قصر الإمارات يحتفي بأضخم مزاد لـ400 تحفة نادرة وقطعة فنية

يضم ستارة الكعبة المشرفة وسيوفا من الذهب الخالص ودنانير من العصر العباسي

TT

افتتح معرض المزاد العلني للتحف والقطع النادرة الذي تنظمه شركة «المصب» الإماراتية للمزادات في قصر الإمارات، يومي 2 و3 من مارس (آذار) الحالي، حيث يحتوي قرابة 400 تحفة فنية وقطعة تاريخية نادرة، وفي مقدمتها «ستارة باب الكعبة المشرفة» المسماة «البرقع»، كما يضم المزاد المجموعة الشخصية للملاكم العالمي الشهير، محمد علي كلاي، الذي احتفل بعيد ميلاده السبعين مؤخرا، إضافة لعشرات من المنحوتات واللوحات الفنية والسجاد الشرقي النادر والعملات التي تعود لمئات السنين.

وخلال جولة بين أرجاء التاريخ الساحر لهذه القطع الفنية، برفقة المدير التنفيذي للشركة المنظمة، علي البياتي، والخبير محمد البغدادي، جرى الحديث عن المزاد وتفاصيل القطع الفنية المعروضة فيه.

من القطع النادرة «ستارة الكعبة المشرفة» التي تسمى «البرقع»، وهي الأبرز في المجموعة المعروضة لندرتها وتقديس المسلمين لكل ما يتعلق بالحرم الشريف، يقول الخبير علي البغدادي: «لقد اعتادت الكعبة المشرفة استقبال ما يعرف بالكسوة الشريفة قبل موسم الحج في كل عام منذ مئات السنين، وكان يجري استقبال محمل الكسوة التي كانت تنطلق من مصر أو دمشق بحفاوة بالغة كأنه يوم عيد، وفي عهد مؤسس المملكة العربية السعودية الملك عبد العزيز آل سعود، أمر بإنشاء مشغل خاص للكسوة الشريفة عام 1927، إلا أن المشغل لم يبدأ الإنتاج رسميا إلا في الستينات من القرن الماضي، وستارة باب الكعبة المشرفة المعروضة في المزاد التي تعتبر الأقدس والأندر بين مجمل قطع الكسوة فهي مصنوعة أيام الملك فهد بن عبد العزيز عام 1998، وهي منسوجة بخيوط الفضة والفضة المطلية بالذهب الخالص، وهي من القطع التي يحرص المسلمون في جميع أنحاء العالم على التبرك بها تكريما لبيت الله الحرام».

ويجذب عشاق الرياضة وهواة المشاهير مجموعة نادرة من القطع الخاصة ببطل الملاكمة العالمي محمد علي كلاي، حيث يعرض في المزاد «حزام البطولات الثلاث»، الذي قدمه مجلس الملاكمة العالمي لكلاي باعتباره أول ملاكم ينال بطولة العالم لثلاث مرات متتالية، كما يعرض المزاد قفازا استخدمه كلاي في مباريات البطولة موقعا من قبل كلاي وأربعة من أشهر ملاكمي عصره، وللإشارة فإن قفازا آخر بيع في مزاد بالولايات المتحدة قبل أيام بمبلغ يفوق 750 ألف دولار بمناسبة الذكرى السبعين لميلاد البطل، وتحوي المجموعة أيضا صورا نادرة لكلاي تعرض للمرة الأولى وهي بتوقيعه، ومن بينها صورة نادرة يظهر فيها وهو يقف في وضع التأهب للملاكمة ويجلس أمامه على الأرض أعضاء فرقة «البيتلز» الشهيرة.

