الربيع العربي يسهم في عودة العشرات من الفنانين والمثقفين العراقيين إلى وطنهم

فنانون لـ«الشرق الأوسط»: أنجزنا أعمالا فنية مهمة في الخارج لكنها تفتقر للنكهة العراقية

TT

حركة نشطة ودؤوب تشهدها الأوساط العراقية الفنية والثقافية اليوم مع عودة معظم الفنانين المغتربين إلى وطنهم بعد سنوات قضوها في دول المهجر، بينهم فنانون كبار كان الربيع العربي في عدد من دول الجوار واضطراب الأوضاع السياسية والاجتماعية بعده سببا مهما في اتخاذهم قرار الهجرة المعاكسة إلى بلدهم الذي يشهد بالمقابل تحسنا واستقرارا في أوضاعه الأمنية أكثر من أي وقت مضى مما وفر فرصة الشروع بنشاطات فنية جديدة خلال الموسم الحالي.

وشكلت ظاهرة هجرة الفنانين والأدباء والمثقفين العراقيين إلى الخارج، علامة فارقة بعد أحداث العنف والاضطرابات الأمنية التي عاشها العراق بعد عام 2003، مما تسبب في تعثر مسيرة التقدم الفني وضآلة عدد الأعمال المسرحية وإغلاق وخراب دور العرض السينمائي والمسرحي، ولجوء المنتجين وكبار الفنانين إلى إنتاج الأعمال الدرامية العراقية خارج الوطن في بيئات سورية وأردنية لا تشابه البيئة العراقية، مما أضاع نكهتها المميزة لدى المشاهد.

الفنان والمخرج المسرحي عماد محمد قال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حركة نشطة في مجال الإنتاج الدرامي العراقي خلال الموسم الجديد بعد عودة معظم الفنانين الكبار إلى أرض الوطن». وأوضح أن «معظم القنوات الفضائية في بغداد تعاقدت لتصوير وإنتاج مسلسلات وأعمال فنية جديدة في بيئة عراقية بعدما كانت تضطر لتصويرها في دول الجوار». وبين أن «العراق على المستوى الأمني أصبح أفضل من غيره لاحتضان الأعمال الدرامية بالشكل الطبيعي، في حين أننا كنا نعاني من مشكلة الحصول على أسماء فنانين كبار للمشاركة في العمل لسفرهم إلى الخارج».

أما الفنان والمنتج العراقي العائد إلى وطنه باسل الخطيب، فقال لـ«الشرق الأوسط»: «كنا نتمنى عودة الفنان العراقي منذ سنوات، لأنه مكانه الحقيقي والصحيح، كما أن إبداعه لا يتجسد إلا على أرضه».

وعن تأثر الدراما العراقية بالهجرة المعاكسة، قال: «إنها نقطة إيجابية، وكنا نتمنى أن تنعم الدول العربية كلها بالهدوء والسلام والأمان». وبين «ما نريده اليوم من الدراما العراقية أن تسير بالخطوات الصحيحة، فكل ما قدمناه بالأمس كان جيدا، لكنه اعتمد على الكادر السوري أو الأردني، وبودنا اليوم نقل تلك التقنيات إلى العراق». ولفت: «لكننا نواجه الآن أهم مشكلة وهي مشكلة نقص الكوادر الفنية والتقنية المحلية العاملة على أحدث الأجهزة الفنية، وهذا يجعلنا نتوجه للاستعانة بالخبرات العربية، ريثما نتمكن من تطوير قدراتنا للحاق بعجلة الإنتاج الفني الدائرة على أشدها اليوم لإنتاج أكثر من عشرين عملا دراميا في بغداد ونحو خمسين سيناريو مطروح على دائرة السينما والمسرح بميزانية كبيرة لإنتاج أفلام طويلة وهذا ما لم يحصل سابقا».

وعبرت الفنانة الشابة ميلاد سري عن أملها بأن يعم الهدوء والسلام لكل الدول العربية، وقالت لـ«الشرق الأوسط»: «لا يخفى على أحد أن الأعمال الفنية في الخارج كانت حالة مؤقتة، لكنها لا تخلو من نجاح أثبت فيه الممثل العراقي إمكاناته في التواصل والعمل على الرغم من كل الظروف الصعبة التي أحاطت به»، وأكدت: «فرحنا بعودة كبار الفنانين ممن افتقدهم الشارع العراقي، وصار وجودهم بيننا علامة على استقرار وتواصل الحركة الفنية الآتية عبر مجموعة من الأعمال الفنية الكبيرة التي خصصت لها الميزانية المطلوبة لأجل إنجاحها».

الفنان الشاب سنان العزاوي الذي سبق أن خاض العديد من الأعمال الفنية في الخارج وحقق نجاحا مرضيا قال لـ«الشرق الأوسط»: «لكل مرحلة عاشها الفنان العراقي في الغربة إيجابيات وسلبيات. وشخصيا، أضاف لي العمل في سوريا الكثير كممثل ومدير إنتاج، وعملت نحو 30 مسلسلا عراقيا».

وأوضح: «أرى أن الدراما العراقية خلال عامي 2009 و2011 تطورت وفتحت آفاقا وفضاءات جديدة للعمل من خلال تبادل الخبرات، وتشهد مديرية الإنتاج الفني لـ(فضائية البغدادية) إنجاز أربعة أعمال درامية عراقية هذا الموسم صورت كلها في بغداد، واستقطبت كل الممثلين العراقيين وبعضهم كان عاطلا عن العمل تماما».

مدير عام دائرة السينما والمسرح دكتور شفيق المهدي، كان له رأي آخر بالقول إن الربيع العربي ليس السبب الأساسي في عودة الفنان العراقي وإنما عزاه إلى أن العراق أصبح اليوم من أكثر دول المنطقة استقرارا وحرية لحركة وعمل وإبداع الفنان، بسبب انتهاء عصر الرقابة والتخويف الذي كان يمارس في النظام السابق، وقال: «لا توجد رقابة فكرية على الأعمال الدرامية عدا الرقابة على مدى صلاحية العمل من عدمه وهذه أول نقطة جذب لأي فنان». وبين: «تحسن وضع الفنان العراقي المعيشي بدرجة جيدة أسهم في عودة معظم الفنانين الكبار إلى العمل، تليه الأوضاع غير المستقرة التي شهدتها بعض العواصم العربية». ولفت إلى أن «عام 2012 سيكون عام الإنتاج الدرامي في العراق بعد عودة 90 في المائة من الفنانين المغتربين إلى بلدهم. ونسعى لأن يعود الجميع». وزاد أن «معظم الفنانين العراقيين تم ابتزازهم في الغربة وكانت أجورهم بخسة لا توازي مصروفاتهم وأجور المعيشة لهم ولعوائلهم، وهي أقل بكثير مما كان يمنح لنظرائهم في العمل».