من يرتدي ربطات العنق.. «رجال الحراسات الخاصة»

السياسيون وأبناء الأرستقراطية يبتعدون عنها لأغراض سياسية

كاميرون مقابل مارتن روث مدير متحف ألبيرت آند فيكتوريا
TT

هل فعلا أصبحت رابطات العنق شيئا من الماضي في بريطانيا، وفقط يرتديها هذه الأيام رجال الحراسات الخاصة للأشخاص والمؤسسات؟

هذا انطباع مارتن روث الألماني، أول أجنبي يعين مديرا لمتحف «فيكتوريا آند ألبيرت» البريطاني الشهير والذي يعتبر أحد أهم المتاحف في العالم. ويقول روث إنه تفاجأ بالمستوى غير الرسمي الذي تعرف عليه في لندن بعد انتقاله إليها، وكيف أن هناك ثقافة جديدة بين البريطانيين لا تعير أي انتباه إلى الأشكال الرسمية القديمة بخصوص رابطات العنق.

وقال روث في تصريحات لصحيفة «ديلي تلغراف» بمناسبة تسلمه المهمة الجديدة إن والدته كانت تعمل خياطة، «ومن هنا جاء حبي للخامات والملابس الأنيقة». لكن عندما حضرت هنا «شعرت قليلا بالحزن، لأنه من الواضح أن الناس لا يكترثون كثيرا لارتداء رابطات العنق - فقط رجال الحراسة يرتدونها»، قال البروفسور روث، الذي عمل سابقا مديرا للمجموعة الفنية الرسمية في دريزدون.

ويقول العاملون في المتحف الكائن في منطقة ساوث كينزنغتون إن روث، 57 عاما، الذي تسلم مهامه الجديدة في سبتمبر (أيلول) الماضي «تراه دائما أنيقا، ويرتدي البدلات ورابطات العنق، ولا يمكن أن تراه بمظهر آخر».

روث تم تزكيته في موقعه الحالي من قبل رئيس الوزراء ديفيد كاميرون، وهذا الأخير خاض حملته الانتخابية السابقة بدون رابطة، وربما كان السبب هو إعطاء صورة عصرية لحزب المحافظين الذي يتهم عادة بأنه موغل بالتقاليد القديمة البالية، خصوصا أن كاميرون هو خريج كلية إيتون التقليدية في كل شيء، ولا سيما زيها المدرسي الرسمي والأزياء الأخرى التي يرتديها الطلاب في المناسبات المختلفة التي تخص النشاطات المدرسية.

حتى أبناء العائلة المالكة تراهم هذه الأيام وهم في ملابس غير رسمية، يرتدون سراويل الجينز والقمصان بدون رابطات. وظهر أخيرا الأمير ويليام بصحبة زوجته وهو يرتدي الملابس الرسمية وبدون رابطة عنق وكذلك الحال بالنسبة لشقيقه الأمير هاري الذي اعتاد دائما على ارتداء الجينز.

وبين استطلاع للرأي أن 18 في المائة فقط من الرجال الذين يعملون في المكاتب يرتدون رابطات العنق.

وقال ريان هاكيت المصمم لملابس الرجال في دار «أوستن ريد» إن الرابطات لم تعد شيئا أساسيا من هندام الرجال في المكاتب، لكنه أضاف أن الكثير من الرجال بدأوا يضيفون الرابطات إلى ملابسهم غير الرسمية، وقال إن مبيعات دار «أوستن ريد» من رابطات «بوي تاي» (البابيون) قد ارتفعت أخيرا.

وتحدد طريقة ربط رابطة العنق أحيانا أناقة الشخص، حيث توجد لها عدة طرق، فهناك رابطة العنق النسيجية ورابطة العنق المقلمة (المخططة) ومنها رابطة العنق الإنجليزية ورابطة العنق المنحنية (المقوسة) وتسمى عند البعض «البابيونة» ورابطة ويندسور، ورابطة فور إن هاند.

وحسب بعض المصادر التاريخية يرجع تاريخ رابطة العنق أو «الكارفته» (بالإنجليزية: Necktie) إلى بدايات القرن السابع عشر وبالتحديد في الفترة بين (1618-1648) وهي فترة الحرب الأوروبية التي امتدت 30 عاما. ويقال إن الجنود الكرواتيين بالتحديد استخدموا هذه الرابطة وكانت عبارة عن «شال» ملفوف على العنق وبنفس الطريقة التي تلف بها رابطة العنق اليوم. كلمة «كرافات» هي كلمة محرفة ومشتقة من الكلمة «كروات»، وقد كانت الحرب شديدة وعنيفة إلى درجة أن طريقة إعدام الكرواتيين كانت بتعليقهم برابطات العنق التي يرتدونها، ومن هنا جاء أصل الكلمة الإنجليزية «نيكتاي» والتي تعني بالعربية رابطة عنق.

وكان وقتها الجنود الكرواتيون منتشرين في أوروبا وخاصة «باريس» وقد أعجب الفرنسيون بهذه الرابطة وتم إدراجها من ضمن الزي الرسمي للساسة والقادة الكبار في زمن لويس السادس عشر وأطلق عليها الفرنسيون اسم «آ لا كروات a la Croate»، امتد استخدام رابطة العنق ليشمل عامة الشعب وأطلق عليها الفرنسيون اسم «كرافات Cravate».

وفي عالم رابطات العنق تشتهر الماركات الإيطالية، ثم الفرنسية، وتعد رابطة العنق موضة متجددة غير قابلة للزوال، قاسما مشتركا في عروض الأزياء العالمية، وقد دخلت في السنوات الأخيرة إلى عالم أزياء المرأة، فقدم مصممون موديلات نسائية تعتمد على رابطة العنق.