خصوصيات المستخدمين في خطر بعد تحديثات جديدة لـ«فيس بوك» و«غوغل»

«خط الزمان» يعرض مقتطفات من حياة المستخدم منذ ولادته.. و«غوغل» تدمج معلومات مستخدمي خدماتها

«خط الزمان» لمارك زوكربيرغ مؤسس الشبكة الاجتماعية «فيس بوك»
TT

فاجأت «غوغل» العالم الرقمي بإعلانها عن تغيير اتفاقيات خصوصية المستخدم، بحيث يصبح بإمكانها دمج معلومات المستخدم التي تستقي من خدماتها الكثيرة، الأمر الذي يعني قدرتها على معرفة المزيد من المعلومات عنه، وخصوصا بعد إطلاقها شبكة «غوغل+» Google+ التي بدأت بالانتشار. وستستطيع «غوغل» بعد تطبيق هذه التغييرات التي ستطلق في الأول مارس (آذار) من العام الحالي جمع المعلومات من خدمات البحث و«يوتيوب» و«بريد غوغل» و«خرائط غوغل» وصور «بيكاسا»، وغيرها. وخفضت الشركة عدد اتفاقيات الخصوصية لخدماتها من 60 إلى واحدة فقط، لتصبح أقصر وأسهل للقراءة.

وعلى الصعيد نفسه، قررت شبكة «فيس بوك» إعادة ترتيب معلومات مستخدميها البالغ عددهم 800 مليون (تقريبا) لتظهر على شكل خط زمني يعرض مقتطفات لأبرز أحداث حياة المستخدم منذ ولادته. وعلى الرغم من أن هذه الخاصية الجديدة لا تكشف عن معلومات جديدة، إلا أنها تسهل معرفة ماضي المستخدمين. ومن الواضح أن كبرى الشركات التقنية تقوم تدريجيا بتغيير حدود الخصوصية المعروضة أمام الجميع.

«فيس بوك» و«خط الزمان»

* أعلن موقع «فيسبوك» أن ميزة «خط الزمان» («تايم لاين») Timeline ستصبح متوفرة للجميع خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وسيكون أمام المستخدمين 7 أيام لاختيار ما الذي يريدون حذفه من الصفحة الرئيسية لملفاتهم التي ستظهر أمام الجميع على شكل سلسلة زمنية تبدأ من أسفل الصفحة (ولادة المستخدم) وتعرض تعليقاته وصوره ومشاركاته وصداقاته وعمله وارتباطاته العاطفية بشكل تسلسلي إلى يومنا هذا (في أعلى الصفحة)، مع القدرة على الانتقال بسهولة بين الأعوام ومعرفة الأحداث المختلفة باستخدام شريط جانبي. وكانت هذه الميزة اختيارية منذ ديسمبر (كانون الأول) 2011 (في الواقع، كان بالإمكان الحصول على هذه الميزة منذ سبتمبر «أيلول» 2011 عن طريق إيجاد حساب للمبرمجين في «فيس بوك»)، وستصبح إلزامية للجميع قريبا، ولن يكون بإمكان أي مستخدم العودة إلى التصاميم السابقة للموقع. وستعرض مشاركات المستخدم الجديدة في هذا الخط بعد تفعيله.

ومن المزايا الجميلة في «خط الزمان» القدرة على إضافة إنجاز مهم في حياة المستخدم (حاليا أو في الماضي)، مثل شراء سيارة أو منزل أو ولادة طفل، أو حتى الانتقال للعيش في مدينة أو بلد جديد. وإن حصل تحديث ما على إعجاب الكثيرين (مثل جملة أو تعليق أو صورة أضافها المستخدم)، فسيزداد حجم ذلك التحديث ويملأ عرض الشاشة، وذلك للدلالة على أهميته. ويمكن أيضا استخدام خريطة جديدة لإضافة المدن والبلدان التي زارها المستخدم من قبل، وإضافة معلومات المواقع إلى الصور الملتقطة.