التجول بين أرجاء القطع النادرة المعروضة يحتاج لأكثر من يوم بأكمله، لا للتعرف على تواريخها وتفاصيلها فحسب، بل للجمال والسحر المخبأ فيها، ففي قسم الفضيات تطالعك القطع المصنوعة ببراعة وتعود لقرون من الزمن، فيها الفضة العراقية والعثمانية والفارسية والقوقازية والروسية، ومنها قطع للمائدة تزيد الطاولة بريقا وجمالا، وفي مجموعة المجوهرات والحلي النادرة والمسكوكات، تأتيك «الدنانير» الإسلامية التي تعود للعصر العباسي الأول والثاني بحالة جيدة جدا، ومن بين أبرز النوادر في هذا القسم من المزاد هي «المجموعة الفلسطينية الكاملة» التي سُكّت أيام الانتداب البريطاني منذ عام 1927 - 1946، والمجموعة الكاملة للعملات العراقية في عهد الملك فيصل الثاني. وفي مجال فن الرسم، يقدم المزاد فرصة مهمة لمقتني الأعمال الفنية للاطلاع على مجموعة من أجمل الأعمال لأبرز رسامي العراق، فمن الرواد: عبد القادر الرسام، عاصم حافظ، نزيهة سليم، شاكر حسن آل سعيد، فايق حسن، حافظ الدروبي، نوري الراوي، بهيجة الحكيم، ومن المحدثين، طه الدوري، محمد الشمري، حسن عبد علوان وآخرون من الفنانين المهمين. ولأن الشرقيين عشقوا المنسوجات والسجاد العجمي بأنواعه، فإن رؤية مجموعة بديعة من 70 سجادة تعرض في المزاد أخّاذة وساحرة، وكلما مر بها الزمن تزداد جمالا»، منها سجادة مميزة من بلاد القوقاز تعود لنهاية القرن التاسع عشر وتصور بيت المقدس، وقطع تركية نادرة من الصوف والفضة تعود لما قبل قرنين من الزمن، من أجملها قطعة للصانع الشهير يونجي تصور عبر الخطوط والرسوم أحداث مرحلته التي عاشها، أما السجاد العجمي فيضم الأنواع التالية: كاشان، محتشمي، عطائي، كرمان، اللاور. ومن أبرز قطع هذه المجموعة سجادة «قم» نادرة تصور بلوحة فنية انتصار نادر شاه القاجاري على ملوك الهند المغول، وهي محاطة بالأشعار الشهيرة، وسجادة أصفهانية نادرة وأخرى من «الهاريكا» الحرير المزينة بالكتابة.

في قسم السلاح، نجد مجموعة من القطع الفاخرة، من أجملها سيف مصنوع من الذهب الخالص في مكة المكرمة قبل عقود من الزمن، ومجموعة سيوف تاريخية لأهم صناع القرنين الـ18 و19، أبرزها سيوف مصنوعة على يد الصانع الشهير أسد الله الأصفهاني وولده كلبعلي، ومجموعة من البنادق والخناجر والخوذ الفضية والبرونزية التي تعود لفترات متأخرة من العصر العثماني، أما قسم المخطوطات والخط والمصاحف الشريفة، فهو يضيء بمصاحف تعود لقرون من الزمن، ومخطوطات وحلي لأشهر الخطاطين، كالتركي حامد الآمدي، والعراقي هاشم الخطاط البغدادي، وسعيد لطيف من سمرقند، إضافة لحلي شريفة من الخط مصنوعة من درع السلحفاة وموشاة بالصدف. بين قطع الأثاث والتحف الأوروبية القديمة التي تعود لقرون عصر النهضة، والتي تلتها، تدهش الزائر تلك البراعة في صناعة التحف والساعات المنضدية البرونزية وساعات الحائط من ماركة «سيفر» الفرنسية الشهيرة التي تعود للقرن التاسع عشر، وهي ساعات إمبراطورية كانت في قصور ونبلاء أوروبا من تصميمات أشهر الأسماء، كالفرنسي باول غارنييه، ومجموعة من الأثاث والتحف الأوروبية المصنوعة خصيصا للسوق الشرقية قبل قرنين من الزمن، كالزجاجيات الموشاة والمباخر والمزهريات البوهيمية النادرة، ويضم المزاد كذلك أكبر مجموعة برونزية شرقية يجري عرضها للنحات النمساوي الشهير فرانز بيرغمان، والنحات العالمي موريس سنغر، الذي تزين منحوتاته البرونزية الجميلة ساحات وقصور أوروبا كساحة «الطرف الأغر» وساحة البرلمان في بريطانيا، والنحات الاستشراقي الشهير، غولي مور.

وبخصوص المزاد، يقول المدير التنفيذي لشركة «المصب» علي البياتي: «إنها المرة الثالثة التي ننظم فيها هذا المزاد في قصر الإمارات، حيث نظمنا، العام الماضي، مزادين لقيا إقبالا واسعا من قبل عشاق التحف والقطع النادرة، وهو ما شجعنا لتنظيم المزاد مرة أخرى». وبشأن نمو حركة الاقتناء للتحف في دولة الإمارات، يقول البياتي: «لقد ولدت خبرة أهل وسكان الإمارات وعشقهم للتاريخ والتحف واقتناء القطع النادرة؛ حركة مهمة في عالم اقتناء الأعمال والقطع والتحف الفنية النادرة، وحركة الفن والتراث في الدولة تطورت بصورة كبيرة خلال السنوات الماضية، حيث نجد المشاريع العملاقة للفن وقد وجدت حواضن حقيقية في أبوظبي ودبي».