معرض الكتب المستعملة في جدة يجذب الشباب

40% حجم المبيعات

TT

على الرغم من انتشار الفكرة النمطية لدى الكثيرين من عزوف الشباب عن القراءة واقتناء الكتب، بسبب توجههم إلى التقنية الحديثة والإلكترونيات، فإن معرض الكتب المستعملة الذي أقيم بمدينة جدة، أول من أمس، أوضح عكس ذلك، حيث أكد حضور الشباب اللافت للمعرض أهمية الكتاب بالنسبة لهذه الفئة.

وقالت عبير عبد العزيز النويصر، مسؤولة لجنة مواكب الأجر في جمعية أيتام الطائف، ومسؤولة معرض الكتب المستعملة، لـ«الشرق الأوسط»، إن فريق العمل كان بين متفائل وغير متفائل حول نسبة الحضور ونجاح المعرض، وأضافت: «لم يكن لدينا توقع عال لنسبة الحضور، إلا أنه بعد مرور أول يومين على إقامة المعرض فوجئنا بالعدد الذي تجاوز 100 زائر وزائرة على الرغم من صغر المساحة التي أقيم عليها المعرض».

وبلغ حجم مبيعات الكتب في المعرض إلى ما يقارب 40 في المائة من نسبة ما تم عرضه خلال اليومين الأول والثاني للمعرض، وأوضحت الأنصاري أن دخل المعرض يعود لرعاية أيتام الطائف. وأشارت إلى أن الشباب سجل نسبة حضور أكبر من الفتيات، مشيرة إلى حضور بعض الشخصيات المعروفة من قبل المجتمع، كالدكتور زغلول النجار، والأميرة لمياء آل سعود التي أهدتهم بعض الكتب لبيعها في المعرض، من الشخصيات أيضا الدكتورة فاطمة نصيف، والدكتور علي بادحدح، والدكتورة فاتن حلواني، إضافة إلى عدد كبير من الشخصيات الأجنبية ومنسوبي السفارات والجاليات.

وبينت أنهم لا يزالون إلى الآن يستقبلون كتبا ولديهم مخزون كبير منها، وقالت: «في حال قررنا إقامة معرض آخر للكتاب فلدينا مخزون كاف، وما زلنا نستقبل اتصالات كثيرة».

وحول الإعلان عن المعرض واستقطاب الزوار، أشارت الأنصاري إلى أنهم لم يعلنوا بالشكل الكافي عنه، وقالت: «على الرغم من عدم الإعلان بشكل مكثف عن المعرض، فإننا وجدنا الجميع يتحدث عنه، خاصة عبر وسائل الإعلام الحديثة كالـ(فيس بوك) و(تويتر)».

ولفتت إلى أن عامل السعر كان جاذبا جدا، حيث أشارت إلى ارتفاع سعر الكتب في المكتبات، الأمر الذي يجعل الشباب يعزفون عن اقتنائها، وقالت: «عندما يذهب الشخص لأي مكتبة ويشتري كتابا أو كتابين يدفع مقابلها أكثر من 100 ريال، بينما يشتري من هنا مجموعة كبيرة من الكتب لا يتجاوز سعرها 100 ريال»، مبينة أن لديهم كتبا يصل سعرها إلى 50 ريالا، ولكن كميتها قليلة، وفي المقابل لديهم كتب أسعارها دون الـ10 ريالات.

وحول فكرة المعرض أوضحت أن الفكرة التي انطلق منها هي إعادة تدوير جميع المقتنيات بين مختلف فئات المجتمع، فالشخص الذي يستغني عن شيء ويعتقد أنه لم يعد بحاجة إليه، قد يكون مفيدا لشخص آخر، أو قد يكون ضروريا بالنسبة له، ومن الممكن أن يحصل عليها بأسعار بسيطة ويستفيد منها.

وأضافت النويصر: «من ضمن المقتنيات التي يجب إعادة تدويرها الكتب، لا سيما أن هناك كثيرا من الناس يستغنون عن الكتب ويرسلونها لجمعيتنا ضمن المقتنيات التي هي بحاجة لتدوير، ومنهم من يرسلها في كراتين أو حقائب خاصة كتبرع، وفي جميع الأحوال، حتى عندما ترسل للجمعية كنفايات فنحن نستخرج ما نجده صالحا ونظيفا ويمكن استخدامه ونضعه بالمكتبة للبيع».

وبينت أنه بسبب كثرة الكتب التي تأتي للجمعية قاموا بإنشاء مكتبة «الوراق» للكتاب المستعمل، نسبة إلى الوراق وهو الشخص الذي يقرأ كثيرا، والورقيات الكثيرة، ومكتبتنا غنية وتضم آلاف الكتب المتنوعة وبمختلف اللغات، وكل كتاب يختلف عن الآخر، وحتى لو كانت هناك كتب متشابهة بالأسماء تكون الطبعات مختلفة.

