«الشرق الأوسط» في مهرجان برلين السينمائي الدولي - 4

ربيعان نازي وبوسني يتنافسان على مكانة الربيع العربي!

أنجلينا جولي خلال التصوير.
TT

أول لقطة الأمور ليست على ما يُرام بالنسبة لأنجلينا جولي التي وصلت إلى المهرجان البرليني بصحبة فيلمها الأول كمخرجة (أو الثاني إذا ما حسبنا فيلمها التسجيلي الذي لم يشهد عروضا واسعة «مكان في الزمن» - 2007) وهو «في أرض الدم والعسل»، ذلك أن فيلمها الذي يتحدث عما سببته الحرب الأهلية بين صربيا والبوسنة من آلام مبرحة لدى الضحايا من النساء البوسنيات نتيجة التشريد والقتل والاغتصاب، لا يشهد حماسا بين الموزعين العالميين. نعم أنجلينا جولي نجمة كبيرة لكنها لا تمثّل في فيلمها ما يجعل المسألة بالنسبة للكثير من الموزّعين غير مضمونة المخاطر، خصوصا أن الموضوع بحد ذاته متجهّم، وهم والجمهور عادة ما يرغبون في مواضيع ضاحكة.

«فيلم واحد آخر من أدام ساندلر وسأترك المهنة» قال أحد النقاد هنا بغضب في مجال الحديث عما يرغبه الناس ولماذا قد يعزفون عن أفلام ذات أهمية تشغل البال ولو قليلا. لكن ساندلر ليس هنا (من حسن حظ ذلك الناقد) وما هنا هو مجموعة كبيرة من الأفلام التي تتحدّث عما يقع فوق هذه الأرض.

بالنسبة للنجمة جولي فإن ما وجدته أن فيلما لم يسمع أحد به من قبل، عنوانه «سماء حديدية» بيع أسرع وأكثر مما فعل فيلمها. هو أيضا له علاقة بتبعات التاريخ، لكن عبر موضوع خيالي تماما. فحسبه، نجد أن العلماء النازيين في زمن هتلر تمكّنوا من الإفلات قبل استسلام ألمانيا مهزومة والهرب إلى كوكب آخر حيث بنوا قدرات الجيش النازي من جديد، وهاهم في عام 2018 يهاجمون كوكب الأرض لتكملة ما عجزت عنه جحافل هتلر في أربعينات القرن الماضي.

لكن حذر الموزعين من جنوح أنجلينا جولي إلى هموم الأرض وتفضيلهم خيالا تاما عبّر عنه «سماء حديدية» بمزيج من الخيال العلمي ومشاهد الحرب، انحصر، للآن، في مسألة التسويق، أما من حيث إقبال الجمهور الألماني على فيلمها فهو مرتفع وفي مستوى واحد منافس مع فيلمين آخرين هما «الدون 2 - عودة الملك» الذي قام ببطولته شاه روح خان، الممثل الذي اعتذر في آخر لحظة عن مواكبة فيلمه نظرا «لأوامر الطبيب»، و«سماء حديدية» بنفسه.

أما الانشغال بالربيع العربي متمثّلا في أفلام تتناول ما حدث في مقدّمتها «تقرير حول ثورة» لبسام مرتضى و«ظل رجل» لحنان عبد الله، فكان مقبولا وليس كاسحا. الصالة مليئة لكن الشغف بالموضوع جفّ على طول المدّة التي ما زال يستغرقها هذا النزيف.

الإقبال أيضا كان شاملا الفيلم الأردني «الجمعة الأخيرة» ليحيى العبد الله حول حياة رجل مقلوبة رأسا على عقب ولو أنها قد تبدو طبيعية للناظر أوّل مرّة.

* ساندرا بولوك: نريد عالما قائما على الحب لأنه السبيل الوحيد لمستقبل أفضل - الممثلة الأميركية قالت لـ«الشرق الأوسط» إن دورها في «مدوٍّ وقريب جدّا» كان واحدا من أصعب الأدوار التي مثلتها

* «مدو وقريب جدّا» Extremely Loud and Incredibly Close هو الفيلم المعروض خارج المسابقة الذي يدور حول إرث ما وقع في الحادي عشر من سبتمبر (أيلول) على الناس العاديين. الممثلة ساندرا بولوك تلعب دور الأم التي حين خسرت زوجها (توم هانكس) خسرت، ربما من دون أن تدري، سببا لوجودها فانسحبت من مسؤوليّاتها الأمومية حيال ابنها الذي، على العكس، أخذ يسعى لمعرفة أبيه على نحو أفضل. المقابلة التالية تمّت في لوس أنجليس قبل ثلاثة أسابيع بمناسبة هذا الفيلم وفي مطلعها حذّرتنا الممثلة من أن نحافظ على مسافة منها: «لدي رشح شديد ولا أريد أن أكون سببا في نقل العدوى.. إذن لا قبلات اليوم».

