قريبا مسلسل «وداعا» تخليدا لذكرى ضحايا الطائرة المنكوبة

كما «التيتانيك».. للطائرة الإثيوبية قصتها

عمار شلق و كارمن لبس
TT

قبل سنتين انتظر اللبنانيون كما أهالي ضحايا الطائرة الإثيوبية المنكوبة التي انفجرت وسقطت في البحر بعد دقائق معدودة على إقلاعها من مطار بيروت الدولي، مسلسل «وداعا» الذي يدور حول هذه الحادثة المأساوية التي أودت بحياة عشرات الضحايا، ولكن ولأسباب إنتاجية تم تأجيل التصوير ولم يرَ العمل النور، إلى أن عاد الحديث مجددا، وقبل أيام معدودة، عن قرب تنفيذ هذا العمل، بالتزامن مع الفترة التي ظهرت فيها نتائج التحقيقات بالحادثة. وتقول المخرجة كارولين ميلان «أنا والكاتب طوني بيضون جاهزان للبدء بتصوير المسلسل ولكننا ننتظر شركة الإنتاج (فينيكس بيكتشر إنترناشيونال) للانطلاق في العمل». وتضيف «في العام الماضي لم نحصل بسهولة على إذن للمباشرة بالتصوير وعندما حصلنا عليه، عدنا وأرجأناه مرة ثانية لأن الظروف المناخية لم تكن مناسبة. ولكن هذا التأخير لن يؤثر على العمل، لأن الأعمال الفنية التي يدور موضوعها حول الكوارث يمكن أن تنفذ في أي وقت، وأكبر دليل على ذلك حادثة غرق باخرة «التيتانيك» التي تم تحويلها إلى فيلم على الرغم من مرور نحو 100 عام على حدوثها.

وتضيف أن «الهدف من مسلسل «وداعا» هو تخليد ذكرى الضحايا الذين سقطوا نتيجة حادث تافه، فهم لم يموتوا مثلا بسبب الحرب، ولذلك أنا أعتبر أن أي حادث مهما كان نوعه ينتج عنه سقوط هذا الكم الكبير من الضحايا هو حادث تافه».

ونفت ميلان أن يكون فيلم «التيتانيك» هو السبب الذي دفهم لتنفيذ فيلم عن الطائرة الإثيوبية «أبدا، ولكن الوجع الذي عشناه كان كبيرا وطويلا جدا، فهو بدأ مع سقوط الطائرة واستمر طوال فترة البحث عن الجثث التي غرقت في البحر، وكلنا يتذكر حجم المعاناة التي عاشها الأهالي إلى أن تم العثور على الجثث والأشلاء.. كلنا انتظرنا مع الأهالي تفاصيل ذاك الحادث المشؤوم، وكيف كانوا يترقبون في اليوم الأول خلاص أولادهم من الموت لأن الأمل كان كبيرا بنجاتهم، وكذلك في اليوم الثاني، وفي اليوم الثالث تضاءل هذا الأمل. أما في اليوم الرابع فصار كل همهم إيجاد جثث أولادهم. كل هذه الأمور دفعت بالكاتب طوني بيضون إلى اقتراح فكرة حادثة الطائرة المنكوبة وكتابة قصة عنها، خاصة أن مصطفى أرناؤوط ابن صديقه هيثم كان من بين الضحايا، فهو كان على اتصال يومي معه، وتابع هلعه وخوفه ووجعه. ما حصل مع عائلات الضحايا كان موجعا إلى درجة كبيرة لم يقدّر الناس العاديون حجمها، فهم تعاطوا مع الحادثة عن بعد، بينما الكاتب عاشها عن قرب ومن منظار ضيق وخاص، ولذلك أحب أن يترجم كل التفاصيل والأحاسيس التي عاشها من خلال مسلسل تلفزيوني يشاهده كل الناس».

