ويتني هيوستن.. مشوار غنائي رائع ونهاية مأساوية

باعت نحو 140 مليون ألبوم في 25 عاما وحصدت 6 جوائز غرامي

ويتني هيوستن خلال حفل أقامته في شهر فبراير من العام الماضي تكريما لمشاهير قطاع الموسيقى (أ.ف.ب)
TT

في غرفة بفندق هيلتون في بيفرلي هيلز أسدل الستار على حياة المغنية والممثلة الأميركية ويتني هيوستن.

هيوستن التي قادها جمال صوتها إلى عرش موسيقى البوب قبل أن تتراجع مسيرتها جراء أعوام من إدمان المخدرات توفيت عن 48 عاما عشية حفل توزيع جوائز غرامي الموسيقية في لوس أنجليس.

وتدفق الصحافيون على الفندق وتجمع المعجبون أمامه بعد إعلان خبر وفاتها لإضاءة الشموع تكريما لها وحلقت طائرات الهليكوبتر في السماء.

وقالت شرطة بيفرلي هيلز إنه تم استدعاؤها إلى فندق بيفرلي هيلتون نحو الساعة 3:43 مساء بالتوقيت المحلي واستجابت إدارة الإطفاء التي كانت موجودة في المكان على الفور. وكانت هيوستن في غرفتها بالطابق الرابع ولم تستجب للتنفس الصناعي الذي أجري لها وأعلنت وفاتها الساعة 3:05 مساء.

وقال اللفتنانت مارك روزن للصحافيين «تعرف عليها أصدقاؤها وأفراد أسرتها الذين كانوا معها في الفندق وتم بالفعل إبلاغ أقاربها». وذكرت الشرطة أنه ليست هناك علامات واضحة على وقوع جريمة.

ونقل قضاة التحقيقات في لوس أنجليس جثتها من الباب الخلفي للفندق قبيل منتصف الليل. وتسابق كثيرون لتقديم العزاء في المغنية الحاصلة على ست جوائز غرامي من بينها جائزة أغنية العام عن أغنيتها «سأحبك دائما» وألبوم العام عن «بودي جارد».

فقد كتبت المغنية الشهيرة آرثا فرانكلين الأم الروحية لهيوستن على صفحتها في موقع «تويتر»: «إنه خبر صادم وغير قابل للتصديق فإنني لم أستطع أن أصدق ما أراه على شاشة التلفزيون».

وقالت عنها المغنية باربرا سترايسند في بيان «كانت تملك كل شيء.. الجمال.. الصوت الرائع. إنه لأمر محزن أن مواهبها لم تجلب لها السعادة كما كانت تجلبها لنا».

أما نجمة موسيقى البوب ريهانا فقالت على موقع «تويتر» على الإنترنت «لا كلمات أنها دموع فقط». وقال نيل بورتناو، رئيس أكاديمية التسجيلات التي تدير جوائز غرامي لـ«رويترز» إن صناع الموسيقى يبحثون حاليا سبل تكريم هيوستن أمام الكثيرين من معجبيها وأصدقائها الذين سيتابعون الحدث إما بالحضور وإما في التلفزيون.

أما المغنية ماريا كاري فقد ذكرت «قلبي كسير وتغالبني الدموع بسبب الموت المفجع لصديقتي.. السيدة ويتني هيوستن التي لا يضاهيها أحد».

وأضافت «إنها تعني لي الكثير.. تعلمون.. ويتني أثرت على موسيقاي بصورة كبيرة وأعتقد أننا كلنا كفنانين يمكن أن نؤكد على هذا. أعني أنها بالنسبة لي هي كواحدة من أكثر الفنانين روعة ممن عرفتهم».

كما كتب المغني توني بينيت «إنها مأساة فقد كانت ويتني هيوستن أعظم مغنية استمعت لها وسوف نفتقدها بشدة».

