غدي الرحباني: أدعوكم لمشاهدة «عا أرض الغجر» لأنها مسرحية جديدة ومجنونة

يبدأ عرضها في 16 فبراير على مسرح كازينو لبنان

جانب من البروفات المسرحية
TT

بدأ أمس الخميس عرض مسرحية «عا أرض الغجر» لمؤلفها غدي الرحباني على مسرح كازينو لبنان والتي وصفها بالجديدة والمجنونة والتي مزج فيها الموسيقى الشرقية بالغجرية كما لوّنها بنص ذي إيقاع يختلف إلى حدّ ما عن نصوص الرحابنة السابقة لا سيما أن التطرق إلى الغجر كناس وأهل بلد وبالطريقة التي قدّمهم بها يعتبر مضمونا جديدا بحد ذاته.

لماذا المسرحية لا تحمل شعارات سياسية؟ يقول غدي الرحباني في حديث لـ«الشرق الأوسط» إنها دون شك تحمل غمزا في قناة السياسة في بعض أجزائها دون التطرّق إلى جهة أو كتلة سياسية معينة ولكنها بصورة عامة مسرحية اجتماعية تطرح خطّين أساسيين؛ الأول يدور حول علاقة الإنسان بالأرض والثاني يتناول جدليّة هل نحن مسيرون أو مخيّرون. وتحكي قصة رجل برازيلي (الفنان غسان صليبا) من أصل لبناني يعود إلى بلده بعد أن علم أنه يمتلك قطعة أرض ورثها عن جدوده فيتفاجأ بأنها مشغولة من قبل جماعة من الغجر يعيشون فيها ويرفضون التخلي عنها وعندما يقرر أن يسترجع أرضه يكتشف أنه أغرم بابنة رئيس قبيلة الغجر (الفنانة آلين لحود) فيختلط في نمط حياتهم المليء بالشغف والموسيقى والسحر والتنجيم مما يحوّل المسرحية إلى خط درامي تراجيدي يتمحور حول الخيار الذي يجب أن يأخذه الرجل أمام موضوع حيوي وهو الحب أم الأرض.

ويقول غدي: «يشعر البطل أنه مسيّر في ظل الحب الذي يقع فيه ويكتشف أن المصالح هي التي تؤثر على الخيارات بشكل أو بآخر وتتضمن المسرحية مشاهد ومواقف جريئة جدّا بطرحها لموضوع الغجر إضافة إلى محطات ساخرة إلى حد الأسود ستجعل اللبناني يضحك فيها على نفسه ومجنونة إلى حدّ الخروج عن المألوف كما أن للأطفال مساحة من العمل إذ استعنت بعدد منهم على المسرح كون الغجر يتنقلون مع أولادهم أما النهاية فهي غير متوقعة وستكون غير سارة عكس ما يعتقد مشاهدها».

وعما إذا عاش شخصيا مواقف كان فيها مسيّرا وليس مخيرا لا سيما في طبيعة مهنته كونه ينتمي إلى الرحابنة ردّ كاتب ومنتج المسرحية بأنه في هذا الإطار كان مخيّرا وأنه دخل عالم الفن رغم معارضة والده (الراحل منصور الرحباني) إذ كان يفضله أن يمتهن عملا لا صعوبة فيه ولا توتر ولا قلق وأن تكون اهتماماته الأولى بعائلته وأولاده إلا أنه اختار الفن. وأشار إلى أن المسرحية تنقل وقائع حقيقية عن حياة الغجر وظروف حياتهم وبعض التقاليد التي ترافقها والمغايرة تماما عن الاهتمامات التي نعرفها عنهم كإجادتهم الرقص والسحر ومواقد النار والسهرات الفنية التي تدور حولها ويقول: «هذا الشعب رفض عام 1943 قيام دولة خاصة به من خلال اقتراح قدمته له هيئة الأمم المتحدة ففضل البقاء على ما هو عليه منذ 3000 عام وتكلم عنهم الشاعر الإغريقي هوميروس والمؤرخ يوسيفوس وهو شعب معروف بجميع اللغات فيسمونه بالـ(جيبسي) والـ(جيتان) والـ(زينغاريلا) وفي العراق يعرف بالـ(كوالا)».

