زار سفير خادم الحرمين الشريفين في القاهرة، أمس، جناح المملكة العربية السعودية في معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الثالثة والأربعين، الذي يعد أكبر جناح دولي في المعرض على مساحة 4 آلاف متر مربع محتضنا نحو 64 جهة ثقافية سعودية بين حكومية وخاصة. وقال السفير أحمد القطان في تصريحات صحافية عقب مشاركته، إن المشاركة السعودية تهدف إلى توثيق الروابط الفكرية والثقافية بين أطراف صناعة الكتاب (الناشر، والمؤلف، والقارئ)، لافتا إلى الانسجام الظاهر بين أهداف المعرض وما تشهده المملكة من نمو باهر ومتطور في المجالات الثقافية.
وتفقد القطان برفقة الدكتور أحمد مجاهد، رئيس الهيئة المصرية العامة للكتاب، الجناح السعودي في المعرض، ونوه سفير خادم الحرمين بأن الجناح السعودي يضم في أركانه المختلفة إنتاجا فكريا وإبداعيا متنوعا، إضافة إلى برنامج ثقافي حافل بالندوات الثقافية والأمسيات الشعرية والفنون التشكيلية التي يشارك فيها عدد كبير من المثقفين والأدباء والشعراء والفنانين السعوديين والمصريين.
وأشاد سفير خادم الحرمين الشريفين بالفعاليات الثقافية والفكرية التي ترافق المعرض التي تركز على محاور ثقافية وفكرية تهدف إلى إثراء المسرح الثقافي العربي. وعلى مدار 4 أيام ينظم الجناح السعودي 10 ندوات ومحاضرات ثقافية تتنوع ما بين الإعلام والفن، يتخللها 3 أمسيات شعرية، وتختتم ندوات الجناح السعودي بندوة عن العلاقات المصرية - السعودية في المجالات الاجتماعية والثقافية.
وفي حين خصص الجناح السعودي ركنا خاصا للطلبة السعوديين الذين لديهم إنتاج فكري متميز، لفت القطان إلى الاهتمام الكبير الذي توليه حكومة خادم الحرمين الشريفين للدارسين السعوديين ورفع كفاءة التعليم. وأوضح أن عدد الخريجين السعوديين من الجامعات الـ500 الأفضل في العالم سيبلغ نحو 50 ألف خريج.
ويضم الجناح السعودي أقساما عدة للجامعات السعودية مثل جامعة أم القرى، وجامعة طيبة، وجامعة القصيم التي تشارك بنحو 89 إصدارا جديدا كلها من تأليف هيئة تدريسها وتتناول العلوم الشرعية، وعلوم الزراعة والطب البيطري، كذلك تشارك الجامعة الإسلامية بأكثر من 22 ألف مجلة، و160 عنوانا جديدا من إصدارات البحث العلمي.
من جانبه، عبر الملحق الثقافي السعودي في القاهرة، الدكتور خالد بن محمد الوهيبي، عن سعادته بالإقبال الكبير على الجناح السعودي بعد أسبوع من بداية المعرض، وقال الوهيبي لـ«الشرق الأوسط»: «الإقبال على الجناح وصل إلى 14 ألف زائر خلال الأسبوع الماضي، وهو معدل يسعدنا للغاية»، موضحا أن الجناح السعودي أقل ما يصف عمق العلاقات المصرية - السعودية، ولفت الوهيبي إلى أن الملحقية الثقافية السعودية ستنظم العديد من الفعاليات الثقافية والعلمية في الفترة المقبلة منها معرض للكتاب بالإسكندرية وسلسلة من المشاركات الثقافية والفكرية في الجامعات المصرية، وقال الوهيبي: «لا نتردد في المشاركة في أي أنشطة ثقافية في مصر».
ومن ضمن نحو 32 دولة عربية وأجنبية مشاركة في المعرض، تعد المشاركة السعودية هي الأكبر على الإطلاق من حيث مكان العرض، أو عدد الناشرين أو عدد المؤلفات، وهو ما انعكس جليا في الإقبال الجماهيري على الجناح السعودي الذي اجتذب العديد من الزائرين من المصريين والأجانب لتنوع المؤلفات المعروضة في شتى فروع المعرفة.