* ماذا كان رد فعلك حين قرأت سيناريو «مدوٍّ وقريب جدّا»؟

- شيء غريب لأن السيناريو أثار اهتمامي لأنه بدا بسيطا في مواقفه. أؤدي دور الأم التي لم تحاول أن تلعب دورها ومسؤوليّتها في الحياة تجاه ابنها الذي كان يحتاج إليها بعد رحيل أبيه، لكنه لم يجده بجوارها. لاحقا زاد اهتمامي بالفيلم على نحو متعدد، فهو يدور فعلا حول آثار تلك الكارثة ولو أنه يبقى محددا بهذه الحكاية العائلية، وكلنا يعلم كم هو مؤسف ومأساوي ذلك الذي حدث لكننا لم نتابع عن كثب حكايات صادقة وقريبة من الشخصيات التي تعرضت لخسارة أب أو شقيق أو ابن أو زوجة..

* هل كانت لديك ملاحظات حول قيامك بدور هو بالنتيجة سلبي؟

- لا، وسأقول لك لماذا؟ لأن ذلك الدور السلبي من ناحيتها ساعد ابنها على شق طريقه صوب الحقيقة. جعله أكثر إدراكا لمعنى غياب من يحب ووضعه على مستوى الحدث المؤلم من حيث لم يكن يدري في البداية. ودورها ذلك هو ما أعاد ابنها إليها بمدارك جديدة.

* هذا حين كنت تقرأين السيناريو.. ماذا حين شاهدت الفيلم؟ هل من ملاحظات؟

لا، أعتقد أن الفيلم كتب جيدا ونفذ جيدا والموضوع مهم لنا لأننا نبحث في حياتنا عن السلام في كل مكان. نريد عالما قائما على الحب لأنه السبيل الوحيد لمستقبل أفضل. حين شاهدت الفيلم شعرت بالأسى. إنه صعب ووجداني وعاطفي وجميل.

* جزء من هذه اللحمة التي تتحدثين عنها بين الأم في الفيلم وبين ابنها تم بعد مشاعر حادة يوجهها الابن لأمه.. كيف تفسرين ذلك؟

- حين يقول لها «أتمنى لو كنت ميتة»، أعتقد أن كل بنت أو ولد قال ذلك لأمه أو قال ذلك لأبيه أو عبر عن موقفه ذاك بطريقة أو بأخرى. حين كنت صغيرة أعتقد أنني قلت ذلك لوالدتي. طبعا لم أكن أعرف ما عرفته لاحقا ولولا والدتي لأنجبت مبكرا أو لضللت طريقي ولو إلى حين. لكننا لا نعرف ذلك حينها. نحاول أن نبدو كما لو كان المستقبل كله واضحا أمامنا وأننا على ثقة منه لكننا في الواقع لا نعرف شيئا. في الفيلم هناك بعد آخر لهذا الموقع أو تلك العلاقة. الصبي بالفعل يعبر عن آلامه، لكن الفيلم يعبر عن قطاع كبير من الآلام.

* هل في دورك في الفلم ما قمت باستخلاصه من حياتك الواقعية كأم؟

- هناك المشاعر الدفينة التي تشكل قناعات الشخص، نعم، في حياتي الخاصة أريد لطفلي أن يكون حرا ومستقلا وآمنا. لكن ما أراه من قناعات عائلية لم يلعب دورا حاسما في أدائي. إذا كنا نتحدث الآن، فإن جزءا كبيرا هو عن واقع يختلف عن آخر، هناك أنا في حياتي وهناك أنا في هذا الفيلم.

