كارلا بروني تحضر كواليس برنامج إخباري لمتابعة أداء زوجها ومظهره

القناة الفرنسية الأولى تحقق في تسرب المشاهد على الإنترنت

الرئيس الفرنسي وزوجته لدى وصولهما استوديو القناة الأولى (إ.ب.أ)
TT

لم تكد تخمد الحرارة التي تسببت بها قبلة المجاملة التي طبعها محمد البرادعي، الرئيس السابق لوكالة الطاقة الذرية، على خد الممثلة الأميركية أنجلينا جولي وهو يسلمها جائزتها في مهرجان برلين السينمائي، حتى اندلعت في باريس قضية قبلة طبعتها سيدة فرنسا الأُولى كارلا بروني على خد زوجها الرئيس، قبل لحظات من ظهوره في نشرة القناة التلفزيونية الأُولى لإعلان ترشيح نفسه لولاية ثانية، مساء الأربعاء الماضي.

الفارق بين القبلتين أن الأُولى «اجتماعية» والثانية «شرعية». وبالتالي فإن أيا من الفرنسيين لن يحاسب كارلا على تقبيل زوجها ولا ساركوزي على التجاوب مع قبلتها الخاطفة. لكن التساؤلات ثارت لأن الفيديو الذي جرى التقاطه للقبلة الزوجية وتسرب إلى العديد من مواقع «الإنترنت» كشف أن كارلا بروني كانت حاضرة في استوديو القناة الأُولى لمتابعة أداء زوجها والسهر على اكتمال مظهره، مثل أي خبير في الدعاية أو ما يسمى «التسويق السياسي». ويمكن لمن يشاهد «الفيديو» أن يرى الزوجة الثالثة للرئيس الشاب تتقدم منه وهو جالس على الكرسي المواجه لمقدمة نشرة الأخبار، لكي تعدل في اللحظة الأخيرة من وضع الزر الصغير لوسام الشرف الفرنسي في عروة سترته، ثم لتطبع على فمه قبلة سريعة من نوع «حظ سعيد».

إنها المرة الأُولى التي ترافق فيها زوجة أحد رؤساء الجمهورية زوجها إلى حصة تلفزيونية وتأخذ دورا في تحضيره لـ«الامتحان» بشكل كان من المقرر أن يبقى سريا وفي إطار محدود. لكن العادة جرت في البرامج التلفزيونية التي تبث على الهواء، ومنها نشرات الأخبار، أن يبدأ تشغيل الكاميرات قبل دقائق من بدء البث، على أن تحتفظ القناة بتلك الهوامش المصورة بشكل طبيعي، مع ما يدور خلالها من كلام وتعليقات، في مأمن من الخروج للعلن. فمن الذي سرب «قبلة كارلا» إلى الفضاء العام؟

المسؤولون في القناة الأُولى، وهي خاصة وغير مملوكة للدولة، أعلنوا أنها المرة الأُولى التي يحصل فيها مثل هذا التسرب من داخل المحطة. وأكدوا في تصريح لصحيفة «الباريزيان» التي ما زالت تضع لقطة القبلة على موقعها الإلكتروني، أن تحقيقا قد فتح حول الموضوع لأن ما جرى يخالف ميثاق الشرف الذي من المفترض أن يلتزم به طاقم المحطة، سواء أكانوا صحافيين أو تقنيين. لكنها ليست المرة الأُولى التي تتسرب فيها إلى الشبكة الإلكترونية لقطات «مختلسة» من مشاركة ساركوزي في برامج تلفزيونية. ففي عام 2008 بث موقع «شارع 89» الإخباري تسجيلا يتضمن تعليقات جانبية للرئيس، «خارج الهواء» وهو يحل ضيفا على نشرة الأخبار في القناة الثالثة. وكان التعليق، يومها، يمس بصورة ساركوزي لأنه كان يعكس امتعاضه من رفض أحد الفنيين الرد على تحيته، قبل بدء البث. كما رأى متابعو الموقع ساركوزي وهو يسأل الصحافي جيرار لوكلير عن الفترة التي أمضاها «في الدولاب»، أي معاقبا ومحروما من الظهور على الشاشة. وكانت نتيجة التسرب استجواب أحد العمال الفنيين من القناة بتهمة تسريب التسجيل إلى صحافي خارجي.

وعودة إلى كارلا، فإنها لم تكن تخفي رغبتها في مساندة زوجها في حملته الانتخابية الجديدة، رغم أنها كانت تتمنى لو يترك السلطة ويمنح وقتا أطول لعائلته. ومن هذا المنطلق أعلنت أنها ستكون بجواره في التجمع الكبير الذي يعقده مع أنصاره في مدينة مرسيليا، جنوب البلاد، اليوم الأحد. كما ستشارك كارلا، لا بصفتها الفرنسية الأُولى بل كزوجة للمرشح ساركوزي، في المهرجان الجماهيري الذي يعقده زوجها في بلدة فيلبنت، شمال باريس، في 11 من الشهر المقبل، بحضور 60 ألفا من مؤيديه. إن الزوجة الإيطالية الأصل تريد أن تلعب دورها على الطريقة الأميركية، أي أن تكون موجودة في جميع صور الحملة، لصق الزوج المرشح. لذلك كثرت التصريحات والمقابلات التي تنشرها الصحافة مع كارلا خلال الأيام الماضية. لقد قررت كارلا بروني، عارضة الأزياء السابقة والمغنية الحالية، أن تنزل بكل ثقل شهرتها وثروتها وخبرتها وعلاقاتها في المعركة لصالح زوجها ووالد ابنتها التي رزقت بها على كبر. وهي في كل تصريحاتها تؤكد أن ساركوزي هو «الأفضل» و«الأشجع» و«الأكثر خبرة» بين المرشحين. وهي ترفض تصديق استطلاعات الرأي التي تضعه في المرتبة الثانية بعد المرشح الاشتراكي فرانسوا هولوند وتقلل من مصداقية الطريقة التي يتبعها معدو استطلاعات الرأي والإحصائيات. كم تؤكد كارلا أن زوجها لم يتردد ولم يشك في قدراته الذاتية مطلقا. «أنا أنام معه كل ليلة وأستيقظ معه كل صباح ولم أعرف أُناسا كثيرين لهم مثل هذه الثقة، ولو كان لديه طيف من الشك فإنه سرعان ما يتجاوزه».

يمكن القول إن المغنية التي عاشت حياتها امرأة حرة بكل معنى الكلمة، قد تحولت على يد ساركوزي من الإيمان بمبادئ اليسار، مثل غالبية أهل الوسط الفني والثقافي، إلى الاقتناع بخط اليمين والدفاع عنه والقول: «أنا أُساند زوجي بدرجة مائة في المائة وأعيش معه تجربة انتخابية جديدة عليّ». وبموازاة ذلك، تواصل كارلا نشاطها الإنساني عبر مؤسستها الخاصة. وقد زارت، الخميس الماضي، مركزا طبيا في ضاحية باريس الجنوبية وحضرت حفلا لرباعي موسيقي وتري لصالح فريق الإسعاف، كما قدمت تبرعا بقيمة 58 ألف يورو.