«خيمة الثورة السورية».. شعر وطرب ورقص وثورة

جذبت المصريين والعرب بميدان التحرير بالقاهرة

منصة الندوات وساعة حمص وعلم سورية تزين الخيمة السورية بميدان التحرير بالقاهرة
TT

حالة سورية بامتياز، تطل روائحها من «خيمة الثوار السوريين»، وتخطف حواسك، وأنت تتجول بميدان التحرير، أيقونة الثورة المصرية بقلب العاصمة القاهرة. تنتصب الخيمة بالميدان ناحية مقر جامعة الدول العربية، وما إن تقترب منها حتى يهتز جسدك وروحك، وتتردد بتلقائية: «ارفع راسك بالعالي، شد الهمة وشد الحيل، يا سوري يا غالي، يا سوري يا سراج الليل»، وهي أحدي الأغاني التي تُطرب لها الأذان، وتلفت انتباه المصريين والعرب ممَن يسيرون أمام الخيمة بالميدان، لتجذبهم للدخول إليها للبحث عن مصدر هذا الصوت، ليجدوا أنفسهم أمام جو يدفعهم للتعرف على جانب آخر من سوريا يبتعد كل البعد عن مشاهد القتلى والجرحى والسياسة، وهو الجانب الثقافي والفن الشعبي السوري.

فعلى بُعد أمتار من الخيمة التي تعلوها الأعلام السورية ويبلغ ارتفاعها نحو 7 أمتار، وطول نحو 20 مترا، يعتقد الناظر إليها أنها خيمة بعض المعتصمين السوريين، الذين قدموا إلى ميدان التحرير، لعرض بعض الانتهاكات التي يعيشها الشارع السوري فقط، إلا أنه بمجرد الدخول إليها، يجد الزائر نفسه وسط مناخ آخر، يجذبه لقضاء بضع ساعات من الاستجمام والطرب وسماع الأغاني السورية الحديثة والقديمة، والتصفيق والمشاركة في حلقات الرقص الشعبية، واحتساء الأطعمة التي أحيانا ما تكون شامية. الطريف أنك في ظلال هذا الجو تحس بأنك وسط سوق سورية حيث يتجول أحد الشباب بإكسسوارات وأعلام وصور من سوريا يبيعها بأسعار رمزية لا تتجاوز الدولار الواحد، داخل الخيمة.

لا يقتصر جو الخيمة السورية عند هذا الحد، بل تعقد منذ بداية نصبها بالتحرير، في ذكري ثورة 25 يناير الأولى، العديد من الندوات وحلقات النقاش صباح كل يوم، وفي المساء تستقبل زوارها بالأمسيات الشعرية، وحلقات الرقص الشعبية وسماع الأغاني السورية التي تحدث لهم حالة من نشوى الطرب.

يستقبلك علم سوريا، حيث يشكل بوابة الخيمة، وللوهلة الأولى من الدخول يلفت الانتباه وجود ساعة بيضاء اللون، تنتصب في وسط الخيمة، يصل ارتفاعها نحو ثلاثة أمتار، وهي نموذج مصغر لساعة مدينة حمص (162 كم شمال دمشق)، والموضوعة بميدان الساعة مقر تظاهر الثوار بالمدينة، وعلى جدران الخيمة من الداخل علقت لافتات ورسوم وصور للمدن السورية وأبرز معالمها، بينما يمر عليك بعض الشباب السوريين لبيع «الغطرة» السورية وبعض الأعلام والصور والأيقونات.

وعلى الجدار الخارجي للخيمة كتب الثوار السوريون وزائرو التحرير شعارات، تظهر التضامن والترحيب بهذه الثقافة التي تعد جديدة على مسامع المواطن المصري البسيط، ولعل أبرز هذه العبارات التي كتبت بأقلام مختلفة الألوان، «الشعب المصري يرحب بالشعب السوري العظيم»، «قريبا سنحتفل في دمشق وحلب».

زودت الخيمة بمجموعة من الكراسي لاستقبال الزوار، وأقيمت بداخلها منصة صغيرة، لعقد الندوات، ووضع بعض مكبرات الصوت التي دائما ما تبث أغاني الثورة السورية التي تدوي في جنبات الميدان.

وبينما كان زوار الخيمة يستمعون للأغاني، قال أحمد بربور (28 عاما)، من مدينة اللاذقية: «الهدف من إقامة (خيمة الثوار السوريين)، تعريف الشعب المصري والجاليات العربية في مصر بالثقافة السورية، والثورة وأهدافها».

وأضاف بربور، وهو ناشط سوري هرب إلى الأراضي المصرية مع أسرته بعد قتل النظام السوري للعديد من الثوار السوريين: «نقوم بعمل ندوات في الخيمة يحضرها زوار ميدان التحرير وعدد من الثوار الليبيين واليمنيين الموجودين بالقاهرة، ويوجد داخل الخيمة معارض مصورة، وحفلات غنائية عن الثورة والتي تعد جزءا من تراثنا، كما نقوم بجمع تبرعات للسوريين النازحين إلى مصر، والسوريين داخل سوريا».

وبينما كان بربور يتحدث لـ«الشرق الأوسط» عن الخيمة، أقبل عليه شاب مصري يطلب منه تقديم العون هو وأصدقاؤه للسوريين في حالة من الإلحاح. وأوضح بربور: «الكل هنا متعاون معنا، يأتون ويجلسون معنا طوال اليوم، ويتناقشون معنا، ثقافتنا تجتذب الناس».

وقال خالد محمود، طالب جامعي مصري (24 عاما) كان يشاهد الرسوم والصور التي تجسد الثورة السورية: «جئت مع أصدقائي للتعرف على الخيمة السورية، لأتعرف على ثقافتهم وطباعهم». وأضاف: «أعجبتني طريقة تعبير السوريين عن أفراحهم وأحزانهم عبر الأغاني والرقص، رغم كل الانتهاكات التي يرتكبها نظام بشار الأسد، ضد شعبه».