وأشارت ميلان إلى أن المسلسل مؤلف من 7 حلقات ويتضمن 8 شخصيات بالإضافة إلى بعض العائلات التي لها علاقة مباشرة بالحادثة. «تم اختيار الشخصيات وفقا لتجاربها، فالكاتب طوني بيضون جال مع الصحافيين على العائلات واستمع إليها، واختار من بينها الحالات التي لفتته أكثر من غيرها. هناك مثلا أسعد الفغالي الذي أرجا سفره 7 مرات وعندما اتخذ قرار السفر سقطت الطائرة. خليل الخازن لأنه كان شخصية معروفة (المشرف السياسي على محطة «إم تي في»)، مصطفى الأرناؤوط لأنه ابن صديقه. ألبير عسال لأنه كان غطاسا ماهرا والكل كان يأمل بنجاته، زوجة السفير الفرنسي في لبنان دوني بياتون لأنها أيضا شخصية معروفة وشخصية إثيوبية. ولقد تم الاتفاق مع معظم الممثلين الذين سيشاركون في هذا العمل وهم جميعهم من نجوم الدراما في لبنان، أمثال كارمن لبس، وعمار شلق، وأحمد الزين، وبيتر سمعان، وجوليا قصار، ووفاء طربيه، وفيفيان أغناطيوس، ونحن حرصنا على التعامل مع نجوم معروفين ومخضرمين، لأننا نريد أن تصل الأحداث إلى قلوب المشاهدين اللبنانيين بصدق وعفويّة. كما سيشارك فيه سمير يزبك وهو رئيس الدفاع المدني البحري الذي سيظهر بمشهد وهو يتحدث إلى الشيخ فريد الخازن، كما أننا سنستعين في المسلسل بمادة مصورة حقيقية تم تصويرها داخل المياه أثناء عملية البحث، وأيضا بمادة أرشيفية للإضاءة على الحدث على المستويين السياسي والإقليمي. كذلك ستظهر في المسلسل الإعلامية تانيا مهنا وهي تتحدث هاتفيا مع الشيخ فريد الخازن، كما سنعرض مقتطفات من الريبورتاجات التي قامت بها أثناء تغطيتها للحدث. بعض العائلات رغبت بأن يشارك إخوة الضحايا في المسلسل، ولكن هذه المسألة ليست سهلة على الإطلاق، ولذلك اكتفينا بمشاركة زهرة فران شقيقة الضحية هيفاء الفران».

ونفت ميلان أن تحصل أي تعديلات على المسلسل بعدما ظهرت نتائج التحقيقات التي حملت كابتن الطائرة مسؤولية الحادث». في الأساس، لا يتطرق المسلسل إلى مرحلة التحقيقات بل فقط إلى مرحلة العثور على الجثث والأشلاء ودفنها.. هنا ينتهي المسلسل. أما التصوير فسيتم في معظمه داخل بيوت الضحايا، لأن جدرانها تحتضن تفاصيل حياتهم اليومية، أغراضهم وذكرياتهم وهذا ما نبحث عنه، مثلا الضحية ألبير عسال لم يكن قبل وفاته يستغني عن «اللانش» الخاص به، ولذلك نحن سنستعمله في المسلسل كما سنستعمل أيضا سيارات بعض الضحايا. كما تحدثت ميلان عن «حماس أهالي الضحايا ورغبتهم في أن يرى المسلسل النور في أقرب فرصة ممكنة. لم يجد الكاتب صعوبة في الحصول على موافقتهم الخطية لتصوير العمل وعرضه، بل هم يشجعوننا عليه ويشكروننا دائما لأننا فكرنا بهم وبأولادهم وبضحاياهم ويرون أننا بهذا العمل سوف نخلد ذكراهم، والتأخير في تنفيذه أزعجهم كثيرا، حتى إن البعض منهم عرض علينا المساهمة في الإنتاج ولكننا لم نقبل ولا يعقل أن نرضى بذلك على الإطلاق».