«جماعة الهجرة إلى الجنوب» ترفع شعار «العودة إلى الجذور»

تعيد إحياء فن الربابة درة تراث صعيد مصر بطرق جذابة

TT

اشتهر صعيد مصر بفن الحكي على الربابة، وبرز في الموالد والمناسبات الدينية والشعبية وفي جلسات السمر، وارتبط تراث هذا الفن بالملاحم والسير الشعبية والبطولات التي تغنى بها الشعراء، ولعب منشد الربابة دورا مهما في حفظ وتوثيق هذا التراث ليتواصل مع الأجيال؛ لكن مع ظهور مستحدثات فنية كثيرة بدأ هذا الفن في التراجع، وأصبح مهددا بالاندثار.

«جماعة الهجرة إلى الجنوب» أخذت على عاتقها إحياء تراث فنون الصعيد. وتحت شعار «العودة إلى الجذور»، قامت الجماعة بتقديم تراث هذا الفن في صور جديدة جذابة تنعش ذاكرة أهالي الصعيد والأجيال الجديدة في شتى المحافظات الأخرى والتي لم تعاصر فن الربابة.

مؤسس الجماعة السيد أبو العباس محمد أشار إلى أن المسرح هو أحد الأنشطة التي تهتم بها جماعة «الهجرة إلى الجنوب» ضمن أنشطتها المتنوعة؛ حيث يتم التركيز على الفنون التراثية القادمة من قلب صعيد مصر، خاصة فن الربابة المعروف والذي يعد درة تراث الصعيد. وكما يقول أبو العباس: «نحن نهدف إلى توثيق كل تراثنا الشعبي إضافة إلى تقديمه للجماهير داخل الصعيد وخارجه بصورة جذابة للكبار والصغار معا، ومن هنا لجأنا إلى استخدام العرائس في عروضنا وبالفعل لقيت إقبالا كبيرا وتفاعلا من الجماهير خاصة في القاهرة ومن الجماهير التي لم تشاهد فن الربابة من قبل، فقد جرت العادة على أن يرتبط فن الحكي على الربابة بالسير والملاحم الشعبية وقصص البطولات مثل السيرة الهلالية أو حسن ونعيمة؛ ولكن الجديد الذي نقدمه الآن هو عرض مقتبس من أحداث ثورة 25 يناير والواقع والأسباب التي أدت إليها مرورا بكل الأطراف التي شاركت في الثورة والمشاركين على الساحة الآن مثل المجلس العسكري والإخوان المسلمين ومشكلات الشارع والانتخابات وقضايا الدستور والبرلمان، وكل مفردات المشهد الحالي في مصر نقدمه في شكل سيرة تغنى على الربابة، فالعادة في السير الشعبية التي تحكى على الربابة أن يكون لها بطل يتغنى الناس باسمه ويسردون بطولاته وشجاعته ولكن في هذا العرض البطل هو الشعب المصري كله لأنه يستحق ذلك عن جدارة لأنه هب وانتفض وقام بالثورة المصرية التي أسقطت الظلم والفساد ومن هنا فهو يستحق أن يكون بطلا لسيرة يتغنى بها الناس والشعراء».

وحول طبيعة الكلام المغنى على الربابة يوضح أبو العباس أن ما يغنى على الربابة يعتمد تأليفه على نظام المربعات أو فن «الواو» وهو عبارة عن أربعة مقاطع متتالية، وهو فن قولي شعبي يكتب باللغة العامية الدارجة بين الناس ويصاغ على وزن شعري معين، ويكتب على شكل مقطوعات كل منها على هيئة أربع شطرات، ولهذا أيضا يسمى فن المربعات الشعرية بحيث يكون هناك اتفاق في القافية بين الشطر الأول والثالث واتفاق بين الشطر الثاني والرابع وسمي بفن الواو لكثرة واو العطف فيه، وعادة ما يكون بشكل حكاية متكاملة ينشدها الراوي بالبدء بالصلاة على الرسول ومدحه، ثم الحكاية الأساسية أو السيرة الشعبية التي تحكى ليختم في النهاية بعبرة وعظة يخرج بها المستمعون من هذه السيرة أو الملحمة بكل ما فيها من أحداث وعبر.

ويقول أبو العباس: «إن عرض سيرة مصر على الربابة من تأليف الشاعر عبد الستار سليم وهو رائد فن (الواو) في مصر الآن، ويشاركنا في العمل في مسرح (جماعة الهجرة إلى الجنوب) مجموعة من شباب الفنانين من القاهرة والصعيد على السواء، ونعمل بنظام ورش العمل في أي عمل نقدمه لأن وجود العديد من الآراء ووجهات النظر يثري العمل بلا شك ويتيح المشاركة والتفاعل بيننا».

يشار إلى أن «جماعة الهجرة إلى الجنوب» أنشئت عام 2009 في محافظة قنا بصعيد مصر للاهتمام بكل ما يتعلق بالصعيد من مشكلات وقضايا وفنون وتراث ولتسليط الضوء عليها باعتبار أن التركيز دائما يكون على القاهرة والمحافظات الكبرى، بينما تعتبر محافظات الجنوب في بؤرة أقل من الاهتمام من كل النواحي. وشارك في إنشاء هذه الجماعة نخبة من المثقفين المصريين من أهل الجنوب لتكون صوتا يعبر عن صعيد مصر ويحيي تراثه ويعرض مشاكله تحت شعار «مصر ليست القاهرة فقط».