اتحاد الصحافة الخليجية يكرّم 40 من مؤسسي ورواد الصحافة السعودية

نائب أمير الرياض: الروّاد الأوائل أسسوا لصحافة معافاة من الصراعات الفكرية والعقدية

الأمير محمد بن سعد يكرم عددا من الصحافيين القدامى السعوديين في حفل تكريم رواد الصحافة السعودية («الشرق الأوسط»)
TT

على غير العادة، نادى نخبة من خبراء وروّاد في الصحافة الخليجية، بأن يتجاوز تكريم روّاد ومؤسسي الصحافة الخليجية الأوائل ترديد الكلمات الطيبة ومنح الشهادات التقديرية، إلى إنشاء أرشيف يحفظ حقوقهم وما ورثوه للأجيال الحالية والأجيال الصاعدة، ليكون مصدرا للباحثين والدارسين والراغبين في الاطلاع على أسس صناعة الصحافة، والتعرّف على شخصيات كانت لها البصمات الأولى لإرساء العمل الصحافي السعودي بشكل خاص والإعلامي بشكل عام.

وكان أربعون من هؤلاء الرواد موضع التكريم، الذي قام به اتحاد الصحافة الخليجية أول من أمس بمركز الملك فهد الثقافي بالعاصمة السعودية الرياض، لما لعبوه من دور مقدّر في إثراء الساحة الإعلامية السعودية، بعطائهم وتضحياتهم، مؤسسين لصحافة سعودية وضيئة نيّرة، في وقت كانت فيه كل الظروف المحيطة صعبة، بعيدة عن الصراعات الفكرية والجهوية والعنصرية، فزرعوا اللبنات الأولى لنهضة إعلامية، أصبحت الآن رقما لا يمكن تجاوزه في خارطة الصحافة العربية والإقليمية والدولية، كان له دور مشهود في الدفع بالتنمية الشاملة التي شهدتها السعودية مؤخرا.

وأتى هذا التكريم، الذي رعاه الأمير محمد بن سعد بن عبد العزيز نائب أمير منطقة الرياض، كأحد الأهداف الأساسية، التي قام من أجلها ولها هذا الاتحاد الذي بدأ خطواته الأولى من خلال إنشاء أرشيف متكامل لمسيرة الصحافة الخليجية، منذ إنشائها لتكون مرجعا لكل باحث ودارس ومهتم في هذا المجال.

وقال نائب أمير الرياض: «في هذا المحفل الفكري الذي نحتفي فيه برواد أوائل أثروا الساحة الإعلامية بعطائهم وتضحياتهم في وقت لم تكن الظروف كما هي اليوم، فأسسوا لصحافة سعودية، بعيدة عن الصراعات الفكرية، وزرعوا اللبنات الأولى للنهضة الإعلامية في بلادنا، فكانوا روادا ومؤسسين لها، لهم منا كل الاعتزاز والتقدير، على ما قاموا به من جهود، وما أسهموا فيه بفكرهم وأقلامهم، ليمهدوا الطريق لمن جاء بعدهم، ولتنطلق الصحافة السعودية من بدايتها الأولى، لترتقي إلى مصاف الصحافة المتقدمة، بتقنيتها واهتماماتها بالحيادية، والبعد عن الانحرافات العقدية والفكرية».

وأضاف الأمير محمد بن سعد أن رعاية المملكة للثقافة والإبداع، نهج سارت عليه قيادتها، منذ تأسيسها على يد المغفور له الملك المؤسس عبد العزيز طيب الله ثراه، وما زالت مستمرة في هذه المسيرة، ترعى الفكر وتهتم بالإبداع وتحتضن أصحابه وما صدور نظام المؤسسات الصحافية إلا أحد جوانب هذا الاهتمام. وقال: «لو رصدنا مشوار التطور الذي شهدته المؤسسات الصحافية منذ بدايتها مع جيل الرواد الذين نحتفي بهم الليلة، مرورا بنظام المؤسسات الصحافية وحتى اليوم، نجد أنها تعد مصدر فخر واعتزاز، فقد أسهمت إسهاما مباشرا في التنوير المعرفي والثقافي وكذلك في التعريف بخطط التنمية الشاملة التي شهدتها المملكة خلال العقود الماضية وشاركت في توجيه المجتمع نحو الاهتمام بتنمية معارفه وتوسعة مداركه الثقافية والفكرية، ولم تتوقف مساهماتها عند هذا الحد، بل رأيناها وهي تدافع بكل موضوعية وتجرد عن مواقف المملكة الثابتة تجاه الكثير من القضايا الشائكة عربيا ودوليا».

وقال: «إنني سعيد أن أكون بين هذه الكوكبة الفكرية والثقافية، لنحتفي جمعيا بهذا الجيل الرائد الذي له منا في ليلته هذه كل احترام وتقدير لتضحياته وإسهاماته الحضارية، والجميع يقف معكم في مسيرتكم لاستمرار تحقيق النمو المعرفي والثقافي والدفاع عن قضايا الدين والوطن».

بعد ذلك قام الأمير محمد بن سعد بتدشين كتاب الرواد الذي أصدرته مؤسسة اليمامة الصحافية، ووثقت فيه مؤسسي الصحافة وروادها في السعودية، ثم كرّم أربعين رائدا من رواد الصحافة.