وعن سبب قيامه بتسجيل موسيقى المسرحية خارج لبنان أوضح غدي الرحباني: «نحن دائما نسجل الموسيقى في لبنان، مرة واحدة قمنا بها في الخارج في مسرحية (سقراط) إلا أن موسيقى الغجر تتطلب آلات موسيقية غير موجودة لدينا في الشرق مما اضطرنا للاستعانة بأوركسترا كييف بقيادة المايسترو فلاديمير سيرانكو للمقاطع الغربية فقط». وأضاف: «لأن العمل مختلف وجديد رغبت في التنويع به، هو ليس استعراضيا أبدا والدليل على ذلك الأزياء المستخدمة فيه والتي تصممها بابو لحود ولكن مثلا استعنت بمهندسة الديكور الألمانية - الانجليزية أغنيس ترابلان والتي سبق وتعاونا معها في (وقام في اليوم الثالث) فمن الجميل التجديد وإدخال عناصر تختلف في قالبها لخدمة النص والخروج عما نستعمله عادة. فالغجر هم بطبيعتهم مزيج من عدة شعوب مما اقتضى خلطة مختلفة ولذلك أدعو اللبنانيين إلى مشاهدتها لما تتضمن من تجديد وجنون في نفس الوقت».

وتتضمن المسرحية أغاني فردية وأخرى دويتو وجماعية يغنيها المشاركون في العمل بأصواتهم كـ«حكيلي عن وطنك البعيد» لغسان صليبا وآلين لحود أو «لا عم نتلاقى» و«يمكن هيدي أول مرة» أيضا لبطلي المسرحية وأخرى يؤديها الممثل طوني عيسى بعنوان «بعينيك تغيير». وجديد العمل أيضا دخول عمر غدي الرحباني مجال الفن الرحباني عن طريق ألحان قدمها في المسرحية كالمقدمة الثانية لها فهو متخصص في الموسيقى وينوي السفر إلى الخارج لإكمال دراسته فيها. أما بالنسبة لكيفية اختيار أسماء الممثلين، مثل «سلفادو» وهو اسم بطل المسرحية يقول غدي لأن الشخصية تطلّبت اسما غربيا وحقيقيا على السواء كما اللبناني البرازيلي باولو معلوف مثلا أو اللبناني المكسيكي كارلوس سليم فاقتضى التسمية الملونة أيضا وكل ذلك يصب في خدمة النص. وما إذا كان قلقا من قيامه بهذه الخطوة أوضح أنه دائما يشعر بالقلق في أي عمل يشارك فيه وهو متحمس جدا لمعرفة ردّ فعل الصحافة والناس حول العمل خصوصا أنه يقوم بشبه مغامرة في غضون الأجواء السياسية السائدة في العالم العربي والتي دون شك ستؤثر على الإقبال على المسرحية إذ كان مسرح الرحابنة يستقطب في الماضي روادا يقصدونه من سوريا والأردن بنسبة كبيرة. ودعا اللبنانيين الذين يعيشون نوعا من الجفاء مع المسرح عامة إلى الإقبال على الأعمال المسرحية لأنها تشكل ثقافة فنية بامتياز وتصقل أفكارهم بدل الانكباب فقط على ارتياد المطاعم وتناول الطعام لأن المسرح طبق من نوع آخر فيه من الفن والثقافة ما يتسبب بتنمية أجيال مهذبة فنيا. وغدي الذي سبق وشارك في أعمال الرحابنة وكان مقرّبا من والده الراحل منصور الرحباني تعتبر مسرحية «عا أرض الغجر» أولى إنتاجه خصوصا أنه كتبها على طريقته مردفا: «لا يجب أن اكتب مثل الرحابنة أو أقلد عاصي ومنصور بل كتبت ما أميل إليه وما يعكس أفكاري وشخصيتي فيجب دائما أن نصل بالقلم إلى هدف ما نشعر به شخصيا ونحن نمسك به ونلامس الورق وكما يقول الكاتب المسرحي العالمي الكسندر ويل إن كاتب المسرحية هو المخرج الفعلي للعمل من خلال الرؤية التي ترافقه طيلة وقت الكتابة».

أما النصيحة التي حفظها عن والده ولا يمكن أن ينساها هي التي قال له فيها: «مهما بلغت من الشهرة يجب أن تتحلّى بالتواضع الذي ينعكس على الفكر والمسرح والضمير والمجتمع الإنساني».

يذكر أن المسرحية هي من تأليف وإنتاج غدي الرحباني ومن بطولة غسان صليبا وآلين لحود ومجموعة من الممثلين اللبنانيين ومن إخراج مروان الرحباني وقد شارك في وضع الموسيقى كل من مروان وأسامة وعمر الرحباني أما تصاميم الرقص فيتشارك فيها سامي خوري ودانيال رحباني وفيليكس هاروتونيان.