وتشير إلى أنه في حالة بعض الكتب القديمة القيمة التي قد تكون طبعت منذ 50 عاما وتحمل أسعارا منخفضة بما يقارب 3 أو 5 ريالات، فإن المسؤولين في الجمعية يقومون برفع سعرها إلى 30 ريالا مثلا. وأضافت: «بالنسبة لصور المخطوطات فقد تصل قيمة الواحدة منها إلى 200 ريال، ومن المؤكد أن لها بالأسواق قيمة أكبر، ولكن هذا ليس تخصصنا، فالشخص الذي يشتريها يعرف كيف سيتداولها في الأسواق».

وقالت النويصر: «هذه هي المرة الأولى التي يقام فيها معرض متخصص للكتب المستعملة، وحاولنا عدة مرات في السابق مع المستشفيات والمدارس والمقاهي، أن نضع ركنا للكتاب، بحيث إن الشخص الذي يجلس للانتظار يشغل وقته في المطالعة والقراءة».

وحول وعي المجتمع السعودي بالقراءة وأهمية اقتناء الكتب، أوضحت أن وعي المجتمع السعودي عال من حيث إحضار الكتب للجمعيات، ولكنه للأسف منخفض جدا من حيث قراءة الكتب أو الإقبال على شرائها.

ومن بين الكتب الموجودة داخل المعرض مجموعة الاثنينيات التي تقام في منزل الدكتور عبد المقصود خوجة، إضافة إلى كتب تتحدث عن تاريخ المملكة العربية السعودية، وكتب تتناول مسيرة حياة الملك سعود وإنجازاته.

وحول التجهيز لإقامة المعرض، أوضحت أن ذلك استغرق منهم ما يقارب أسبوعا، وقالت: «نعمل بشكل يومي على إعادة ترتيب المعرض بعد نهاية كل يوم، لوضع كتب جديدة بدلا من التي تم بيعها، وبينت أن ما تم عرضه لا يمثل عشرة في المائة من الكتب التي تم استقبالها».

وكشفت النويصر عن أن هناك نية لتمديد المعرض لمدة أسبوع آخر، لأن هناك ترتيبا مع بعض المدارس والجامعات لعمل زيارات خاصة للطلاب، لافتة إلى أنهم طلبوا من بعض المكتبات أن يكون بينهم تعاون من خلال وضع ركن داخل المكتبة للكتب المستعملة، إلا أنهم لم يجدوا ترحيبا وقبولا، لأن الحديث يكون غالبا مع البائعين وليس أصحاب القرار. ومن طموحات الجمعية المشاركة في معارض دولية للكتب المستعملة: «لو أنشئ معرض دولي للكتب المستعملة فسنكون أول المشاركين».

علي عنبري، مهندس ديكور ومن الأشخاص المهتمين بالكتب، جاء لزيارة معرض الكتب المستعملة، أبدى في حديث لـ«الشرق الأوسط» أسفه لأن الناس الآن بدأت تزهد في الكتب وتبتعد عنها، وأصبحت المعرفة والقراءة عن طريق الكومبيوتر والإنترنت، وقال: «على الرغم من انتشار الكتب والقراءة عبر الأجهزة الإلكترونية، فإن تقليب أوراق الكتب له نكهة وطعم خاص لا يفهمه سوى عشاق الكتب».

وأشار إلى أن معرض الكتب المستخدمة الذي يقام لأول مرة يعتبر معرضا شائقا لأنه ملم بجميع ما يرغب بقراءته، وقال إنه يشتري هذه الكتب للاستخدام الشخصي وأيضا لإهدائها أو إعارتها، لافتا إلى وجود كتب نادرة باللغة العربية والإنجليزية.

وأشارت النويصر إلى مجموعة من الكتب غير مطروحة في الأسواق عبارة عن إهداء من إحدى بنات الملك سعود لمعرض الكتب المستعملة أثناء زيارتها للمعرض، ومجموعة كتب عن الملك فيصل، وكتب عن توسعة وعمارة الحرمين، وكتاب ذكريات أصغر مرافق للملك عبد العزيز، إضافة إلى كتب أخرى غير موجودة داخل المكتبات.

من جهة أخرى أوضح عبد الهادي ياسين، أحد المتطوعين المشاركين في المعرض والذي عمل لفترات طويلة في أعرق إحدى المكتبات بالسعودية، اختلاف حجم الإقبال على الكتب عن السابق، وقال: «أنا مؤمن بأن الشخص الذي يعمل في مجال بيع الكتب لا بد أن تكون لديه خبرة كافية بها، إضافة إلى ضرورة أن يكون متخصصا في معرفة نوعيتها»، لافتا إلى أن تدني الرواتب للعاملين في المكتبات أدى إلى عزوفهم عن العمل فيها، حيث يتراوح راتب العامل فيها بين 1800 ريال و4000 ريال.