ليلة في العاصمة المغربية تألقت فيها موسيقى الأطلس المتوسط

تكريم «المايسترو» المعمر.. ورويشة «عميد الوتر الأمازيغي» في الرباط

حفيد المايسترو يؤدي رقصة أحيدوس مع فرقة الجد (تصوير: منير أمحيمدات)
TT

حشد كبير من المبدعين والموسيقيين والمهتمين بالفنون وجمهور كبير من عشاق تراث الأطلس المتوسط، تابعوا السهرة الفنية، التي نظمت الليلة قبل الماضية، في مسرح محمد الخامس بالرباط، حيث جرى تكريم الفنان الراحل محمد رويشة والاعتراف بما قدمه موحا أوالحسين أشيبان، والذي يعرف باسم «المايسترو» لفن «أحيدوس» على مدى أكثر من ثمانية عقود. وأدى عدد من المطربين وبعض فرق المنطقة رقصات بديعة، وكانت ليلة موسيقية متألقة.

وكان موحا أوالحسين، المعروف بلقب «المايسترو»، قد تعرض لوعكة دخل على أثرها المستشفى، قبل أن تتحسن حالته الصحية، حيث كان مقررا لحفل التكريم أن ينظم نهاية العام الماضي، غير أن رحيل محمد رويشة فرض تأجيله حتى يتزامن تنظيمه مع الذكرى الأربعينية لوفاته. وظل رويشة يعد من أبرز الذين تغنوا بأغاني الأطلس المتوسط، باللغة الأمازيغية، وعد رحيله خسارة كبرى للمشهد الفني في المغرب، حيث شكل «تجربة غنائية متفردة استنفرت مكنون الذات في أشواقها الوجدانية والروحية»، إلى درجة لقب معها «عميد الوتر الأمازيغي»، فقد شكل تكريم «المايسترو» موحا أوالحسين فرصة لاستعادة تاريخ ومساهمات هذا الفنان الكبير، الذي انطلق من جبال الأطلس ليعرف بالفن المغربي في أكبر المهرجانات الفنية، داخل المغرب وخارجه. ويشترك رويشة وأشيبان في أصولهما الأمازيغية وفي انطلاقتهما من نفس المنطقة، قبل أن ينالا شهرة تعدت الحدود.

وعلى الرغم من أن عمره يقترب الآمن قرن كامل، فقد ظل «المايسترو» موحا أوالحسين قادرا على التحرك على الخشبة في رشاقة وخفة ابن العشرين، فنان يلخص مغربا غنيا بتراثه الموسيقي والفني، ساحر ومتنوع بجغرافيته ومكوناته الحضارية والثقافية. ويحسب موحا أوالحسين، على منطقة الأطلس المتوسط، حيث ولد عام 1916، في «أزرو نايت لحسن»، ببلدة «القباب»، القريبة من خنيفرة، في وسط جبال أطلس المتوسط. بدأ حياته راعيا للغنم، وتعلم الغناء على يد والده، قبل أن يلتحق بكتيبة الجنود المغاربة، في الجيش الفرنسي، التي شاركت في الحرب العالمية الثانية، ضمن قوات الحلفاء، ضد ألمانيا.

وارتبط اسم «المايسترو» برقصة «أحيدوس»، وهي من تراث الفن الشعبي الاستعراضي، الذي يميز منطقة الأطلس المتوسط، منذ قرون طويلة.

وأطلق رونالد ريغان، الرئيس الأميركي الأسبق، عام 1984، لقب «المايسترو» على موحا أوالحسين حين شاهده في «ديزني وورلد» في الولايات المتحدة الأميركية، في جولة فنية، نال خلالها موحا أوالحسين إعجاب الأميركيين. ويقال إن ريغان اقترح عليه الإقامة في أميركا، غير أن كريم العمراني، رئيس الوزراء المغربي، في ذلك الوقت، قال للرئيس الأميركي إن المغرب محتاج إلى فنانه أكثر.

وإلى لقب «المايسترو»، سبق لجاك شيراك، الرئيس الفرنسي السابق، أن أطلق على موحى أو الحسين لقب «الأسطورة»، بينما يلقبه أعضاء فرقته بـ«النسر»، نظرا للحركات التي يؤديها برشاقة، تجعله أشبه بنسر محلق، ما بين السماء والأرض، أما سكان منطقة الأطلس المتوسط، فيطلقون عليه لقب «إزم» أي الأسد. والجميل في حكاية «نسر الأطلس»، أن ابنه الحسين ظل يقود الفرقة، في غيابه، علاوة على أن حفيده، محمد، صار يرافقه في حفلاته ورقصاته. وبهذا، يكون المايسترو نقل ولعه بفن «أحيدوس» إلى أبنائه وأحفاده. وخلال حفل التكريم ظهر حفيده على الخشبة، كما أن ابن الفنان محمد رويشة أدى بدوره أغنية من أغاني والده، وبدا واضحا أنه سيسير على الدرب نفسه.