناسبة، من بين كل الوسائل التي تكدس منزلك، قد تكون الوثائق الورقية هي أسهل ما يمكن التعامل معه، إذ كل ما تحتاجه هو آلة مسح ضوئي لتحويل الوثائق الرقمية إلى ملفات رقمية. ومن الخيارات الاقتصادية آلة المسح الضوئي المسطحة، التي عادة ما يكون سعرها أقل من 80 دولارا، لكن كن على حذر من السعر الرخيص، فمع الآلات الرخيصة سيكون عليك وضع كل ورقة على وجهها والانتظار لمدة تتراوح بين 10 إلى 20 ثانية إلى أن تنقل إلى جهاز الكومبيوتر. وبالتالي، إذا كانت عائلتك تتميز بطول عمر أفرادها، فلا بأس في اقتنائها.

ثم هناك خيار آخر أفضل هو آلة المسح الضوئي التي تتيح لك وضع كمية من الورق. وأفضل منتج في السوق اليوم هو آلة «فوجيتسو سكان سناب إس 1500» التي وجدتها رائعة، فهي في حجم صندوق الحذاء ويمكن أن تضع فيها 50 ورقة دفعة واحدة، ثم تضغط على الزر فتباشر الآلة المسح الضوئي بسرعة 20 ورقة في الدقيقة على وجهيها.

ثمة طرازان متشابهان من هذه الآلة، أحدهما يناسب أجهزة الكومبيوتر التي تعمل بنظام تشغيل «ويندوز» والأخرى لأجهزة الكومبيوتر المحمولة، وبمقدور أي من الطرازين تحويل الوثائق الرقمية إلى ملفات «بي دي إف» بها إمكانية البحث. وبعد بضعة أسابيع من استخدام هذه الآلة، يمكنك التخلص من خزانة الملفات الورقية. العيب الوحيد في هذه الآلة هو سعرها، الذي يبلغ 400 دولار، وعليه فسعر «إس 1500» أعلى من أسعار المنتجات البطيئة العادية. ولكن إذا كنت تجد نفسك غارقا وسط أكوام من الورق، فقد ترى أنها تستحق هذا السعر.

من ناحية ثانية، مررت بوقت عصيب أثناء تحويلي أفلامي وموسيقاي إلى ملفات رقمية، حيث كان هناك العديد من البرامج التي تعدك بإنجاز ذلك، لكنني أهدرت ساعات طويلة من حياتي في الصراع من أجل التعامل معها. فمن أجل تحويل شرائط الكاسيت، جربت برنامج «تيب 2 بي سي» من إنتاج «أيون أوديو»، وبرنامج «تيب 2 يو إس بي 2» من إنتاج «غريس ديجيتال أوديو»، وسعر كل منهما 120 دولارا. كذلك جربت برنامج «كويك بلاي فلاش» من إنتاج «أيون أوديو» ويبلغ سعره 70 دولارا، وهو يحول الملفات البلاستيكية إلى رقمية.

وجربت أيضا «في إتش سي تو دي في دي ديلوكس»، الذي يبلغ سعره 80 دولارا من إنتاج «هونستيك»، والذي يصل جهاز الفيديو بجهاز الكومبيوتر بحيث يتيح لك تحويل المادة الموجودة على أشرطة الفيديو إلى مادة موجودة على أسطوانات «دي في دي».

لقد كان استخدام كل هذه البرامج سهلا، خاصة برنامج «كويك بلاي فلاش»، الذي يحول المواد الموجودة على شرائط الفيديو إلى ملفات رقمية من دون الحاجة إلى توصيل جهاز الفيديو بجهاز الكومبيوتر، بل كل ما تحتاج إليه هو وصلة «يو إس بي» لحفظ الملفات الموسيقية. وحقا، نجحت كل هذه الوسائل في نقل المواد بأمان لتكون مثل الأصلية، ومع أنه حدث بعض التراجع في النوعية أثناء عملية التحويل، فإن الأصوات أو الصور لم تكن سيئة.

لكن، مع كل آلة تحويل فيديو أو موسيقى جربتها وجدت على الأقل عيبا واحدا شبه قاتل، هو أنها ستستغرق وقتا طويلا جدا للعمل. السبب أنها تعمل على أساس الوقت الحقيقي. ويعني هذا أنه عند تحويلك شريط كاسيت مدته 60 دقيقة، فلا بد من تشغيل الشريط بالكامل لمدة 60 دقيقة بينما يسجل الكومبيوتر الموسيقى. وينطبق هذا أيضا على عملية تحويل الشرائط البلاستيكية وشرائط الفيديو.

