رحيل «أمير الساخرين» جلال عامر

نقابة الصحافيين المصرية تنعاه.. ومواقع التواصل الاجتماعي تحولت لمرثية له

جلال عامر
TT

«المصريين بيموِّتوا بعض».. كانت هذه آخر كلمات نطق بها الكاتب المصري جلال عامر قبل أن يصاب بأزمة قلبية أثناء مشاهدته المواجهات التي وقعت بين الرافضين بقاء المجلس العسكري والمؤيدين له، بمنطقة رأس التين بالإسكندرية يوم الجمعة الماضي، والتي نقل إثرها للمستشفى، حتى غيَّبه الموت فجر أمس عن عمر يناهز الستين عاما.

ويعتبر جلال عامر من أحد أهم الكتاب الساخرين في مصر والعالم العربي، ويعتبر صاحب مدرسة في الكتابة الساخرة التي تعتمد على التداعي الحر للأفكار والتكثيف الشديد. وُلد الراحل مع ثورة يوليو (تموز) 1952، وتخرج في الكلية الحربية وكان أحد ضباط حرب أكتوبر (تشرين الأول) 1973، ويحسب له أنه كان ضمن أبطال الفرقة 18 بقيادة فؤاد عزيز أباظة التي نجحت في تحرير مدينة القنطرة شرق، كما شارك في حرب الخليج، ودرس القانون في كلية الحقوق والفلسفة في كلية الآداب.

نُشرت مقالات عامر في عدة صحف، وكان له عمود يومي تحت عنوان «تخاريف» في صحيفة «المصري اليوم»، كما كتب في صحيفة «الأهالي» الصادرة عن حزب التجمع، وكذلك في صحيفتي «الدستور» و«البديل»، وأشرف كذلك على صفحة القراء في جريدة «القاهرة». وصدر له كتاب «مصر على كف عفريت»، الذي يصفه بكلماته الساخرة: «هو محاولة لبحث حالة وطن كان يملك غطاء ذهب فأصبح من دون غطاء بلاعة.. لماذا؟ وكيف؟ ومع ذلك ما زلنا نحبه».

وللراحل كتابات أخرى تعكس كيف عاش محبا لوطنه، ثائرا بكلماته، يعكس بقلمه مشكلات مصر في سخرية لاذعة ذات مغزى فكري عميق، وهي الوسيلة الأسرع للوصول للقارئ، الذي لا يملك إلا رسم الابتسامة على شفتي من يقرأها، مما جعل محبيه يلقبونه بـ«أمير الساخرين».

يقول المقربون منه إنه كان شخصا هادئا مرحا، دؤوبا في العمل ومنظما، بينما رأى جمهوره فيه امتدادا لمدرسة الكاتب الساخر الراحل محمود السعدني.

وكان آخر ما كتبه جلال عامر على موقع التواصل الاجتماعي الشهير «تويتر»: «مشكلة المصريين الكبرى أنهم يعيشون في مكان واحد، لكنهم لا يعيشون في زمان واحد»، كما أن له عبارات كثيرة كانت تتناقل بين الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، مثل «الذي يمسك العصا من المنتصف ينوي أن (يرقص) لا أن (يرفض)»، وأيضا «مصر طول عمرها (ولادة) ثم جعلوها تبيض، وفى الفترة المقبلة سوف تتكاثر»، و«الفساد له ناس عارفينه وعارفهم.. إن ماتت الناس يقعد لخلافيهم»، و«حاولوا أن تطفئوا حرائق الجهل ثم تضيئوا أنوار العلم.. هذا هو الداء والدواء»، و«أسوأ ما في (الأمة) هو (الأمية)». كما قال أيضا: «فضحت السماء فساد أهل الأرض».

وهي العبارات التي كانت تجتذب رواد هذه المواقع، يتناقلونها فيمن بينهم، لتشيع جوا من المرح والبهجة. وهي المواقع التي تحولت بالأمس لمرثية للراحل. بينما رثاه نجله رامي قائلا: «جلال عامر لم يمُت.. فكيف تموت الفكرة؟ الفكرة مقدر لها الخلود.. وداعا يا أبي.. ألقاك قريبا».

كان آخر ما أوصى به عامر قبل وفاته «التبرع بقرنيته لمصابي ثورة (25 يناير)، لكن ذلك تعذر لعدم وجود بنك حفظ للعيون بالمستشفى الذي توفى به.

إلى ذلك، نعت نقابة الصحافيين المصرية، أمس، عامر، وقال هشام يونس، عضو مجلس النقابة، لـ«الشرق الأوسط»: «فقدت الصحافة صاحب قلم ثائر وصاحب باع طويل في الصحافة الساخرة»، مضيفا: «مجلس نقابة الصحافيين، برئاسة نقيب الصحافيين ممدوح الولي، قرر تكريم الراحل وعقد حفل تأبين له قريبا».