كانت بداية هيوستن مغنية جوقة كنيسة في نيوجيرسي عندما كانت تبلغ من العمر 11 عاما وأصبحت بعد ذلك واحدة من أشهر المطربات وأكثرها استحسانا تحقق ألبوماتها أعلى مبيعات على مدار التاريخ.

وبعد خوضها لفترة قصيرة مجال عرض الأزياء ومشاركتها في بضعة أعمال تلفزيونية، انتقلت إلى مجال الغناء حيث حققت نجاحا لافتا. ووقعت عام 1983، وكانت في عامها العشرين، أول عقد مع دار إريستا للأسطوانات. وأصدرت أول أسطوانة لها عام 1985 اتبعتها بأسطوانة ثانية عام 1987. وأورد موقعها الرسمي أنها باعت نحو 140 مليون ألبوم في 25 عاما.

ومن أغنياتها المعروفة «هاو آي ويل نو» و«سايفينغ أول ماي لوف فور يو» و«آي ويل أولويز لوف يو».

وبأغنيات شهيرة مثل «سأحبك دائما» وهي الأغنية الرئيسية في أول فيلم تمثل به وهو أشهر أفلامها على مستوى العالم «الحارس الخاص» مع الممثل كيفن كوستنر عام 1992 وأغنية «أعظم حب» حصلت على ست جوائز غرامي وأكثر من 400 جائزة أخرى في مشوارها الفني الذي امتد 25 عاما.

واستلهمت هيوستن غناء موسيقى السول من مغنيين في عائلتها التي تنحدر من نيوجيرزي من بينهم أمها سيسي هيوستن وقريبتاها ديون وارويك والراحلة دي دي وارويك، بالإضافة إلى أمها الروحية مغنية السول الشهيرة أريثا فرانكلين.

وقد أثر صوتها القوي على مغنيات كثيرات من بيونسيه وإليشيا كيز إلى ماريا كاري وسيلين ديون وألهمت آلاف المغنيات اللاتي سعين لتقليدها في مسابقات المواهب.

ونجاحها في فترة مبكرة من حياتها جعلها واحدة من بين أوائل الفنانين السود إلى جانب مايكل جاكسون الذين حققوا نجاحات في قناة «إم تي في» الموسيقية وأصبحت لاحقا واحدة من المغنيات والممثلات اللاتي بإمكانهن عبور الحدود الدولية وكذلك العرقية. وأشاد النقاد بصوتها ذي الإمكانيات الكبيرة وصدق انفعالاتها أثناء أدائها للأغنيات.

لكن وراء الأبواب المغلقة كانت حياتها بعيدة تماما عن الأحلام العاطفية التي كانت تعبر عنها بعبقرية في أغنياتها. وظلت تكافح سنوات مع مشكلات متعلقة بإدمان المخدرات والكحول ودخلت مؤسسة للعلاج من الإدمان أكثر من مرة آخرها في مايو (أيار) 2011.

وسبب موتها المفاجئ أمس صدمة للعالم تماما مثل موت جاكسون بسبب جرعة زائدة من المهدئات وعقار مخدر قوي في يونيو (حزيران) 2009 عن 50 عاما.

كانت هيوستن ضمن قائمة قصيرة من المطربين العباقرة من أمثال الفيس بريسلي ومي واينهاوس وجاكسون الذين توفوا مبكرا بسبب مشكلات شخصية أو إدمان المخدرات.

توفيت هيوستن عشية حفل جوائز غرامي وقبل ساعات فقط من الموعد المقرر لحضورها حفل سنوي يسبق غرامي نظمه المنتج الغنائي كليف ديفيز الذي اكتشفها في ملهى ليلي في الثمانيات وظل يرشدها في مشوارها الفني عبر الكثير من نقاط الصعود والهبوط.

جاءت وفاتها بعد عامين فقط من عودتها للغناء عام 2009 بعد نهاية زيجة مضطربة دامت 14 عاما مع المغني بوبي براون، والتي رزقا خلالها بابنتهما بوبي كريس.