ومن بين نحو 64 جهة سعودية عارضة، تميزت الدار العالمية للكتاب الإسلامي بعرضها للمصحف الشريف بـ8 لغات، منها: الإنجليزية، والفرنسية، والألمانية، والتركية، والروسية، بالإضافة إلى مجموعة متميزة من كتب السيرة النبوية والخلفاء الراشدين باللغات الأجنبية، وهو ما لاقى إقبالا كبيرا من العديد من الزوار الأجانب/ خصوصا من مسلمي أوروبا الشرقية، كما تشارك وزارة الشؤون الإسلامية والأوقاف والدعوة والإرشاد ومجمع الملك فهد لطباعة المصحف الشريف بمقر خاص داخل الجناح السعودي، حيث يعرض أكثر من 260 إصدارا، إضافة إلى توزيع المصاحف التي وضعت تحت لافتة للعرض فقط.
وحظيت مكتبة أضواء السلف بإقبال كثيف من الزائرين، وقال سليمان حاج معروف، شاب عشريني من داغستان، وهو يمسك بقائمة طويلة من الكتب التي يرغب في شرائها، لـ«الشرق الأوسط»: «وجدت كل الكتب التي أريدها هنا، وبأسعار متميزة»، ووفقا لمسؤول سعودي، فإن دار «مدار الوطن» للنشر والتوزيع حققت أعلى مبيعات في الجناح السعودي حتى الآن.
وفي المجال السياسي، كان لمكتبة «العبيكان» للنشر والتوزيع مشاركة متميزة بالعديد من الكتب والمؤلفات التي يتناول معظمها السياسية الخارجية الأميركية، ودوائر صنع القرار فيها، وكان الأبرز من الكتب المعروضة في هذا الشأن كتاب «جرأة الأمل» للرئيس الأميركي، باراك أوباما، وكتاب «ماذا حدث داخل أروقة البيت الأبيض في عهد بوش؟» للكاتب سكوت مكليلان، المتحدث الصحافي السابق باسم البيت الأبيض.
بينما أمدت دار المعرفة للتنمية البشرية القارئ المصري والعربي بعشرات من الكتب الجديدة في علم التنمية البشرية، تناولت شتى مجالات تنمية التواصل والقيادة وفن الاستماع والحوار، وهو ما اجتذب قطاعا كبيرا من الشباب حديثي التخرج.
وفي قلب الجناح السعودي، أفرد معهد خادم الحرمين الشريفين لأبحاث الحج قسما خاصا بماكيتات عرض لبيان آخر التوسعات والتطورات في الحرمين المكي والنبوي، كذلك في محيط بئر زمزم ومنطقة رمي الجمرات.
وفي لفتة إنسانية رقيقة، يضم الجناح السعودي قسما خاصا لمؤسسة آلاء لذوي الاحتياجات الخاصة، التي استقبل أبناؤها السفير القطان بإنشاد النشيد الوطني السعودي، قبل أن يقدموا له هدية بسيطة من صنع أيديهم. وقالت منى محمود، مديرة المؤسسة، إن السفارة السعودية في القاهرة ترعى المؤسسة التي تضم نحو 50 طفلا سعوديا من ذوي الاحتياجات الخاصة من أصل نحو 100 طفل، وقالت محمود لـ«الشرق الأوسط»: «تخصيص قسم لنا في الجناح السعودي علامة بارزة على الاهتمام بذوي الاحتياجات الخاصة».
وقبل مغادرته للجناح السعودي، قال سفير خادم الحرمين الشريفين إن معرض القاهرة الدولي للكتاب يعد فرصة حقيقية لتعميق الثقافة المجتمعية العربية، معتبرا المعرض وعاء حضاريا يبقي على ذاكرة الأمة العربية والتواصل مع الأجيال القادمة.