كشفت جامعة الملك سعود، ممثلة في قسم الآثار، عن مقتنيات نادرة لمؤسس المملكة العربية السعودية، الملك عبد العزيز، تعرض للمرة الأولى، عبارة عن هديتين من الملك جورج السادس، ملك إنجلترا الأسبق، إحداهما تولة لحفظ دهن العود يعود تاريخها لعام 1924. ولا تزال رائحة الطيب فيها حتى الآن رغم مرور نحو 88 عاما، والأخرى صينية من الفضة تعود لعام 1949 ميلادية.
وتأتي أهمية القطع التي كشف النقاب عنها، في معرض تاريخي على هامش ندوة «الجوانب الإنسانية في تاريخ الملك عبد العزيز»، التي نظمها كرسي الأمير سلمان بن عبد العزيز للدراسات التاريخية والحضارية، الأسبوع الفائت، كونها تحكي مرحلة تاريخية مميزة من العلاقات الودية بين دولتي المملكة العربية السعودية، ودولة إنجلترا. كما أن عرضها بالتزامن مع مهرجان الجنادرية السنوي، أعطى زخما خاصا للمناسبة وسلط الضوء على حقبة سياسية من سيرة الملك عبد العزيز.
من جانبها شكرت وكيلة قسم الآثار بكلية السياحة والآثار، الجوهرة عبد العزيز السعدون، رعاية الأمير سلمان بن عبد العزيز ودعمه السخي لكرسي الأبحاث الذي يعنى بالحضارة والتاريخ السعودي الزاخر.
وثمنت السعدون بادرة الأميرة ريما بنت طلال بن عبد العزيز آل سعود، بإعارة هذه القطع الأثرية الثمينة والنادرة التي تؤكد عمق التواصل الحضاري والإنساني بين المملكة العربية السعودية والدول العظمى منذ عهودها الأولى، وعرض المقتنيات أمام الجمهور للمرة الأولى، مؤكدة في سياق حديثها على أن «عرض المقتنيات هو بمثابة سبق نفخر به في قسم الآثار».
وأشادت وكيلة قسم الآثار بدعم وتوجيه عميد كلية السياحة والآثار الدكتور سعيد السعيد للمعرض، وبكل من «ساهم بالتنظيم والعمل الجماعي المنظم من منسوبات القسم ممثلا بإدارياته المتميزات، وطالباته النشيطات وذلك بالتعاون المشترك والمثمر بينهن. آملين في ظل القيادة الرشيدة لخادم الحرمين الشريفين وولي عهده الأمين أن تتاح للمرأة السعودية فرصة أكبر ومساحة أوسع للعمل البحثي والميداني محليا ودوليا في حقل الآثار في مختلف مناطق المملكة العربية السعودية».
يشار إلى أن المعرض التاريخي شارك فيه عدد من الجهات منها دارة الملك عبد العزيز وعمادة شؤون المكتبات بالمركز وطالبات قسم الآثار في كلية السياحة والآثار، وحظي بمتابعة واهتمام من الحضور.
في المقابل، شجعت زائرات للمعرض فكرة عرض المقتنيات الشخصية للشخصيات التي شكلت تاريخا في كل مراحل حياتها، وقالت إحدى الزائرات، وهي في عقدها الثاني، إن «رؤية مقتنيات تاريخية لشخصية كشخصية الملك عبد العزيز بالنسبة لجيلها فرصة لرؤية الماضي بعين استشرافية تربط بين الماضي والحاضر، وتعكس التسلسل التاريخي للقيمة السياسية للشخصيات الملهمة»، وأضافت: «أتمنى أن تتحول المبادرات الصغيرة والفردية لعمل مؤسساتي كبير طوال العام وفي أماكن مختلفة من المملكة العربية السعودية».
ويبرز الاهتمام العالمي بمقتنيات الملك عبد العزيز من خلال الحضور الكبير للزوار في أي مناسبة تحضر فيها مقتنيات المؤسس، وكذلك البحث عبر الشبكات العالمية بواسطة الإنترنت، إذ إن هناك أكثر من 123 ألف رابط إلكتروني يتحدث عن مقتنيات الملك عبد العزيز والمراحل التاريخية التي مثلتها هذه المقتنيات، فيما تصل القراءات للمواضيع المرتبطة إلى أرقام تلامس سقف الملايين في كثير من الأحيان.
وفي العاصمة السعودية، الرياض، تحتل قاعة الملك عبد العزيز التذكارية، الواقعة في دارة الملك عبد العزيز، مكانة مهمة لدى الزوار والباحثين، والقاعة تمثل متحفا يضم أبرز المقتنيات التي تعود لمؤسس الدولة السعودية الحديثة، وقد صممت بشكل معماري دائري رائع يسهل الانتقال بين أرجائها ويؤدي وظيفتها كمتحف ثقافي وتاريخي، وتعزز ذلك أساليب العرض الحديثة المعتمدة.
وساهم أبناء الملك عبد العزيز، خلال العقود الماضية، بإهداء الكثير من مقتنيات والدهم المؤسس للدارة، إيمانا منهم بكون تلك المقتنيات تاريخا يحكي سيرة طويلة من علاقات المملكة بدول العالم، والقيمة السياسية العالمية التي مثلها الملك عبد العزيز لدى زعماء عالميين، من بينهم الملك جورج السادس، والرئيس الأميركي الأسبق هاري ترومان.
وفي المقابل، تبث وكالات عالمية، باحتفاء كبير، أخبارا متواترة عن عروض لمقتنيات شخصية لشخصيات سياسية أثرت في كتابة التاريخ الحديث، وتبرز غالبا أي هدايا مقدمة من الملك عبد العزيز آل سعود، لرؤساء تلك الدول، ومنها ما أعلنته هيئة الإذاعة البريطانية (بي بي سي) عن عرض مقتنيات شخصية لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق ونستون تشرشل، ومن ضمن المقتنيات التي أفصح عنها، سيف مرصع بالماس، أهداه العاهل السعودي الملك عبد العزيز لرئيس الوزراء البريطاني الأسبق. وتعتبر خطوة قسم الآثار في كلية السياحة والآثار بجامعة الملك سعود، في تسليط الضوء على مقتنيات الملك عبد العزيز، نتيجة للدور الكبير الذي يؤديه القسم منذ إنشائه، في العمل على محاور مختلفة، لإظهار جيل من الشباب والشابات المهتمين بالآثار كقيمة حضارية للشعوب، وهمزة وصل بين الحضارات المتتابعة.
وكان قسم الآثار مر بمراحل تاريخية هامة في مسيرته، بدءا من قسم الآثار والمتاحف بكلية الآداب جامعة الملك سعود عام 1398هـ، وقد سبق تأسيس القسم ومهد له إنشاء جمعية التاريخ والآثار في كلية الآداب بالجامعة عام 1387هـ، فمتحف الآثار بالجامعة سنة 1390هـ، ثم وجود علم الآثار كشعبة متخصصة في قسم التاريخ، بكلية الآداب منذ بداية العام الدراسي 1393 - 1394هـ. ثم استقلت عنها وأصبحت كلية السياحة والآثار، وألحق قسم الآثار بها بقرار صادر عام 1426هـ.
ويعد هذا القسم هو الأقدم في جامعات المملكة العربية السعودية، وأقدم الأقسام العلمية والأكاديمية المعنية بدراسات الآثار والمتاحف والتراث في دول الخليج العربية، ويمنح القسم 3 درجات علمية هي: البكالوريوس (طلاب فقط)، والماجستير، والدكتوراه (للطالبات).