جزيرة جيجيليو.. بحارها الزمردية شاهد على «قبور» السفن

تضم طبيعة «بكرا».. وأجمل بقع الغوص

الجزيرة قطعة من القرون الوسطى
TT

جزيرة جيجيليو التي أصبح اسمها مرتبطا بكارثة مأساوية بعد ارتطام سفينة «كوستا كونكورديا» بصخور قبالة سواحلها، لم تكن سوى جنة تضم أجمل بقع الغوص وتفوح في أزقتها أجواء القرون الوسطى.

وربما يخفى على كثيرين أن الجزيرة لم تكن حديثة عهد بكوارث السفن، فرحلة غوص في بحارها الزمردية شاهد على حطام سفن قديمة كانت قد تراكمت عبر السنين فملأت بحارها وجعلتها في الوقت ذاته أحد أكثر مناطق الغوص في إيطاليا إثارة.

وتقع الجزيرة الصغيرة، التي تحمل اسما يونانيا يعني «الماعز» في الزاوية الجنوبية من أرخبيل «توسكان» الصخري في جنوب غربي إيطاليا.كما تعد من الجزر المغمورة في العالم، فلا تحظى بشهره أو بترويج من قبل مقدمي العطلات السياحية، ولذا فمرتادوها يعتبرون أصحاب خبره طويلة في مجال السفر ممن يفضلون قضاء عطل سرية هناك.

وتعد الجزيرة قطعة من القرون الوسطى، فعلامات الهيمنة الرومانية لا تزال تعكسها أزقتها الضيقة وطرقها المتعرجة. فقد بناها الرومان في القرن الثالث قبل الميلاد، وتعرضت للعديد من الهجمات والغارات وتحديدا خلال القرن الخامس عشر، وهو ما يفسر الأبراج العالية والقلاع التاريخية التي تحيط بها؛ حيث كان الرومان يتحصنون بها. وتحمل منازلها طبيعة حجرية قديمة يتراص بعضها بالقرب من بعض، وغالبا ما يعلق سكانها أوعية الزهور المجففة لتتدلى من نوافذها.

وتوصف الجزيرة بأنها مهد البحار الدافئة الزرقاء لأنها تضم أربعة شواطئ خلابة على أرخبيل توسكان المنحوت من الجرانيت الذي تشكل نتوءاته خلفيات لشريطها الساحلي. وتعتبر السياحة البحرية في جيجيليو متاحة في جميع المواسم، ويرجع ذلك إلى استقرار طقسها المتوسطي؛ إذ تبلغ درجة الحرارة في أقصاها 11 درجة خلال الشتاء. وتحمل مياهها لونا زمرديا ينبسط على شواطئ رملية خلابة تستهوي محبي الاسترخاء لساعات. ويعتبر الغوص من أهم الأنشطة التي تستهوي زوار جزيرة جيجيليو؛ إذ تحت مائها تكمن أسرار تنقل الغواصين إلى عالم مختلف. وتسكن مياهها العميقة أسماك نادرة جدا كسمك الباكودا وموريز و«تونا فيش» التي يبلغ طولها 3 أمتار. كما تمرح الدلافين والحيتان بشكل واضح خلال موسمي الربيع والصيف.

ولا يمكن الحديث عن الجزيرة من دون التطرق إلى طبيعتها الخلابة، فهي تحمل طبيعة «بكرا» تحمل الكثير عن أسرار الجزيرة وتعطي انطباعا بأن السائح يتجول في معرض للصور الفوتوغرافية التي تعكس سحر الريف. وهذا تحديدا ما يجعلها مثالية لممارسة نشاط المشي لاستكشاف الريف أو ما يسمى هواية الـ«Hiking» وتوجد مسارات لرحلات المشي لمسافات طويلة لاستكشاف الطبيعة والحياة النباتية والحيوانية في الجزيرة أو لمجرد التمتع بمناظر المنحدرات وبقية أرخبيل توسكان.

ويغلب الطابع الهادئ على المدينة، ربما لأن معظم أرجائها غير مأهول بالسكان. فالناس يعيشون في ثلاث مناطق فقط، أما البقية فهي مساحات شاسعة من التلال الخضراء. ومن أهم هذه المناطق «كاستيلو» العتيقة؛ ففي هذه المنطقة لا يبدو أن شيئا قد تغير، فالأزقة الضيقة هي ذاتها التي شيدت منذ القرون الوسطى. وتضم هذه المنطقة قلعة كاستيلو التي شهدت الكثير من قصص التاريخية والحروب والاعتداءات من القراصنة.

كما يتركز السكان كذلك في مرفأ «بورتو»، هذا المرفأ الصغير الذي يطل على مشهد سير القوارب الشراعية، مما يجعل واجهته المائية مزدحمة بالناس والسيارات ذهابا وإيابا. وشيد معظم المطاعم في هذه المنطقة قبالة الشاطئ الذي يضم كذلك أرصفة تضم مراكز تجارية وسياحية عديدة، تتنزه فيها القطط الكسولة، وتنتشر عليها المقاهي والمطاعم المحلية التي غالبا تقدم أصناف الأطعمة البحرية التقليدية.

وتعد منطقة «كامبيس» أيضا أكثر البقع السياحية التي يفضلها السياح ويقطنها السكان بسبب وقوعها على أعلى قمة أحد الجبال، بما يعكس منازلها الملونة التي تتراص على مدرجات من التلال.. هذه المنطقة تحديدا تعد مثالية للتخييم على مقربة من الشاطئ.