تحدثت هيوستن صراحة عن مشاكلها الخاصة وأقرت في مقابلة تلفزيونية عام 2002 بأنها تتعاطى الماريجوانا والكوكايين والمشروبات الكحولية والعقاقير الطبية.

وبحلول عام 2009 وبينما أصدرت أول وآخر ألبوم غنائي لها خلال سبع سنوات بعنوان «أنظر إليك» قالت للمذيعة الشهيرة أوبرا وينفري في برنامجها إنها وبوبي براون كانا يتعاطيان الماريجوانا الممزوجة بالكوكايين.

وأضافت هيوستن لوينفري أن والدتها أجبرتها على دخول مركز لعلاج الإدمان قائلة لها «لن أفقدك إلى الشيطان».

وطلق الزوجان عام 2007 وأعلنت هيوستن أنها عولجت من الإدمان. لكن عودتها للحفلات الغنائية في أوروبا شابها تدني مستوى الأداء وسلوكيات غريبة وإنكار متكرر للعودة للإدمان.

وكانت تلك أياما بعيدة تماما عن الفترة التي بدأت بها الغناء في جوقة الكنيسة وعندما كانت تصطحبها والدتها سيسي هيوستن المغنية أيضا في الحفلات الغنائية.

عملت هيوستن لفترة في مجال عروض الأزياء وبدأت غناء الجاز في أوائل الثمانينات قبل أن يسمعها ديفيز ويعرض عليها عقدا للغناء.

ومثلت هيوستن في أفلام «زوجة الواعظ» و«في انتظار الزفير». وأتمت تصوير فيلم موسيقي اسمه «البريق» مع جوردن سباركس المغنية التي عرفت من برنامج «أميركان إيدول».

ومن المفارقات أن الفيلم يدور حول فتاة تغني ضمن مجموعة ويتعين عليها التعامل مع مثالب الشهرة والمخدرات. ومن المقرر أن يعرض في أغسطس (آب) المقبل. وقد ألقت وفاتها بظلالها على حفل الغرامي الـ54 الذي عقد أمس في لوس أنجليس. وقد أدت المغنية جينيفر هدسون بعض أغانيها.

وقال كين إرليش، المدير التنفيذي لغرامي لصحيفة «لوس أنجليس تايمز»: «إن الخبر ما زال حيا في ذاكرة جميع الأشخاص ولكن سيكون من التقصير ألا نحتفي بالمساهمات البارزة لويتني في مجال الموسيقى».

وفي لوس أنجليس اضطر المغني بوبي براون لاعتلاء خشبة المسرح والغناء مع فرقته «نيو إديشن» بعد ساعات من علمه بخبر وفاة زوجته السابقة ويتني هيوستن. وصاح بوبي (43 عاما) خلال الحفل «أحبك ويتني وقدم قبلات للسماء».

ووفقا لما ذكرته مجلة «يو إس ويكلي» فإن بوبي تلقى ترحيبا كبيرا من الحضور بعدما اعتلى خشبة المسرح وهو يبدو عليه الانهيار.

وقال مصدر بالمجلة إن بوبي بكى خلال تقديمه لفقرته وطالب الحضور بالغناء معه. وقال مصدر مقرب من بوبي «إنه منهار تماما».

وذكر موقع «تي إم زد» المعني بأخبار المشاهير، أن طاقم العمل بالفندق قال إن ويتني أقامت احتفالا صاخبا مع أصدقائها الليلة الماضية.

ويذكر أن علاقة بوبي بويتني كانت مضطربة للغاية، وقد اعترفت ويتني بأنها وبوبي تناولا الكوكايين والماريجوانا طوال فترة زواجهما التي امتدت 14 عاما.

وقد تزوج بوبي وويتني في يوليو (تموز) 1992 وانفصلا في سبتمبر (أيلول) 2006 قبل إتمام الطلاق في أبريل (نيسان) 2007.