إلى ذلك، قال الدكتور يوسف بن أحمد العثيمين وزير الثقافة والإعلام بالنيابة في كلمة له بهذه المناسبة: «إن اجتماع اتحاد الصحافة الخليجية في دورته الثانية في الرياض وتكريمه لرموز بدأوا مسيرة العمل الصحافي في السعودية، وأسسوا بنيتها الأولية عرفان وتقدير بما قدموه وبذلوه من جهود مضنية، افتقرت في وقتها إلى كل مقومات العمل الصحافي مهنيا وماديا وحتى تطبيقيا».

وأفاد أن هذا التكريم لكل أوائل مؤسسي العمل الصحافي في دول مجلس التعاون، يأتي كأحد الأهداف الأساسية التي قام من أجلها ولها هذا الاتحاد الذي بدأ خطواته الأولى من خلال إنشاء أرشيف متكامل لمسيرة الصحافة الخليجية، منذ إنشائها لتكون مرجعا لكل باحث ودارس ومهتم في هذا المجال.

وقال: «إن المؤمل أن تترسخ مسيرة هذا الاتحاد لخدمة المؤسسات الصحافية دون استثناء في دول مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وأن يسخر إمكانياته لخدمتها في جميع مجالات العمل الصحافي، وأن يسهم في بلورة برامج لصقل وتنمية الكوادر البشرية الصحافية العاملة في تلك المؤسسات وعلى الأخص الشابة منها، وأن يشجع ميادين البحوث والدراسات التي تعنى بتاريخ الصحافة الخليجية ومسيرتها منذ التأسيس حتى وقتنا الحاضر، خدمة للتنمية الشاملة التي تعيشها دول مجلس التعاون».

وثمّن لمؤسسة اليمامة الصحافية، إصدارها كتابا وثقت فيه مؤسسي الصحافة وروادها في السعودية ليصبح مرجعا أساسيا ضمن وثائق هذه الدورة، متمنيا لاتحاد الصحافة الخليجية أن يحقق أهدافه الخيرة التي أسس من أجلها، وأن يستمر عطاؤه المتميز خدمة للصحافة والصحافيين الخليجيين.

ولفت إلى أن الصحافة السعودية كانت حاضرة دائما عبر التاريخ، مثمنا لاتحاد الصحافة الخليجية هذه اللفتة الكريمة التي بدأت في مملكة البحرين، والآن حطت رحالها هنا في السعودية، معبرا عن سعادته بهذا التكريم وبوجوده بين إخوانه ليشاركهم هذا الاحتفاء والتكريم من هذه المؤسسة العريقة.

وقال العثيمين: «إن المعرض المصاحب لحفل التكريم الذي يحكي ماضي وحاضر الصحافة السعودية، قد أعادنا سنوات إلى الماضي ورأينا كيف أن الصحافة السعودية كانت حاضرة عبر التاريخ في المملكة العربية السعودية، ورأينا جهود أوائل ورواد الصحافة عندما لم يكن هناك مادة، ولم يكن هناك متخصصون، فنلاحظ النقلة الجميلة التي حدثت في مجال عالم الصحافة».

وكان تركي السديري رئيس اتحاد الصحافة الخليجية، ألقى كلمة ضافية بهذه المناسبة، مرحبا فيها بنائب أمير منطقة الرياض والحضور، موضحا دور الإعلام ومؤسسي الصحافة وروادها في ثقافة المجتمعات، فضلا عن إسهاماتهم في نجاح الصحف في الماضي.

من جهته، قال ناصر العثمان الأمين العام لاتحاد الصحافة الخليجية في كلمة: «نتشرف اليوم بتكريم رواد الثقافة بما أوجدوه من صحف ومجلات ودوريات توعية، نشرا للمعرفة والرأي والسياسة والاقتصاد وكل العلوم الإنسانية»، مبينا أن هذا التكريم يأتي لهذه النخبة نظير ما بذلت من وقتها وإمكانياتها لتلبية طموحاتها في إنشاء صحافة قوية في السعودية تواكب تطورها وتقدمها منذ ما يزيد على المائة عام.

وأضاف: «إن تكريمنا لهؤلاء الرجال ليس بالكلمة الطيبة أو بالشهادة التقديرية فحسب، بل بإنشاء أرشيف يحفظ حقوقهم وما ورثوه لنا ليكون مصدرا للباحثين والدارسين والراغبين في الاطلاع على هذا الجانب، فالمكرمون يستحقون الكثير منا».

يشار إلى أنه تم في الحفل تكريم مجموعة من الأسماء الرائدة في تاريخ الصحافة السعودية، حيث شمل التكريم كلا من، أحمد السباعي، وأحمد عبد الغفور عطار، وأحمد عبيد مدني، وحسن عبد الحي قزاز، وأمين عبد الله مدني، وطاهر زمخشري، وصالح جمال، وعبد الفتاح أبو مدين وعبد الوهاب آشي، وعبد القدوس الأنصاري، بالإضافة إلى عدد من رواد الصحافة السعودية الذين بلغوا 40 شخصية تم تكريمها.

وتضمن برنامج الحفل أمس كلمة لرئيس اتحاد الصحافة الخليجية وكلمة للرواد المكرمين ألقاها الشاعر سعد البواردي، وقصيدة شعرية، تلتها كلمة وزارة الثقافة والإعلام التي ألقاها نائب الوزير الدكتور عبد الله الجاسر، وبعدها ألقى راعي الحفل كلمته بهذه المناسبة.