وكان من الأفضل لو سمح «فيس بوك» للمستخدم باختيار أسلوب عرض حياته أمام الآخرين، عوضا على إجباره على استخدام أسلوب واحد. ويمكن تشبيه الصفحة الرئيسية الجديدة لملف المستخدم المسماة «الجدار» بالسيرة الذاتية الشخصية التي تسمح لأي طرف بمعاينة حياة المستخدم في دقائق معدودة ومعرفة عاداته ونشاطاته واهتماماته، الأمر الذي سيثير المزيد من الذعر للأفراد الذين يتقدمون لوظيفة جديدة، إذ تعتمد الكثير من الشركات على مواقع الشبكات الاجتماعية للتعرف على شخصية المتقدم قبل قبوله أو رفضه.

وتضيف الشركة ميزة جديدة هي «سجل النشاطات» Activity Log يمكن للمستخدم فقط مشاهدتها، التي تعرض جميع نشاطات ومشاركات المستخدم بشكل مفصل منذ اشتراكه في الموقع. وقد يثير هذا الأمر الذعر بسبب أن السجل متوفر في أجهزة الشركة منذ يوم اشتراك المستخدم، ويمكن بالتالي استخدامه لأغراض الإعلانات أو للتجسس، وهو يشكل خطرا كبيرا على ملايين المستخدمين في حال اختراق نظام الأمن الرقمي لـ«فيس بوك»؛ سواء من خارج الشركة أو من داخلها، ونشر هذه المعلومات أو بيعها.

وإن حاول المستخدم «المراوغة» وعدم تعديل ملفه في فترة الأيام الـ7 المسموح بها، فلن يكترث «فيس بوك» بذلك، وسينشر الموجود بعد انقضاء الفترة المذكورة، وبالتالي تحويل حسابات جميع المستخدمين إلى الهيئة الجديدة في فترة قصيرة، مع عدم توفير القدرة على العودة إلى الهيئة السابقة لصفحة المستخدم.

ومن الأمور الإيجابية والسلبية في الوقت نفسه القدرة على إضافة صورة جديدة عريضة بأبعاد خاصة (850x 315 بيكسل) في أعلى الصفحة اسمها «صورة الغلاف» Cover Photo، بالقرب من صورة المستخدم، وذلك لإضافة لمسات جميلة على صفحة المستخدم. ويمكن استخدام صورة من تلك الموجودة في ألبومات صور المستخدم في «فيس بوك»، أو تحميل صورة من كومبيوتره أو هاتفه الجوال، ومن ثم اختيار منطقة من الصورة لتظهر في ذلك المكان.

العملية ليست بديهية، إذ ليس من الضروري توافق أي صورة جميلة مع الأبعاد المسموح بها، بالإضافة إلى عدم توفر القدرة على تحرير الصور بشكل متطور في المتصفح (قد يفتح هذا الأمر المجال أمام «فيسبوك» لشراء شركة تقدم هذه الخدمة من خلال المتصفح). ولكن بعض الأفراد ذوي الظل الخفيف طرحوا صورا تتكامل مع صورهم الشخصية بأسلوب طريف ومضحك، مثل عرض صورة ملفهم وكأنها تتفاعل مع الصورة الكبيرة. وبدأ بعض الأفراد والشركات تطوير تطبيقات للهواتف الجوالة تسمح بتحرير الصور وتحميلها إلى «فيس بوك» وإضافتها إلى صفحة المستخدم الرئيسية بكل سهولة.

ومن الأمور المهمة التي يجب على الكثير من الأفراد والشركات تطويرها: تطبيقات «فيس بوك»، حيث لا يوجد حاليا سوى 80 تطبيقا يدعم مزايا هذه الصفحة الجديدة. ويمكن إضافة صندوق خاص بهذا التطبيق على «خط الزمان» يعرض التحديثات في داخله.

ويقدم «فيس بوك» جولة توضيحية لهذه الميزة (https://www.facebook.com/about/timeline) تسمح للمستخدمين بالتعرف على أقسام الصفحة الجديدة وآلية عملها.

