المعرض الدولي للحلوى في كولون يبعث النشوة في نفوس زواره

سكر «ستيفيا» يحل محل السكر التقليدي

TT

تشير الكثير من الدراسات إلى دور هام للشوكولاته في تحفيز فرز هرمون السيروتونين الباعث على الإحساس بالسعادة والمرح، وهو ما يروج كثيرا لمبيعات عالم صناعة وإنتاج الحلوى. لكن الشعور بالسعادة يمكن أن يكتمل من خلال تحويل الحلويات إلى ألعاب جماعية تشيع الفرح بين الناس عموما، وبين الأطفال خصوصا.

وعلى هذا الأساس كان عالم الحلوى، في المعرض الدولي للحلوى في كولون (29 يناير (كانون الثاني) - 2 فبراير (شباط) 2012)، مرآة تعكس هذه العلاقة بين التلذذ بأكل الحلوى، وبين التمتع بمزاج جيد من خلال الألعاب. فالحلوى تحولت إلى كرات للعب كرة القدم، بمناسبة مونديال أوروبا بكرة القدم 2012، وإلى أساور وقلائد تطوق معصم وعنق دمية باربي، وإلى ورق كوتشينة.

بل إن شركة «بيز» النمساوية، المتخصصة بإنتاج الحلوى للأطفال، حولت العلكة إلى لعبة رماية طريفة يلعبها الصغار الكبار. وعلكة «بيزا» بطعم الفواكه الخالصة، لها نكهة التفاح أو الأناناس، أو البرتقال.. إلخ، لكنها تنطلق من داخل علبة صغيرة كما تنطلق الرصاصة من مسدس، ويمكن للطفل أن يهدف قطعة العلكة كي تنطلق من العلبة إلى فم الطفل الآخر من مسافة مترين. والمهم أنه يمكن «حشو» المسدس بالـ«خراطيش» كي تتواصل اللعبة مجددا. وعلى أية، المرح ليس كل شيء في هذه العلكة لأن محتوياتها غنية بالفيتامينات، كما أنها خالية تماما من السكر.

وتحدثت إدارة المعرض في تقريرها لهذا العام عن تحول نوعي في عالم إنتاج الحلوى بفضل دخول عصر نبتة الستيفيا في إنتاج مواد التحلية بديلا عن السكر التقليدي. وبعد أن كان عرض الحلوى المنتجة بسكر الستيفيا مقتصرا في السابق على الشركات الأميركية والكندية والاسكندينافية، دخل في معرض 2012 في منتجات الشركات الأوروبية. هذا لأن الاتحاد الأوروبي أجاز «بحذر» استخدام الستيفيا في ديسمبر (كانون الأول) الماضي بعد عشرات من الدراسات السريرية.

والستيفيا نبتة خضراء تنمو طبيعيا في أميركا اللاتينية وتحتوي على مادة حلوة المذاق غير السكر الاعتيادي، وهكذا فإنها خالية من أية سعرات حرارية، ويمكن أن تسهم في مكافحة ظاهرة البدانة المتفشية عالميا. ثم إنها لا تؤدي إلى ارتفاع الغلوكوز في دم الإنسان، وتصلح من ثمة، تماما لمرضى داء السكري. وتثبت التجارب المختبرية أنها تحتوي على نسبة عالية من المواد المضادة للتأكسد، ويمكن أن تسهم، بالتالي، في مكافحة نسبة الأمراض السرطانية المرتفعة. والمهم، بالنسبة للأطفال، أنها لا تتسبب بفرز الأحماض في الفم، ولا تؤدي بالطبع، إلى تسوس أسنان الأطفال.

الكثير من الشركات الأوروبية طرحت الحلوى المصنوعة بسكر ستيفيا، التي تمتد بين الشوكولاته والملبس والعلكة، لكنها ثبتت على المنتجات تعليمات الاتحاد الأوروبي الصحية التي توصي، في المرحلة الأولى من استخدام ستيفيا، بعدم تجاوز استهلاك ستيفيا اليومي لحدود 250 ملغم يوميا. وعلى أية حال فإن النبتة أحلى 30 مرة من السكر الاعتيادي، وخلاصتها أحلى 200 - 300 مرة من السكر التقليدي، ويمكن لهذه الكمية الضئيلة أن تفي بحاجات ملايين البشر.

تقلل مادة الكاكاو الإصابة بالأمراض السرطانية، بفضل احتوائها على مضادات التأكسد بتركيز كبير. هذا إضافة إلى دراسات تتحدث عن دور الكاكاو في تحسين الدورة الدموية وتقليل الإصابة بأمراض الجهاز الهضمي ومعالجة الإمساك. مع ذلك فإن استخدام الكاكاو في إنتاج الحلوى تراجع على المستوى العالمي لتحل محله خلاصات المواد الطبيعية الممتدة بين الفواكه والحبوب، إضافة إلى كثرة استخدام المازريبان والفول السوداني والجوز وغيرها. ويمكننا اعتبار تراجع الكاكاو من أهم النزعات العالمية في المعرض الدولي للحلوى 2012.

النزعات السابقة، التي بدأت في المعارض السابقة، استمرت طبعا. وأهمها هو نزوع إنتاج الحلوى إلى المواد المحتوية على الفيتامينات والدهون المشبعة والمواد المضادة للتأكسد. هذا إلى جانب تقليل نسبة الدهون والسكر ورفع نسبة المواد الطبيعية والتركيز على المواد الخافضة للكولوليسترين مثل الجوز واللوز وغيرها. ويجب أن لا ننسى هنا نزوع شركات إنتاج المعجنات إلى تقليل نسبة ملح الطعام في هذا النوع من الحلوى. وتقول إدارة المعرض إن شركات إنتاج الشوكولاته أصبحت مثل شركات إنتاج الأدوية، تكتب المحتويات بدقة، ونسب المواد الدهنية... إلخ على العلب كما هي الحال مع الأدوية.