* ماذا عن الحادي عشر من سبتمبر؟ مرت عليه 10 سنوات، هل تشعرين أنك آمنة اليوم أكثر من السابق؟

- تعلم شيئا؟ لقد كنا دوما عنيفين، الإنسان عنيف منذ أن وجد على هذه الأرض، منذ أيام العيش في الكهوف، سنبقى دائما معرضين لشيء ما من هذا القبيل، المسألة هي ماذا نفعل حيال الالتفاف في مجموعاتنا الصغيرة، كيف يمكن لنا البقاء متحدين وملتفين كبيئات ولو صغيرة. لا أعتقد أننا سننسى مطلقا ما حدث في ذلك التاريخ لكن ذلك ليس أمرا سيئا، بل هو مطلوب لأننا جعلنا أكثر إدراكا لما يدور حولنا. لكني لن أمشي في الشارع خائفة، أريد أن أتمتع بحياتي، أريد أن أتمتع بإنسانيتي. لن أحكم على الناس مسبقا وبسبب مظاهرهم، لكن نعم. أشعر بالأمان جدا الآن وبالقوة، وأعتقد أن هذا هدف جيد بحد ذاته يدفعنا لكي نتعرف على الآخر ونتعاضد أكثر.

* دورك في الفيلم صغير بالمقارنة على الأقل، ما الذي يدفع ممثلة كبيرة مثلك لاختيار دور محدود؟

- كل شيء؛ السيناريو والنوعية والمخرج الذي سأتعامل معه والموضوع الذي يثيره الفيلم، إنه قدر كبير من كل هذه الأسباب، لكني لم أشعر مطلقا أنني في دور صغير، بالنسبة لي كان واحدا من أصعب الأدوار التي مثلتها.

* فيلمك يعرض في مهرجان برلين، هل تجدين ذلك مناسبة لزيارة ألمانيا؟

- أنا دائما هناك (تضحك)، عائلتي لديها منزل هناك وأنا دائمة الانتقال بين لوس أنجليس وألمانيا.

* أين تشعرين أكثر بالانتماء؟

- حين أصل إلى منزل أهلي أشعر بأني في بيتي الخاص، حين أعود إلى لوس أنجليس أشعر أيضا أنني عدت إلى حياتي ومكاني الطبيعيين، لذلك لا أستطيع القول، لكن من يدري بعد خمس سنوات ربما قررت العيش في ألمانيا لفترات أطول.

* أخبار برلين

* السينما الأردنية شهدت العام الماضي نقلة بالغة الأهمية: 3 أفلام روائية طويلة تم إنتاجها وانتهى تحقيقها في سنة واحدة. فالعادة، منذ 5 سنوات، عندما أخرج أمين مطاوعة فيلم «كابتن أبو رائد»، تحقيق فيلم روائي واحد كل عام أو عامين، مع فيلم تسجيلي طويل بالنسبة ذاتها. لكن هذه المرة، ولأول مرة في التاريخ، طالعتنا السينما الأردنية بـ3 أفلام هي «فرق سبع ساعات» و«يوم الجمعة الأخير» و«عمّو نشأت». «اللجنة الملكية للأفلام» تحتفل هنا بهذه الخطوة وتعرض في سوق المهرجان كما على شاشات خاصة أفلامها الحديثة في تحية تستحقها تلك اللجنة وتستحقها المواهب السينمائية التي شاركت في هذه الحركة الإنتاجية المدروسة.

* وصلت الممثلة البريطانية شارلوت رامبلينغ إلى مهرجان برلين بصحبة فيلمها الجديد «أنا، آنا» (I،Anna) الذي هو من إخراج ابنها بارنابي ساوكومب وتم إنتاجه بتمويل بريطاني - ألماني مشترك. شارلوت انتهت من تصوير فيلم جديد بعنوان «بشرة نظيفة» للمخرج هادي حجاج لجانب شون بين.

* المخرج ج. س. شاندور، الذي كان قدم باكورة أعماله في مسابقة العام الماضي، أعلن عن فيلمه الجديد «كله ضائع» حول رجل تائه في عرض البحر. البطولة ستذهب إلى روبرت ردفورد المشغول حاليا بتصوير فيلم تشويقي من إخراجه عنوانه «المجموعة التي تحتفظ بها» لجانبه البريطانية جولي كريستي والأميركي سام إليوت.

1. Mike Leigh المخرج مايك لي: هل يجود الزمن؟

2. Emir Al emary الناقد أمير العمري رئيس مهرجان الإسماعيلية الجديد 3. My Brother.jpg شقيقي، الشيطان 4. C. Rampling شارلوت رامبلينغ