خصوصية خدمات «غوغل»

* وأحدثت «غوغل» موجة رقمية في الإنترنت بعد الإعلان مؤخرا عن اتفاقية جديدة لخصوصية المستخدم تسمح لها بجمع المعلومات من مختلف الخدمات، واستخدامها لوضع الإعلانات في الأماكن المناسبة، لتصل إعلانات الشركات أو الأفراد بدقة أكبر إلى الأطراف التي قد تكون مهتمة. وعلى الرغم من أن الخدمات الحالية لـ«غوغل» تتبادل المعلومات بينها، مثل قدرة «مفكرة غوغل» على إكمال الأسماء التي يكتبها المستخدم وفقا لتلك الموجودة في بريده الإلكتروني، إلا أن التغييرات الجديدة في اتفاقية الخصوصية ستسهل على الشركة القيام بذلك بشكل كبير.

ومن المؤكد أن المحامين والمدافعين عن الخصوصية سيقرأون ويمحصون شروط الاتفاقية الجديدة، وخصوصا بعد اتخاذ هيئة التجارة الفيدرالية في الولايات المتحدة قرارا تجبر فيه «غوغل» على تسليم سجلات فحص الخصوصية للـ20 عاما المقبلة، وذلك بعد اكتشاف الهيئة أن «غوغل» قد استخدمت استراتيجيات مخادعة، وخرقت وعودها بحفظ خصوصية مستخدمي خدماتها.

أما الخيارات المتوفرة أمام المستخدمين الآن فهي إما قبول الشروط الجديدة أو عدم استخدام خدمات «غوغل».

ومن الأمور التي يجب أخذها في عين الاعتبار أن مستخدمي شبكة «غوغل+» الاجتماعية يشاركون معلوماتهم في الشبكة، وهم بالتالي سيشاركون معلومات مواقعهم واحتفالاتهم وصداقاتهم، الأمر الذي يعني أن هذه المعلومات ستصبح متوفرة لـ«غوغل»، ويمكن ربطها بعروض فيديو شاهدها المستخدم في «يوتيوب» لمعرفة ما يدور في بال المستخدم في ذلك اليوم.

ومن المخاوف الأخرى أن نظام التشغيل «أندرويد» الخاص بالهواتف الجوالة والأجهزة اللوحية الذي يزداد شعبية مع مرور كل يوم هو نظام خاص بـ«غوغل»، ويقوم بمزامنة/ تنسيق المعلومات بين الجهاز وحساب المستخدم في الإنترنت (من خلال اسم مستخدم «غوغل»)، وبالتالي فإن حياة المستخدم الشخصية وفي الإنترنت ستصبح مكشوفة لـ«غوغل»، بحيث تستطيع الشركة ربط الأسماء والرسائل المتبادلة عبر الهاتف الجوال مع تلك الموجودة في بريده الإلكتروني وشبكة «غوغل+»، لتعرف الشركة من هم الأفراد الذين يتواصل المستخدم معهم بشكل مستمر، وجمع معلومات عن هؤلاء الأفراد، واستخدامها للربط بينهم من خلال خدمات أخرى.

وقال لاري بيج، الرئيس التنفيذي لـ«غوغل»، بداية الشهر الحالي، إن «غوغل» طورت محرك البحث الخاص بها ليفهم الأفراد والعلاقات بينهم وبين ما يريدون البحث عنه، لا لفهم المحتوى فقط. ومن الأمثلة على ذلك تقديم تنبيه للمستخدم وفقا لموقعه الجغرافي في «خرائط غوغل» في حال اقترب الوقت لموعد ما، واقتراح الذهاب إلى ذلك الموقع وفقا لحالة الازدحام المروري.

وتبقى خدمات متصفح «كروم» ونظام التشغيل «كروم أو إس» و«كتب غوغل» و«محفظة غوغل» غير خاضعة لهذا التغيير الجديد، إلى الآن.