مثل هذا الوضع غير عملي ولا واقعي بالنسبة لكثيرين، فلدى زوجتي مجموعة من 150 شريط كاسيت تجمعها منذ كانت في المرحلة الثانوية. ولو أمضيت 10 ساعات خلال كل عطلة نهاية أسبوع في محاولة تحويل تلك المجموعة إلى ملفات صوتية، سيستغرق ذلك مني نحو أربعة أشهر. وإذا كانت المجموعة تتضمن مئات المواد وتريد أن تحولها، فعليك من الآن بالتوقف عن قراءة هذا المقال والبدء في ذلك على الفور.

ثمة بديل جيد هو الاستعانة بالمتخصصين للقيام بهذا العمل، ذلك أن هناك شركات كثيرة تقدم هذه الخدمة. وقد حاولت الاستعانة باثنتين منها لتحويل الصور الفوتوغرافية والأفلام، ونجحتا في أداء المطلوب. الأولى كانت «سكان كافيه» في مدينة بورلينغيم (ضواحي سان فرانسيسكو) بكاليفورنيا، والأخرى هي «ديغ ماي بيكس» في غيلبرت بضواحي فينيكس في ولاية أريزونا. وهناك الكثير من القواسم المشتركة بين الشركتين، إذ إنهما تقبلان العمل تقريبا على أي صورة فوتوغرافية أو فيلم فيديو تعطيه لهما، وكذلك الشرائح الزجاجية التي تحمل مواد تعرض من خلال جهاز عرض أو أفلام النيغاتيف أو اللقطات المتحركة أو الشرائط المصورة أو حتى الأفلام الـ8 مم.

الشركتان لا تقومان فقط بعمل مسح ضوئي للصور الخاصة بك، بل أيضا توظفان متخصصين تقنيين لتصحيح العيوب من خلال عمل توازن في الألوان وإزالة الخدوش واللون الأحمر الذي يظهر على العيون في الصور أحيانا. ثم إن الزمن الذي تستغرقه الشركتان لإتمام العمل متقارب، فـ«ديغ ماي بيكس» تستغرق نحو أسبوعين لعمل المسح الضوئي لـ1000 لقطة، بينما تستغرق «سكان كافيه» نحو ثلاثة أسابيع.

أضف إلى ما سبق أن الشركتين تقدمان ميزة إضافية توفر عليك عناء مراجعة اللقطات قبل إرسالها إليهم، فبعد عمل المسح الضوئي للصور يمكنك فحص الصور سريعا باستخدام الفأرة على الإنترنت وتحديد الصور التي لا ترغب في تحويلها. ولن تغرمك أي من الشركتين مبلغا إضافيا لقاء هذه الخدمة، إلا إذا تخلصت من 20 في المائة من إجمالي عدد الصور.

الفرق الأهم بين الشركتين هو السعر، فشركة «ديغ ماي بيكس» تقوم بكل العمل داخل الولايات المتحدة، بينما تستعين «سكان كافيه» بالطاقات التقنية في مدينة بانغلور، عاصمة التكنولوجيا المتطورة في الهند، لإنجاز جزء من العمل. وبالتالي، نظرا لتوفيرها تكلفة اليد العاملة تطلب «سكان كافيه» سعرا أدنى من «ديغ ماي بيكس» وشركات أخرى، إذ يبلغ سعر عمل مسح ضوئي للصورة 29 سنتا مما يوفر 100 دولار عند تحويل الألف صورة.

هل هناك شك في أمان إعطاء صورك الفوتوغرافية والمقاطع المصورة لتلك الشركات؟

عام 2008 انفجرت منشأة تابعة لشركة «ديغ ماي بيكس» واندلع الحريق في عدد كبير من صور الزبائن. وقالت آنيت كروسين، التي تمتلك الشركة مع زوجها سكوت، إن الشركة أعادت هيكلة عملياتها وضمنتها إجراءات احترازية، وتم وضع المنشأة تحت المراقبة المستمرة وتزويدها بأنظمة أكثر تطورا لمقاومة الحريق. وعليه، إذا تعرضت صور أحد الزبائن للتلف أو الفقدان، ترد «ديغ ماي بيكس» له مبلغا يصل إلى 100 دولار. نارين دوبي، الرئيس التنفيذي لشركة «سكان كافيه»، قال من جهته إن شركته تنقل صور الزبائن إلى الهند في حاويات قوية تتمتع بالقدرة على مقاومة التلف، بجانب أنها ترضخ لمراقبة صارمة كي لا تُسرق. وتتعهد «سكان كافيه» برد مبلغ يصل إلى ألف دولار في حال تلف أو فقدان المواد. وهنا يوضح دوبي «لم نضطر أبدا إلى دفع مبلغ الضمان المالي».

* خدمة «نيويورك تايمز»