مصور عراقي يفوز بجائزة أفضل صورة لعام 2011

سامر مقداد: الحمام الهارب على سطح الدار استفزني

الصورة الفائزة من بين 180 مشاركة عالمية
TT

سنوات التعلم والاطلاع والتجربة التي أمضاها المصور الشاب سامر مقداد عبد الرضا، بين الكاميرا وفتحة العدسة ومراقبة المشاهد المميزة تمهيدا لاصطيادها، أثمرت عن فوزه بجائزة لم يكن يحلم بها، هي جائزة أفضل مصور فوتوغرافي لعام 2011 من موقع «x1» العالمي، عن فئة صور الطبيعة. فلقد احتلت صورته «رقص الطيور» المرتبة الأولى من بين 180 مشاركة عربية وعالمية، وكان المصور العربي الوحيد من بين الفائزين العشرة الأوائل.

سامر، وهو نجل الفنان العراقي المعروف مقداد عبد الرضا، يدرس في أكاديمية الفنون الجميلة في المرحلة الرابعة بقسم السمعية والمرئية. وخلال حديثه لـ«الشرق الأوسط» قال إن لدعم والده وإسناده منذ البداية بتعليمه مبادئ التصوير الأساسية واحترافه في ما بعد، الفضل الكبير جدا في نيله الجائزة. وأضاف: «مشاركتي في المسابقة جاءت بالمصادفة بعدما أخبرتني إحدى الزميلات عنها، وأُعلمت أن المشاركة مفتوحة لجميع المصورين في العالم للفوز بالجوائز ضمن 10 فئات يعلنها موقع «x1» المتخصص، وهو معرض للصور على الإنترنت يشارك فيه سنويا عدد كبير من المصورين الموهوبين والمعترف بهم عالميا. وتخضع الصور المشاركة للفحص من قبل كبار النقاد والخبراء في العالم الذين يقدمون ملاحظات على العمل.

وعن وقع خبر فوزه بالجائزة، قال سامر: «الجائزة منحتني دافعا معنويا كبيرا للمضي قدما ورفض الركود.. بل الاستمرار في مطاردة اللحظات للإمساك بها، وصيد الكثير من اللقطات التي أحلم أن أضمها إلى معرضي الشخصي الأول قريبا، وهي تتعلق بمفاهيم عميقة وذات معان عدة مثل صور أعواد الثقاب وغيرها، وسيشاركني زملائي في القسم».

وحول فحوى الصورة الفائزة وظروف التقاطها، أوضح سامر: «الصورة عبارة عن محاولة للاندماج مع المجموع.. تلك الحاسة التي تعم كل الكائنات، بشرية كانت أم حيوانية، وحتى النباتات.. أنظر إلى الغابة كم هو شكلها حميمي وهي مجتمعة.. في التجمع تندحر الوحشة وتتبدد المخاوف. أحيانا أحاول النظر إلى علٍ لأرى ما أحب وليس لأحب ما أرى.. لحظة جاءت أمسكت بها، وكان هذا همي الأكبر».

وتابع: «أتذكر أنني التقطها في وقت الظهيرة، وسط القيظ، عندما هربت إلى سطح العمارة التي أسكن فيها.. كان الحمام هو الآخر جزءا من تلك الحرارة.. وكان يلهث عطشا وحرارة.. أحسست في تلك اللحظة كأننا شراكة في الهم.. لقد جاء هذا الطائر ليشاركنا الهموم أو لمواساتنا على الأقل. أظنه رحب بي حين التقطت له هذه الصورة.. إنها مجموعة صور وليست صورة واحدة».

أما عن احترافه التصوير وبداياته مع الكاميرا، فسرد قائلا: «أنا ابن الحرب، وُلدت في هدنة منها.. لكنها سرعان ما استعرت مرة أخرى.. الدمار والموت المجاني.. كل شيء صار مباحا. هذه الانتباهة الأولى، أو الحس الأول، بعدها بدأت بمراقبة أسرار والدي.. فوجدته ينهض مبكرا، وبدأت أتساءل: إلى أين يمضي؟ فجأة وجدته يفتح لي عالم الأسرار هذا من دون حواجز.. مشاهدة الأفلام، بدأت أقلده، وفتحت لي الأفلام آفاقا جديدة، الضوء والظل، سحر الأبيض والأسود، حركة الكاميرا. كل هذه الأشياء خزنتها في ذاكرتي، وازدادت مع مرور الزمن وإلى الآن. دخلت معهد الفنون الجميلة وتخرجت بشهادة دبلوم وحققت فيلما بعنوان (20) حاز شهادة تقديرية في مهرجان السينما العراقية. ومن ثم التحقت بأكاديمية الفنون الجميلة وهذه سنتي الأخيرة فيها، والآن أتهيأ لإنجاز فيلم التخرج.. أثناء ذلك عملت في قناة (العراقية) التلفزيونية مونتيرا للصوت، ثم عملت مصورا تلفزيونيا في قناة (البغدادية) بين عامي 2005 و2009، كذلك عملت مصورا تلفزيونيا في معهد الحرب والسلام، وفي مؤسسة المدى مديرا للتصوير حتى بداية عام 2011».

وسألناه: هل تجد أن المجال متاح في العراق الآن كي يرصد الفنان كل ما تراه عيناه بحرية؟ فأجاب: «لعل أكثر ما يؤرقني ويؤرق غيري من المصورين هو كثرة الممنوعات في بلدي. أينما تذهب يقف لك بالمرصاد الحرس والجيش والشرطة، ليضع كلتا يديه أمام كاميرتك وهو يصرخ: (ممنوع التصوير).. حتى لتشعر أنك تحمل المفخخات المتفجرة وليس مجرد كاميرا مسالمة!». وتابع: «لم يبق شيء في البلاد لم تتعرف عليه طائرات المراقبة، لكنهم ما زالوا يمنعوننا من التصوير.. حتى في الأماكن البعيدة عن سلطانهم، لكن حتى تلك الممنوعات أضافت لعملي متعة اصطياد اللقطات الحية على الرغم من عين الرقيب.. وهي ممارسة جميلة».

ثم سألناه: هل تجد نفسك اليوم محترفا لفن التصوير، خاصة مع هذه الجائزة؟ فرد: «حتى الآن أعتبر نفسي غير متعلم؛ فالتصوير طبيعة عظيمة والغور فيها صعب جدا.. هذه الصعوبة تحفزني للاختراق والبحث.. أنا دائم التطلع، دائم البحث، لديَّ فضول كبير في مراقبة حركة الأشياء والاستمتاع بها. أحيانا أحاول أن أخلق لنفسي توجها آخر لأفوز بلقطات مهمة».