«الغاط» تنفض غبار 80 ألف عام من تاريخها وتستنطق كنوزها الأثرية التراثية

من خلال تدشين متحفها في قصر الإمارة القديم على هامش زيارة الأمير سلمان للمحافظة

الأمير سلطان بن سلمان يدشن متحف الغاط على هامش زيارة الأمير سلمان للمحافظة
TT

فتحت زيارة الأمير سلمان بن عبد العزيز وزير الدفاع إلى محافظة الغاط أول من أمس الأربعاء لرعاية الحفل السنوي لتكريم الحاصلين على جائزة الأمير خالد بن أحمد السديري للتفوق العلمي في دورتها الخامسة العشرين، كنوز محافظة الغاط الأثرية والتراثية وواقعها القديم والحديث، حيث قام الأمير سلطان بن سلمان الأمين العام لهيئة السياحة والآثار بتدشين متحف الغاط الواقع في مبنى الإمارة التاريخي للبلدة القديمة، الذي أعيد ترميمه. واحتضن المتحف ضمن مشروع القرية التراثية في الغاط القديمة، وأقيم احتفال كبير بهذه المناسبة التي أعادت صورا من واقع محافظة الغاط قديما وحديثا عبر رصد أبرز آثارها ومعالمها التاريخية والتراثية وأوجه الحياة فيها وواقعها الاجتماعي والتعليمي والزراعي والاقتصادي بالإضافة إلى الحياة الفطرية.

وأبرز المتحف أوجه ممارسة الإنسان في محافظة الغاط لصناعة الأدوات الحجرية خلال العصر الحجري القديم الأوسط (المستيريا)، أي قبل نحو 80 ألف سنة، كما رصد المتحف إسهامات الغاط في عهد الدولة السعودية الأولى والثانية. كما أبرز المتحف قصر الإمارة في الغاط والمراحل التي مر بها والتي انتهت آخر إماراته قبل 65 عاما في عهد الأمير ناصر بن سعد السديري.

وقد أعيد ترميم القصر مؤخرا بنفس طرازه السابق ليحتضن المتحف بعد أن قدمه ورثة الأمير ناصر بن سعد بن عبد المحسن السديري إلى الهيئة العامة للسياحة والآثار لاستخدمه متحفا لمحافظة الغاط لمدة 20 عاما دون مقابل.

واحتوى المتحف على معلومات وصور عن الغاط في عصور ما قبل الإسلام وعن الحياة الفطرية في المحافظة، مبرزا متنزه الغاط الوطني الذي يقع في أعلى وادي الغاط وعلى بعد 7 كيلومترات من البلدة القديمة، ويحتوي على عشرات من الأنواع النباتية المعمرة والحولية. وسجل المتحف واقع التجارة القديمة في الغاط التي اعتمدت على الجهد الفردي البسيط وممارسة التجارة، كما قدم المتحف سجلا يتناول الحرف والمهن التي مارسها السكان وتوارثوها عن الآباء والأجداد وعرض أبرز العملات النقدية التي استخدمت في التعامل في البلدة القديمة.

وقدمت الوثائق التي أبرزها المتحف واقع التعليم في الغاط، حيث تشير الوثائق المحلية إلى اهتمام الأهالي بالتعليم في وقت مبكر ووجود مدرسة في الغاط عام 1776م عرفت آنذاك بالكتّاب، في حين افتتحت أول مدرسة نظامية حكومية عام 1948م، وعرض المتحف سجلا عن رجال التعليم والقضاة والنساخ.

كما قدم المتحف معلومات عن المنطقة التي كانت مورد ماء قديما لبني تميم، أقاموا فيه وسكنوه وسكن معهم غيرهم، حيث جاء في ديوان النقائض: «قال أبو عبيدة: حدثني مسحل بن كسيب قال: حدثتني أمي زيداء بنت جرير قالت: فمر بنا الفرزدق حاجا حتى نزل بالغاط ونحن فيها». وقد ورد ذكر الغاط في أشعار بني تميم وغيرهم، ومن ذلك ما قاله بلال بن جرير:

أما علمت أني أحب لحبها لغاطا فجاد المدجنات بها الودقا ومما قاله عمارة بن عقيل بن بلال بن جرير:

فأطم ذا مرخ فبات يكبه عما اطمأن من الكثيب توثب وعلا «لغاط» فبات يلغط سيله ويثج في لبب الكثيب ويصخب ويوجد إلى الشمال الشرقي من بلدة الغاط وبالقرب من موضع النقوش الثمودية وعلى الضفة الشرقية لوادي مرخ، موضع يسمى «الحطية»، وأصلها «الحطيئة» نسبة إلى الشاعر المعروف، به مورد ماء وآثار منازل، ويقال إن به قبر الحطيئة، ولا تزال آثار البئر واضحة المعالم.