رفض الرحالة العربي مغادرة المعرض الدولي للكتاب الجاري إقامته في الدار البيضاء، حيث استوقفت محطاته زمرة المثقفين الذين استعاروا كثيرا من مفرداته الأدبية لتجسير الهوة بين المشرق والمغرب العربي.
ولم يبرح أمير الرحالين المسلمين قاعة الحضور حين استوطن بمقولته «من طنجة مسقط رأسي، جزمت نفسي على هجر الأحباب من الإناث والذكور، وفارقت وطني مفارقة الطيور للوكور، وكان والداي بقيد الحياة فتحملت لبعدهما وصبا، ولقيت كما لقيا نصبا».
وانطلقت الفعاليات الثقافية المصاحبة لمعرض الدار البيضاء الدولي للكتاب بندوة بعنوان «الرحلة، معبرا بين المغرب وشبه الجزيرة العربية»، تحدث خلالها الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي الشيخ محمد بن ناصر العبودي والدكتور عبد الهادي التازي عضو أكاديمية المملكة المغربية.
ووصف الشيخ العبودي رحلة ابن بطوطة من خلال قراءة فاحصة دقيقة، مبينا كل ما يتعلق بالمغرب العربي، وذلك من خلال الغوص في أعماق الرحلة والأسماء والأماكن.
وتحدث الشيخ العبودي عن رحلة ابن بطوطة وعلاقتها بالمغرب، وربط بين المغاربة ومشاهدات ابن بطوطة، مبينا أن ما ورد من رحلة ابن بطوطة من أسماء الأماكن بأسمائها الجديدة المعاصرة، مؤكدا ذلك من خلال مشاهدته وزياراته لها.
وتحدث الدكتور التازي عن الموضوع نفسه، وذكر مشاهدات ابن بطوطة والجزيرة العربية من خلال هذه الرحلة، وقبل أن يغوص في الرحلة رحب بالتقارب السعودي - المغربي من خلال هذا المعرض، مثنيا على العلامة العبودي، ومشيدا بمؤلفاته ومصنفاته في الرحلة، وعده رحالة العصر.
وغاص التازي في رحلة ابن بطوطة بلغة جميلة وسرد ممتع، موثقا حديثه بعدد من المخطوطات التاريخية التي تتبعها ووقف عليها بنفسه، وكتب الكثير من الكتب بناء على المعلومات التي توصل إليها.
وجذب الحضور الذين تفاعلوا مع الندوة، من خلال ما تم عرضه من وثائق ومعلومات ذات قيمة علمية راقية، أدهشت الحضور. وعلق أحدهم على هذه الندوة بقوله: «لا أعتقد أن المؤرخين سينسون هذا اللقاء التاريخي لما فيه من مادة علمية وسرد ممتع، مع الغوص في عمق الرحلة لقامات عالية في هذا المجال».
وشهد جناح السعودية في مهرجان الدار البيضاء الدولي للكتاب في ثاني أيام المعرض، توافد الآلاف من الزوار المغاربة، حيث استقبل الجناح زواره بالقهوة والتمر والبخور لأشقائهم الزوار المغاربة الذين أبدوا إعجابهم بما احتواه الجناح السعودي من معروضات متميزة اجتذبت جميع شرائح المجتمع المغربي.
وتنوعت المعروضات في الجناح ما بين مجسمات للحرمين الشريفين مع عرض مرئي عنهما، التي نالت استحسان الزوار ورضاهم، داعين لحكومة المملكة العربية السعودية بكل خير وتوفيق على ما تقدمه من رعاية واهتمام بالحرمين الشريفين وعمارتهما.
وكذلك الكتب المعروضة، التي تعددت مجالاتها في الدين والتاريخ والجغرافيا والأدب، وأيضا جناح الطفل الذي اجتذب مئات الزوار من الأطفال، الذين مارسوا هواياتهم وإبداعاتهم الفنية داخل المرسم المخصص لذلك، كما تضمن جناح المملكة ركنا للفن التشكيلي شارك فيه ثلاثة فنانين تشكيليين بلوحاتهم التي حازت إعجاب الزوار. وقد وضعت وزارة التعليم العالي، بصفتها الجهة المسؤولة عن تنظيم جناح المملكة، شاشة إلكترونية تحوي أخبارا للجناح والصور والنشاطات والفعاليات الثقافية التعريفية المتعلقة بمشاركة المملكة في المعرض، لراغبي الاطلاع.