في ذات الوقت لم تتوقف «التجارب» الجديدة التي تحاول تقديم الحلوى بمذاقات «غريبة». وبعد البوظة بالثوم قبل 10 سنوات، ولحم البط بالشوكولاته، من معرض 2007، أطلت علينا بعض الشركات بمذاقات تجريبية جديدة. وهكذا سنحت الفرصة للجمهور في معرض الحلوى 2012 لتجربة الجبس بنكهة اللحم المشوي على «الباربكيو» من شركة «فوني فريش»، والشوكولاته السوداء المحشوة بالشمندر المسلوق من شركة «فالزر» وغيرها.

شركة «بروكر» الألمانية استعرضت جديدها في عالم الشوكولاته، وهي قطع الشوكولاته البيضاء المحشوة بحلاوة الجزر. شركة «دوك» أضافت لحلوياتها، المخصصة للأطفال، طعم الهيل، في حين أضافت شركة «ليمبكة» نكهة القرفة إلى معجناتها. ودخل الزيتون عالم الحلوى بقوة هذا العام، بعد أن كان وجوده يقتصر على المعجنات والخبز المحلى، فطرحت شركة «شتولفيرك» شوكولاته مرة بطعم الزيتون.

يستهلك الألماني 30 كغم من الشوكولاته سنويا، وهو خبر جيد طبعا لقطاع إنتاج الحلوى في عالم الأزمة الاقتصادية. فالشوكولاته والملبس والعلكة والمصاصات بعيدة كل البعد عن الأزمة، ويبدو أن الاستهلاك يميل إلى الصعود. وزادت مداخل قطاع إنتاج الحلوى، على المستوى العالمين بنسبة تجاوزت 2 في المائة، وهذا يشجع الشركات على دخول المنافسة ضد بعضها من خلال الأفكار الجديدة. شركة نمساوية طرحت ملبس (بون بون) بطعم التفاح المشوي، وشركة «ديور» اليابانية استخدمت ماركات العطور الغالية لجعل المستهلك يعشق رائحة الشوكولاته قبل أن يذوق طعمها. واستخدمت «ديور» ماء زهر الورد بكثرة في منتجاتها، بعد أن توصل العلماء اليابانيون إلى أن ماء أنواع معينة من الورد يحتوي على نسبة عالية من المواد المضادة للتأكسد.

النكهات الغريبة ظهرت أيضا في «كباب كيت» من شركة «بوكو لوكو»، وهي ساندويتش شاورمة محلاة قليلا ومغلفة بخبز محلى. ظهرت أيضا بشكل نقانق ألمانية تؤكل عادة بالكاري، لكن شركة «ترولي» صنعتها من حلوى لها طعم النقانق. وأضافت لها شيئا من الشوكولاته.

أما «لولي» الدوارة فهي مصاصة لولبية ملونة يمكن للطفل أن يدورها داخل فمه بواسطة خيط مربوط داخل بكرة في قبضة المصاصة. ولمن يبحث عن صحة أسنانه فهناك علكة شركة «غوميلينك» التي تخفي في باطنها مسحوقا أبيض يحتوي على المنثول والزاميلتول وغيرها، وهي مواد تحفظ الأسنان من التلوث وتثير في الفم «برودة» مريحة في الصيف. وشركة «بيوتي سويت» عبأت الملبس بنسب معينة من الفيتامينات والمواد المضادة لتسوس الأسنان لدى الأطفال.

استعدت الشركات المنتجة للملبس والجبس والمكسرات بشكل جيد إلى الصيف الرياضي الساخن المرتقب هذا العام. إذ سيشهد شهرا يونيو (حزيران) ويوليو (تموز) مونديال أوروبا لكرة القدم وأحداث الدورة الأولمبية الصيفية، وهذا يعني أن المشاهدين، الذين ستشدهم الأجواء إلى التلفزيونات، سيكونون في حاجة إلى ما يمضغونه بين أسنانهم من «مكسرات» وجبس وغيرها كي يمضوا الوقت بـ«أحلى» تسلية. وهكذا اتخذ الملبس شكل كرة القدم، واستدارت قطع الجبس لتناسب عالم الكرة، وارتدت حبات الفول السوداني بدلة بيضاء من الكارميل كي تذوب بسهولة في الأفواه المفتوحة وهي تراقب حركة الكرة.

في ذات الوقت عرفت شركة «سيلاباوت» كيفية مخاطبة البنات الصغيرات عن طريق تصنيع سلسلة منتجات من الشوكولاته والحلوى المناسبة لدمى باربي. فهي مواد حلوة المذاق مصنوعة بشكل أساور وقلائد وحقائب وباروكات... إلخ تناسب دمى باربي.

شاركت في معرض هذا العام للحلوى، وهو الأكبر من نوعه في العالم، 1400 شركة من 65 دولة. وتوقعت كريستينا هاكمان، من إدارة المعرض، مستقبلا كبيرا لحلوى نبتة «ستيفيا» الخالية من السعرات، لأنها تتماشى مع نزعات بشر اليوم نحو الصحة واللياقة. وتحدثت هاكمان عن توجهات واضحة لجيل الشباب عن جيل المسنين في ألمانيا. ففي حين ينزع شباب اليوم نحو الحلوى الغزيرة بمنتجات الحليب، ونحو الشوكولاته البيضاء، يميل المسنون إلى الشوكولاته القليلة السكر، أو السوداء المرة، والمعجنات القليلة الملح.